كتب: المحرر السياسي على الرغم من الدور القذر الذي يمارسه تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة، ولا سيما في العراق وسوريا، وأهمية القضاء على هذه الآفة، وغيرها من التنظيمات الإرهابية، كالقاعدة وأخواتها، إلا أن أحداً لا يقبل في المقابل أن تستغل فزاعة داعش، أو غيرها من عناوين الإرهاب الشنيعة، التي ابتليت بها المنطقة، من أجل استخدامها لتصفية حسابات سياسية ضيقة، أو لتنفيذ أجندات أجنبية ذات أبعاد طائفية بغيضة، من شأنها ليس عرقلة سير الحرب ضد داعش وحسب،وإنما قد تدمر النسيج الوطني، ولا سيما في العراق، حيث تقوم ميليشيات ما يسمى بالحشد الشعبي، باستهداف مكشوف للمدنيين في الموصل وغيرها، تحت ذريعة التعامل مع داعش، أو الاشتباه في الانتماء إلى هذا التنظيم. فحملات التعذيب، والتنكيل، والقتل خارج إطار القانون، تحت يافطة محاربة تنظيم داعش، فضلاً عن حملات التهجير القسري، لا يمكن فهمها إلا على على اعتبارها جرائم، لا يجوز أن يفلت مرتكبوها من العقاب، لا سيما وأنها تستهدف أبرياء لا ذنب لهم أبداً. ولعل ما يجري الآن في الموصل، حيث وثقت العديد من الجرائم بحق مدنيين عراقيين، أثناء دخول ميليشيات الحشد الشعبي الى المناطق المحررة، يعيد الى الأذهان جرائم هذه الميليشيات الطائفية في غير منطقة عراقية، وأبرزها الجرائم التي ارتكبت في الفلوجة، كأن ما يجري في الموصل ليس إلا استكمالاً لتلك الجرائم التي شهدتها مدينة المآذن، حيث تم توثيق انتهاكات الحشد الشعبي في حق المواطنين، ما دفع بمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية إلى كشف هذه الانتهاكات في وقتها، مثبتة قيام عناصر من الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي بإعدام عدد من المواطنين. ويبدو أن الجرائم التي ترتكب بحق المواطنين الآمنين لأسباب طائفية في الموصل، وغيرها، باتت من الضخامة حداً بحيث لا يمكن تجاهلها أبدا. لأنها تمثل جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، بكل ما في الكلمة من معنى، ما دفع بالعديد من المنظمات الحقوقية وهيئات دولية، على رأسها منظمة الأمم المتحدة، إلى اتهام الحشد الشعبي بارتكاب جرائم عدة على خلفية طائفية خلال الفترة ما بين 2014 و2016، تنوعت بين التعذيب والإخفاء القسري، وقتل مدنيين، وأسرى تحت التعذيب، ونهب مدن وبلدات، قبل حرق ونسف آلاف المنازل، بل ونشر مقاطع الفيديو المسجلة خصيصاً لهذه الجرائم البشعة، ولا سيما ما ظهر مؤخراً في مقطع فيديو يظهر مقاتلين من الحشد الشعبي وهم يعدمون أحد المواطنين، ما يثبت أن حال أهل الموصل الآن، في حال سمح لميليشيات الحشد الشعبي بالمشاركة في تحرير الشطر الغربي من المدينة، حال الذين يستجيرون من الرمضاء بالنار. وعليه، فان الحكومة العراقية المنوطة بها حماية الشعب، بمكوناته كافة، مطالبة بالقيام بدورها في هذا المجال، قبل أن يتوج الطائفيون معركة تحرير غرب الموصل بجرائم جديدة تحت الشعار نفسه، ألا وهو محاربة الإرهاب.
مشاركة :