القاهرة: خالد محمود قررت أمس محكمة استئناف العاصمة الليبية طرابلس تأجيل النظر في القضية التي تضم اثنين من أبناء العقيد الراحل معمر القذافي و23 من رموز حكمه إلى 27 أبريل (نيسان) الحالي، بعد جلسة سريعة غاب عنها سيف الإسلام والساعدي نجلا القذافي، بينما حضر عبد الله السنوسي صهر القذافي ورئيس جهاز المخابرات السابق، ومسؤولون آخرون، في قفص الاتهام أمام المحكمة التي انعقدت وسط إجراءات أمنية مشددة بسجن الهضبة في العاصمة الليبية طرابلس.وقالت مصادر ليبية حضرت الجلسة لـ«الشرق الأوسط» إن المحكمة منعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الأميركية من دخول القاعة، وكذلك منعت بعض القنوات التلفزيونية والمحامين، كما لم يظهر سيف في المحكمة التي كان مقررا أن تجري عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من مقر محبسه الحالي في مدينة الزنتان الجبلية. وقال مسؤول أمني إن عطلا فنيا تسبب في عدم بث الجلسة كما كان مقررا عبر هذه الدائرة المغلقة. ويواجه المتهمون اتهامات من بينها: قمع ثورة السابع عشر من فبراير (شباط) عام 2011، وجريمة الإبادة الجماعية، والتحريض على الاغتصاب، وإصدار الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين العزل، وجلب المرتزقة وتشكيل ميليشيات مسلحة، بالإضافة إلى إحداث أضرار جسيمة بالمال العام. ولم يمثل الساعدي القذافي الذي سلمته النيجر أخيرا إلى ليبيا للمحاكمة، لأن التحقيقات ما زالت جارية، وفقا لما أعلنه الصديق السور رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي، الذي لمح أمس إلى أن السلطات الليبية ستتخذ قرارا بشأن جعل محاكمة شقيقه سيف الإسلام علنية أم مغلقة. وضم قفص الاتهام أيضا البغدادي المحمودي رئيس آخر حكومة للقذافي، ووزير الخارجية السابق عبد العاطي العبيدي، وأبو زيد دوردة رئيس المخابرات الخارجية السابق الذي حضر جلسات سابقة. وخلال الجلسة شكا كثير من المتهمين للقضاة الأربعة من عدم السماح لهم بالاجتماع مع محاميهم، أو من لقائهم أثناء جلسات المحكمة فقط، بينما طالب السنوسي بمعاملته مثل باقي السجناء وبالحصول على حق الزيارة والاتصال بمحام. وقال مدعون إنه سمح للسنوسي برؤية أقاربه، لكن منع محامون من زيارة موكليهم في السجن. وأعربت المحكمة الجنائية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى عن القلق بشأن نزاهة نظام العدالة الليبي على الرغم من أن الحكومة حصلت العام الماضي على حق محاكمة السنوسي في ليبيا بدلا من المحكمة الجنائية الدولية. وقالت حنان صلاح، الباحثة الليبية في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة «هيومان رايتس ووتش»، إنه إذا لم يحصل المتهمون على محاكمات نزيهة، فسيثير ذلك شكوكا حول ما إذا كانت ليبيا الجديدة تمارس العدالة الانتقائية. وأضافت أنه توجد حتى الآن مشكلات في التمثيل القانوني، حيث إن كثيرين ممن يحاكمون ليس لهم محامون من البداية، وأنه ركن أساسي لإجراء محاكمة عادلة. لكن وزير العدل الليبي صلاح المرغني أصر على علانية المحاكمة لضمان نزاهة العملية، وأنها ليست محاكمة هزلية. وأضاف أنه سيعمل على ضمان تطبيق المعايير الدولية، وأنه لهذا ستكون المحاكمة علنية. ونقلت عنه وكالة «رويترز» قوله إنه علم بأن المحامين قدموا شكاوى وذكر أن المحكمة ستنظر فيها وتبت في أمرها. في غضون ذلك، التزم المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الصمت لليوم الثاني على التوالي، ولم يعلن موقفا رسميا حيال الاستقالة المفاجئة التي تقدم بها رئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني من منصبه أول من أمس، على خلفية تعرضه لاعتداء مسلح من قبل بعض كتائب الثوار المسلحين بطرابلس، فيما غادر نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر إلى خارج ليبيا في إجازة طبية لمدة أسبوع لإجراء فحوصات طبية. ولم يذكر البيان المقتضب الذي أصدره المؤتمر الدولة التي قصدها أبو سهمين للعلاج، ولا طبيعة الفحوصات التي سيخضع لها، لكن مصادر ليبية مطلعة قالت في المقابل إنه ربما توجه إلى تونس أو تركيا. وكشفت المصادر، التي طلبت من «الشرق الأوسط» حجب هويتها، النقاب عما وصفته بمساعي واتصالات سرية لإقناع الثني بالعدول عن استقالته في ضوء إخفاق أعضاء المؤتمر الوطني في الاتفاق على بديل لشغل المنصب الشاغر منذ إقالة رئيس الحكومة السابق علي زيدان. وأعرب مجلس طرابلس المحلي في بيان تلاه مساء أول من أمس رئيسه، السادات البدري، عن استنكاره لحادثة الاعتداء التي تعرض لها منزل الثني وحرسه الشخصي، بعد أقل من أسبوعين من تعيينه في المنصب. وطالب المجلس الثني بالعدول عن استقالته وعدم تمكين التشكيلات المسلحة المشبوهة من نيل أغراضها في إرباك المشهد السياسي الليبي، وأن يمضي قدما في تشكيل حكومته. وعد البدري «الاعتداء على الحرس الشخصي لرئيس الوزراء والمحاولة البائسة للرماية على حرمة بيته، ما هي إلا إحدى الحلقات اليائسة والهزيلة في مسلسل إسقاط الشرعية، ومحاولة للدخول بالبلاد في نفق مظلم». وتأتي استقالة الثني وسط الفوضى المتنامية في ليبيا، حيث تكافح الحكومة الهشة للتغلب على التناحرات السياسية وكتائب المقاتلين السابقين بعد مرور قرابة ثلاثة أعوام على سقوط القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفي غياب جيش وطني حقيقي تواجه ليبيا صعوبات في انتقالها نحو الديمقراطية، في حين ترفض الكتائب التي حاربت القذافي تسليم سلاحها وكثيرا ما تتحدى سلطة الدولة. من جهة أخرى، دافع المستشار عبد القادر رضوان النائب العام في ليبيا، عن قراره بالإفراج الأسبوع الماضي عن ثلاثة ليبيين تابعين لإبراهيم الجضران زعيم المكتب السياسي لإقليم برقة في شرق البلاد، كانوا على متن ناقلة النفط الكورية الشمالية «مورنينغ غلوري» التي حاولت تهريب شحنة من النفط قبل أن تعيدها البحرية الأميركية إلى السلطات الليبية. وقال رضوان في بيان له مساء أول من أمس إن «حالات الضرورة والحالات الاستثنائية قد تدفع في كثير من الأحيان لأكثر من مجرد الإفراج على ثلاثة ليبيين مقابل مصلحة ستة ملايين ليبي التي قد لا تتحقق بحبس هؤلاء»، مشيرا إلى أن الحكماء والعقلاء في المناطق والقبائل الليبية أبلغوه بأن «الإفراج عن الليبيين الثلاثة سيؤدي إلى نتائج طيبة وانفراج في الأزمة».
مشاركة :