الالتهاب المعوي من الحالات المرضية المنتشرة في جميع دول العالم، لأن أسبابه كثيرة ومتنوعة، وهو من العوامل الرئيسية لوفاة الأطفال الرضع والأقل من الخمس سنوات، رغم توافر الأدوية والعلاجات اللازمة لعلاج هذا المرض، إلا أن هناك العديد من الحالات لا يتم تشخيصها بصورة صحيحة، وبالتالي لا تتناول العلاج المناسب، ما يزيد المضاعفات في الجسم. يتفاقم الوضع مع المناعة الضعيفة وتتعرض حياة الطفل للخطر. والالتهاب المعوي يصيب جزءاً من الجهاز الهضمي، ويشمل الأمعاء الدقيقة والغليظة، وفي بعض الحالات يمتد الالتهاب إلى المعدة، ويسبب هذا المرض العديد من الأعراض الهضمية، وسوف نتناول هذا المرض بالتفاصيل في السطور القادمة. أنواع البكتيريا في أغلبية حالات الإصابة بالالتهاب المعوي يكون المسبب الرئيسي للمرض هو البكتيريا والفيروسات، خاصة لدى الأشخاص البالغين، ويكون التسمم الغذائي إضافة إلى الطفيليات السبب في حالات الأطفال المصابين، وفي كلتا الحالتين تكون الأغدية والمشروبات الملوثة هي الطريق لدخول هذه الجراثيم والميكروبات إلى الجسم، كما يعتقد البعض أن من المسببات أيضاً حدوث نشاط زائد ومفرط للجهاز المناعي ضد أنواع البكتيريا والجراثيم النافعة والصديقة، التي تتواجد بصفة مستمرة داخل الأمعاء بصورة طبيعية وتساعد على عملية الهضم، ما يحدث رد فعل مثل تقلصات البطن الحادة والتهابات في الأمعاء، ويقسم مرض الالتهاب المعوي إلى أنواع عدة حسب المسببات للإصابة به، ومن هذه الأنواع مرض التهاب المعوي السالمونيلا، والالتهاب المعوي ببكتيريا الاشريكية القولونية، والالتهاب المعوي ببكتيريا الشغيلات، والالتهاب المعوي ببكتيريا المكورات العنقودية، والالتهاب المعوي ببكتيريا التسمم الغذائي، والالتهاب المعوي للمعدة والأمعاء البكتيري، وبكتيريا ايشرشيا كولاي وكوليرا وشيجيلا وكامبيلوبكتر ويرسينيا، وغيرها من الأنواع الأخرى من البكتيريا التي تعتبر من المسببات لهذا المرض. أنواع الفيروسات ومن الأسباب أيضاً للإصابة بمرض الالتهاب المعوي تناول بعض الأدوية، والإصابة بمرض كرون، وحدوث التهابات داخل المعدة والتهابات في الأمعاء الغليظة، كما يعد فيروس العجلي الروتا من اكثر المسببات لحدوث هذا المرض لدى الأطفال، وفي حالة البالغين يكون النوروفيروس وأدينو فيروس وأسترو فيروس وجرثومة العطفي من أكثر الأسباب شيوعاً، كما توجد بعض الحالات المصابة نتيجة جراثيم أخرى وطفيليات، وفي بعض حالات الأشخاص المصابين بالمرض يكون نتيجة العلاج الإشعاعي والعلاج الكيماوي أيضاً، ومن المسببات أيضاً الأطعمة غير المطهية جيداً، وبعض اللحوم التي يعاد تسخينها، وبعض المأكولات البحرية، ومشتقات الألبان، وكل نوع من الفيروس أو البكتيريا التي تسبب المرض لها أعراض متباينة فيما بينها، كما أن المياه الملوثة مصدر للإصابة بهذه العدوى، والسفر إلى الأماكن الموبوءة ببعض الأمراض والتي تعاني إهمالاً صحياً واسعاً، وعدم النظافة في إعداد الأطعمة، واستخدام أدوات المطبخ دون غسلها جيداً، وفي بعض البلدان النامية تختلط مياه الشرب بالصرف الصحي، فتسبب موجة كبيرة من الإصابة بمرض الالتهابات المعوية. إسهال وتقيـؤ مرض الالتهاب المعوي له الكثير من الأعراض، ومنها أنه يسبب الإصابة بالألم والتشنجات والتقلصات في البطن، وحالة من الإسهال المتذبذب بين الحاد والبسيط، ويفقد المرض جزءاً واضح من الشهية، ويشعر بحالة من الغثيان والتقيؤ، كما تصاب بعض الحالات بارتفاع في درجات الحرارة، وصداع حاد، وانتفاخات شديدة في البطن، ويمكن أن تظهر أعراض التهابات القولون، الإحساس بالحموضة، وفي بعض الحالات ينزل الدم مع الفضلات، ويصاب المريض بالزحار، وهو نزول دم غزير مع الإسهال، ويحدث ذلك مع أنواع من البكتيريا مثل الشيجلا، والسالمونيلا، وايشرشيا كولاي، وكامبيلوبكتر، وعن طريق الأميبا أيضاً، وتصل الأعراض إلى إمكانية حدوث حالات من الإغماء الناتجة عن الهزال الضعف الشديد، وأيضا يصاب المريض بفقر الدم، او الأنيميا نتيجة الدم الذي فقده في الإسهالـ وتستمر أعراض مرض الالتهاب المعوي البسيط لدى البالغين من 2 إلى 7 أيام ثم تختفي وتزول هذه الأعراض من تلقاء نفسها ومن دون تدخل علاجي ضروري، ويمكن في بعض حالات المرض الشديدة تناول مضادات حيوية واسعة التأثير تحت إشراف الطبيب حتى تساعد على التخلص من المرض بقتل الجراثيم والميكروبات. كسـل وحمّى أما الأعراض في حالة إصابة الأطفال فهي ارتفاع في درجات الحرارة وحدوث إسهال مائي شديد ومتكرر، وإذا كان مصاحباً للدم يصبح دليلاً على التهاب القولون البكتيري، وفي بعض الحالات يحدث تقيؤ، وتلاحظ الأم أن الطفل خامل وكسول ويريد النوم باستمرار، كما يحدث عدم انتظام في دقات القلب، ويتغير لون الجلد إلى الأصفر الشاحب، وتبدو العيون غائرة، وتظهر مناطق داكنة حول العينين، أو حالة العيون الزجاجية، وفي بعض الأحيان يصل الطفل إلى حالة الجفاف وأعراضها، ويدخل في مخاطر صحية جسيمة يمكن أن تقوده إلى الإصابة بصدمة تعرض حياته للخطر، والأعراض تظهر في البداية بشكل حاد وتستمر فترة تتراوح من 2 إلى 3 أيام، ثم تختفي في حالة المرض الخفيف، ولكن الإسهال يستمر إلى 6 أيام، ويجب الذهاب إلى الطبيب المختص في حالة الأطفال مهما كان المرض بسيطاً وخفيفاً، لأن مناعة الطفل ما زالت في مرحلة النمو، ولا تستطيع أن تواجه الالتهاب وحدها، والعلاج سوف يعجل من تماثله للشفاء، وخوفاً من استمرار الإسهال والتقيؤ والوصول إلى حالة الجفاف التي تمثل خطورة على خلايا المخ. النظافة والتطعيم طرق الوقاية من مرض الالتهاب المعوي كثيرة، ومنها العناية بالنظافة الشخصية بغسل اليد باستمرار بعد أداء أي عمل، وبعد الانتهاء من الحمام، وعلى الأم أن تغسل يديها جيداً بعد تغيير حفاضة الطفل، كما يجب عليها غسل يديها قبل إعداد الطعام وبعد تجهيز اللحوم النيئة، وغسل أواني الطهي وتنظيف البيض، وطهي الأكل بصورة تامة تحت درجات حرارة عالية، وتخزين الطعام المتبقي بعد الأكل في الثلاجة، وعدم تركه في الهواء يتعرض لتراكم الجراثيم، وغسل الأواني التي وضعت فيها اللحوم قبل طهيها، وعدم استخدام السكين في تقطيع الخضراوات بعد تقطيع اللحوم إلا بعد غسلها، كما يفضل أن تقوم الأم بغسل اسطح المطبخ بصفة دورية ببعض المنظفات الجيدة، وعدم تناول المياه غير النظيفة والمشكوك في أنها تحتوي على جراثيم، وغسل أواني الطهي، والابتعاد عن الحليب غير المبستر أو غير المغلي جيداً، وعلى الأشــــخاص المسافرين اتخاذ الحذر في تناول المياه، ويفضل شرب المياه المعدنية، وإعداد الطعام النظيف، وفي دور حضانة الأطفال لابد من التشديد على النظافة العامة، ومنع الأطـــفال المصابين بأي عدوى من مخالطة الأطفال الآخرين، ويفضل منعهم من الحضانة حتى يتــماثلوا للشفاء التام، كما يمكن تطعيم الأطفال للوقاية من بعض الفيروسات مثل فيروس الروتا، واستخدام التحصين المناعي، عن طريق لقاحات السالمونيلا والكــوليرا التي تعطى للمسافرين. مضادات التقيؤ يفضل بالنسبة للحالات الخفيفة من الالتهاب المعوي عدم تناول أدوية وعلى الأشخاص الذين يعانون الإسهال يجب تناول كميات كبيرة من السوائل باستمرار، وعدم اللجوء إلى مضادات الإسهال لأن الجراثيم تخرج مع الإسهال، وهذه المضادات سوف تؤخر نزولها، ويجب الامتناع عن تناول أدوية مدرات البول، أما بالنسبة للأطفال فيجب تناول مضادات التقيؤ مثل الاندانسيترون، وهناك أنواع من المضادات الحيوية واسعة التأثير يمكن أن يقررها الطبيب في حالة الالتهاب المعوي البكتيري الشديد للقضاء على الجراثيم، مثل مكرولايد، كما أوصت منظمة الصحة العالمية بإعطاء الأطفال المكملات الغذائية التي تحتوي على الزنك، حسب ما يقرره الطبيب والمدة التي يحددها، والتي تصل إلى أسبوع، ويمكن تكراره، وفي حالة السيدات الحوامل والمرضعات يفضل عدم تناول علاج في الحالات الخفيفة، والاعتماد على السوائل والمشروبات الطبيعية، ومن المضاعفات التي يمكن أن تحدث هي الإصابة بالجفاف، والإسهال الشديد، وسوء امتصاص اللاكتوز من الحليب. وفيات الأطفال تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن عدد المصابين بمرض الالتهاب المعوي من الأطفال تحت سن 5 سنوات يصل إلى 153 مليون حالة، والسبب الرئيسي في ذلك هو فيروس روتا. كما أن مشكلة عدم توفر مياه نظيفة ونقية في كثير من الدول النامية رفع من انتشار المرض بصورة كبيرة، حيث تصل نسبة الوفيات إلى 1.5 مليون شخص سنوياً، فيما يصل عدد حالات الوفاة لدى الأطفال إلى أكثر من نصف مليون حالة، منهم 84% من أطفال دول العالم الثالث الفقيرة، التي تعاني قلة الخدمات الصحية. وانتشر هذا المرض كوباء عام 1980، وتسببت في وفاة 4.4 مليون طفل، كانت غالبيتهم من دول العالم الثالث. وقد وصل معدل انتشار المرض في الدول المتقدمة إلى 30% من الأطفال، لكن العناية الصحية الجيدة تعجل من تماثلهم للشفاء، وغالبية حالات الالتهاب المعوي تظهر فـــي فصل الشتاء في المناطق المعتدلة، بينما تظهر بالمناطق الاستوائية صيفاً.
مشاركة :