حادث سير قبل 13 عاماً غيّر حياة الشاب محمد البلوشي بشكل جذري، فمن إنسان عادي ومغمور وغير مؤثر في محيطه، إلى مصور فوتوغرافي مبدع يحمل أدواته على كرسي متحرك ويقيم معارضه الخاصة والمتنقلة، وينظم ورش عمل وتدريب للهواة، كما أصبح موظفاً حريصاً على تطوير ذاته وهواياته ويتعامل مع الحياة بإيجابية ويحظى بشهرة وشعبية في مجتمعه لكونه صاحب رسالة إنسانية راقية. تفاؤل يقول منسق الخدمات الإلكترونية في قناة «سما دبي»، محمد البلوشي (34 عاماً)، لـ«البيان»: تعرضت لحادث سير عام 2004، حيث اصطدمت بشاحنة أمامي نتيجة اصطدام شاحنة أخرى بسيارتي من الخلف، ولم أدرك بعدها ماذا حصل إلا عندما استيقظت في المستشفى وكان بإمكاني فقط تحريك لساني وعيني، وحينها حمدت الله على النجاة والبقاء على قيد الحياة، وقررت في لحظتها أن أحول ضعفي إلى قوة وأتعامل مع الواقع الجديد بتفاؤل. وتابع: أذكر أن أول سؤال طرحته على أشقائي بعــــد خروجي من غرفة العمليات كان يدور حول نتائج مباريات كرة القدم، الأمر الذي أثار دهشتهم، وحتى خلال رحلات العلاج لم أفقد الأمل وكنت واثقاً من أنني سأكون أفضل من السابق. تغيير وعن التغيير الذي طرأ على شخصيته، قال: قبل إعاقة الجسد والجلوس على كرسي متحرك، كنت إنساناً عادياً وعصبياً ومتذمراً في أحيانٍ كثيرة، أما بعد الإعاقة فقد أصبحت صبوراً ومبدعاً حريصاً على إفادة مجتمعي بما أملكه من طاقات، وموظفاً إيجابياً في موقعي، وهذا ما جعلني جديراً بالتكريم في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز فئة الجندي المجهول عام 2010، وهو أمر لم أكن أحلم به. خبرة البلوشي ليس مصوراً فوتوغرافياً هاوياً، بل إنه يُصنف ضمن المصورين ذوي الخبرة والكفاءة، ويمتلك حالياً كاميرا من نوع «نيكون» وكاميرا «فوجي» ذاتا وزن متوسط، وقال: بدأت التصوير قبل 5 سنوات، عندما اقترحت الزميلة عائشة المهيري فكرة تكوين فريق اسمه «بصمة ضوء» أعضاؤه مصورين من ذوي الإعاقة بالتعاون مع بعض المتطوعين، وصحيح أن الفكرة كانت جيدة إلا أنني كنت أتساءل عن كيفية التصوير وأنا على كرسي متحرك ولا أستطيع التحكم بأصابع يدي بشكل جيد، ولكن مع المحاولة وبالاستفادة من الإمكانيات والتقنيات المتاحة تعلمت أساسيات التصوير من خلال تثبيت الكاميرا على الكرسي. 45 لوحة وأضاف: انتقلت بهواياتي إلى مستوى متقدم في عالم التصوير، يتجسد بتزيين جدران مركز دبي للعلاج الطبيعي بـ45 لوحة تحمل توقيعي، إضافة إلى تقديم العديد من ورشات التصوير في المدارس، وذلك ضمن مبادرات فريق «بصمة ضوء»، الهادفة إلى إبراز قدرات ذوي الإعاقة. معرض وبسؤاله عن معرضه الخاص «قدرتي بإرادتي»، قال: تنقل المعرض بين مركز دبي للعلاج الطبيعي ومؤسسة دبي للإعلام، ومدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ودائرة الأراضي والأملاك بدبي، وأكثر ما لفت الزوار صور المباني التراثية التي التقطتها في قلعة الجاهلي في مدينة العين ومنطقة الشندغة التراثية. واستطرد: أهوى التصوير التراثي وتوثيق الماضي الجميل، ولعل السبب في ذلك فعالية أيام الشارقة التراثية، لكونها غنية بصور حية تجسد زمان أول وتحرك الخيال والوجدان. فرص لا يجد المصور الفوتوغرافي محمد البلوشي، صعوبة بالتنقل على كرسيه المتحرك أثناء التصوير، وأوضح أن الخروج للتصوير برفقة المتطوعين يعزز فرصه بالتقاط صور جيدة، لاسيما وإنهم لا يترددون بمساعدته لصعود الأدراج أو حمل كرسيه أثناء التصوير على الرمال وغيرها.