في ظل بوادر عودة الحمائية: دعوات تحرير التجارة العالمية في مهب الريح

  • 2/6/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

محمد شمس الدين (أبوظبي) عندما نتحدث عن تحرير التجارة العالمية وفلسفة التحرر الاقتصادي التي تقضي بإزالة كل العوائق والحواجز أمام حرية التجارة العالمية، فإننا سنتحدث حتماً عن العولمة كثقافة داعمة لتبادل المصالح. ورغم الجهود التي قادتها دول كبرى ومنظمات دولية، في صدارتها منظمة التجارة العالمية، فإننا في نهاية المطاف نجد أن الرياح تأتي أحياناً بما لا يكون في أدنى درجات الحسبان أو المنطق. فقد أصبحت هناك بوادر لحرب قد تندلع بين الأقطاب التجارية، بسبب بوادر التوجهات الأخيرة للولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد عالمي. وكما تقول القاعدة، فإن لكل فعل رد فعل، ما يجعل تبني الأقطاب التجارية الدولية الأخرى ردود فعل تأتي في ذلك السياق بمثابة مخاطر للعودة للحمائية مرة أخرى. فقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عقب توليه مقاليد الحكم أول يناير الماضي، بإعادة النظر في بنود اتفاقية «نافتا» مع الجارين المكسيكي جنوباً، وكندا شمالاً، ودعاوى تقليل تدفق العمالة المكسيكية، والانسحاب من مفاوضات التجارة عبر ضفتَي المحيط الهادئ والتهديد بفرض رسوم على الشركات الأميركية التي تذهب إلى دول الآسيوية، كلها معطيات قد تسهم في تعزيز الانعزالية التجارية، ليس للولايات المتحدة فحسب ولكن للأطراف الشريكة لها، فضلاً على الدول ذات الثقل النسبي كالصين التي تعد ثاني أكبر اقتصاد عالمي. ولكن السؤال: إلى أي مدى ستتأثر طروحات تحرير التجارة العالمية بذلك؟ إذ من المتوقع ومن البدهي، أن لا تقف الأطراف والدول المتضررة مكتوفة الأيدي، وهو ما يعني أن أيديولوجيا تحرير التجارة وفتح الأسواق وتذليل العوائق، ستشهد انتكاسة. والسؤال الأهم: هل ستتأثر المكانة والمصالح التجارية لدولة الإمارات مع تزايد الحمائية، أو حتى إذا اندلعت حرب تجارية عالمية؟ استطلعت «الاتحاد» آراء عينة من الخبراء في هذا الصدد، ولم يستبعد الخبير الاقتصادي الدكتور هاني عطا، عدداً من المؤشرات التي قد تهدد تحرير التجارة العالمية، وبالنظر إلى ما تم من إجراءات خلال الأيام العشرة الأولى لتولي الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، سنجد أنه كان تنفيذاً لجزء مما وعد به خلال حملته الانتخابية، ما يمثل تغيراً جوهرياً في السياسة الاقتصادية الأميركية، التي بدأت تتبنى سياسات مضادة لاتجاهاتها الليبرالية وسياسة العولمة، وتتراجع عن المواقف التي تزعمتها طيلة العقود الأربعة الماضية، والداعية إلى تحرير التجارة العالمية. ووقَّع الرئيس الأميركي ترامب، خلال الأيام العشرة الأولى من حكمه، أمراً تنفيذياً تنسحب الولايات المتحدة بموجبه رسمياً من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ «TPP»، التي تجمع 12 دولة (أستراليا، وبروناي، وكندا، وتشيلي، واليابان، وماليزيا، والمكسيك، ونيوزيلندا، والبيرو، وسنغافورة، والولايات المتحدة، وفيتنام) التي تمثل مجتمعة نحو 40% من الاقتصاد العالمي، وإعلان نية أميركا بدء إعادة التفاوض مع كندا والمكسيك، للحصول على شروط أفضل بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية «نافتا»، المبرمة عام 1994، وأيضاً تهديد ترامب بمعاقبة الشركات التي بنت مصانع في المكسيك بدلاً من أميركا، وإمكانية فرض ضرائب ورسوم الجمركية على البضائع المستوردة لحماية السوق الأميركي. وأكد عطا أن هناك الكثير من الآثار السلبية المحتملة على الاقتصاد العالمي بشكل عام والاقتصاد الأميركي بشكل خاص ستتضح خلال الفترة المقبلة، خصوصاً إذا استمرت الإدارة الأميركية الجديدة في تعطيل سير بعض الاتفاقيات التجارية العالمية، وإيقاف تحرك نظام العولمة، واتباع نهج الحمائية الذي بدأت في الحديث عنه في الأيام السابقة، والذي يهدف إلى فرض الضرائب والرسوم الجمركية على البضائع المستوردة بشكل عام أو المستوردة من بعض الدول، خصوصاً الحدودية، أو الصين، دون الالتزام بالضوابط التي وضعتها منظمة التجارة العالمية لفرض أي ضرائب جمركية أو رسوم أعلى من الواردة بجداول التزاماتها. ... المزيد

مشاركة :