تواصلت فعاليات الدورة الـ 48 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث تتابعت الجلسات والموائد النقاشية والأمسيات الشعرية والحفلات الغنائية والراقصة للفرق الشعبية وورش العمل الفنية التي شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا، فيما ضعفت معدلات الشراء وذلك على الرغم من حجم التخفيضات الكبير الذي تمنحه المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة وبعض دور النشر المصرية الخاصة، كما حققت حفلات التوقيع التي أقامتها دور النشر داخل ممرات السرايا والأجنحة وحضور الكتاب والأدباء والشعراء نوعا من التوازن والفاعلية. •فتنة التكفير من الندوات المهمة التي شهدها المعرض مناقشة كتاب "فتنة التكفير والإرهاب" للدكتور محمد داود، أستاذ اللغة والدراسات الإسلامية بجامعة قناة السويس والذي أكد أن الأديان كلها بريئة من تهمة الإرهاب، وأن كل حروب المسلمين هي حروب دفاعية، وليست هجومية، ولم يثبت تاريخيًا أن فرض الإسلام على الناس الدخول في الدين بالقوة. وقال "النصوص التي وردت في التوراة والإنجيل والقرآن التي تناولت القتل، إنما الهدف منها هو دفع الشر والبلاء عن الناس، فالإرهاب الهدف منه سياسي في المقام الأول، وبعيدًا كل البعد عن الدين، لكن الدول الاستعمارية الكبرى تعمد إلى إلصاق التهم بالدين تحقيقيا لأطماعها الاقتصادية، في السيطرة على خيرات الشعوب المستضعفة". ولفت إلى أن المشكلة في الفكر "نحن نتحمل جزءًا كبيرًا من هذا فنحن من ترك هذا الفراغ في عقول الشباب، وكان الآخر هو الأكثر جاهزية في ملء هذا الفراغ، ونحن من نصنع هذا الإرهاب في مؤسساتنا، فهل هناك رؤية موحدة بين الوزارات المعنية الثقافة والأزهر والأوقاف والشباب والرياضة والتعليم لصناعة الفكر؟ أقولها لكم بكل صراحة لا توجد رؤية واضحة فقد نجد صراعات بين تلك الهيئات يصل لحد الصدام، فنحن نواجه حربًا فكرية شرسة". •لقاء حميده واعتبر الفنان محمود حميده في لقائه مع جمهور المعرض أن العقل المصري لايزال يعيش في العصور الوسطى، وقال إن انتشار الأفكار المتطرفة والإرهاب بسبب غياب التعليم الحقيقي الجيد وتفشي الأمية بين قطاعات عريضه محرومة. وقال إن مصر لازالت بعيدة عن المدنية الحديثة وعن الديمقراطية، لكنها ستصل في يوم من الأيام إليها، لأن الأزمات السياسية الحالية متراكمة منذ سنوات. ورفض حميده قيام أي نظام حكم بقمع حرية الرأي والتعبير، مبتسمًا لجمهوره "دماغنا مش عايزة تيجي القرن الواحد والعشرين، والناس لسه عايزه إمام تمشي وراه". وحول ضرورة تجديد الخطاب الديني في مصر لفت إلى أنه أمر يفتقد للرؤية للأسف، وأكد رفضه ما سماه بقانون الحسبة الذي يسمح لأي شخص بإقامة دعوى ضد أي فنان أو مثقف لا يعجبه إنتاجه أو أفلامه أو آراؤه، مثلما حدث مع عادل إمام بعد فيلم الأفوكاتو. وأكد أن آراءه السياسية لم تؤثر على عمله الفني في أي مرحلة، فهو يؤدي الدور المطلوب منه، كما لا يستطيع منتج العمل منعه من التعبير عن رأيه، "لازم يكون عندي هموم عشان أعرف أمثل، لو معنديش بقعد سنتين بعيدا عن الشاشة، أقرأ وأتعامل مع المواطنين لأكسب هموماً تساعدني على التمثيل". وفيما يخص صناعة المسرح والسينما، طالب حميدة بإصدار قانون مهمته توصيف الوظائف، وتحديد مسؤوليتها، لمحاسبة صناعها حال وجود مشكلات، وقال إن صناعة السينما في تدهور منذ نشأتها لأنها لا تملك قانونًا، مشبهًا صناع المسرح بعمال التراحيل: "يشتغلوا يقبضوا، ميشتغلوش ميقبضوش" بسبب غياب ذلك القانون". •الشخصية المصرية وقال الدكتور أشرف فرج أستاذ علم الاجتماع خلال ندوة "الشخصية المصرية في واقع متغير"، "أن ثورة 25 يناير طالبت بإسقاط نظام كامل وليس شخصا، والغريب أننا نعيد بحرفية خلق نفس النظام مع كل زعامة جديدة، نفس المنطق في حل المشكلات وتناول القضايا، إن الثورة أخرجت أفضل ما فينا وهو الرغبة في الانصهار والاتحاد كيد واحدة، ومع ذلك تبخر هذا الحلم وعدنا لواقع أشد قسوة. لذلك هناك حالة من الغضب لدى الشعب المصري وصل إلى حد الرغبة في العراك بين أفراده لاسباب بسيطة، وأيضا العصبية تظهر في الشارع بشكل واضح، وكذلك المستوى الأخلاقي الذي نلمس بأنفسنا انحداره لدى قطاع كبير من طلبة الجامعات وبشكل مذهل، وهذا ينذر بأن أطباء المستقبل سيقتلوننا ومهندسينا سيبنون بيوتًا تسقط على أهاليها". وأرجع فرج ذلك لنظريات البنية التي تختلف في منهجها فأول اتجاه يتحدث عن علاقة الفرد والمجتمع ويعتبر المجتمع فيه هو المهيمن والمشكل للفرد وأسلوب حياته، أما النظرية الثانية فتفيد بأن الفرد هو مشكل المجتمع ومغيره، ولكن المجتمع لديه القدرة الأكبر على التأثير في الفرد وليس العكس. وقال "إن الكائنات الحية تكرر تجربتها مع الحياة، عدا الإنسان الذي ينقل خبراته للأجيال القادمة فيتطور، والثقافة في علم الاجتماع هي مجموع العادات والتقاليد والدين المنتشرة، ككائن ثقافي، أما الوسائل التي نستخدمها فهي حيادية تماما". •الحاجة للفكر أساسية وفي الاحتفالية التي أقيمت بمناسبة إعادة إصدار مجلة "الفكر المعاصر" قال د. عزت قرني رئيس التحرير إننا نريد أن نعرف في مصر ماذا نريد أن نكون؟ وماذا يجب علينا أن نفعل؟ وهذا يتطلب تواجد أنظمة فكرية وفكرًا قادرًا على إنتاج منظومات فكرية، ولكن بشرط أن يكون لدينا تعدد في المنظومات الفكرية وتترك هذه المنظومات الفكرية المتعددة للمجتمع ليختار ما يشاء. وأوضح أن هناك محاولات متعددة من الخارج لضرب مصر وتهديدها حتى لا تستقر منظومتها الفكرية لجيلين أو ثلاثة، نظرًا لعلم الغرب بشكل كبير أنه لو استقرت مدة جيلين أو ثلاثة ستتقدم وتتطور أنظمتها الفكرية بشكل كبير، وهذا ما أدى إلى المحاولات المضنية للغرب للإيقاع بمصر كل فترة حتى لا تتمكن من التقدم، وهذا يحتم علينا الانتباه بضرورة تقديم أنظمة فكرية تعددية تناقش ويصطفي من بينها عناصر من أنظمة فكرية مختلفة حتى يستقر المجتمع على النظام الفكري الذي يمكن أن نسير عليه. وأشار قرني إلى أننا نريد أن تكون لدينا فلسفات تنير لنا الطريق في كل الميادين في السياسة والأخلاق والاقتصاد وعلوم الاجتماع واللغة، وكل الميادين المختلفة، وهذا ما نحتاجه في عالمنا اليوم، مشددًا على أن الحاجة للفكر أساسية، ولكن يجب أن نفرق بين الفكر الذي يفرضه الحكام، والفكر الذي يقترحه أصحابه ولا يرغبون في فرضه بالقوة، وهذا هو المعنى الذي جاء في القرآن الكريم حرفيًا في "لست عليهم بمسيطر". •حرية تداول المعلومات شهدت ندوة بعنوان "حرية تداول المعلومات والوثائق" نقاشا مهما حول هذا الموضوع الذي طرح للنقاش في عشرات المؤتمرات والندوات طالبت بإصدار قانون حوله دون جدوى، حيث أكد د. حسام لطفي أن توثيق المعلومات في مصر يوضع في إطار قانوني، ومخالفة ذلك جريمة، فالدولة تخضع وثائقها لمدة للحفظ طبقًا للقانون، وبعد انقضاء المدة القانونية يجب أن تتاح هذه الوثائق للباحثين والعامة، ولكن هذا غير موجود وتظل الوثيقة حبيسة داخل الجهة المنوطة بحفظها، بينما معظم الدول تحتفظ بالوثائق 50 عامًا على الأكثر، بينما هنا لم تتح لنا وثيقة تجعلنا نعرف هوية الضباط الأحرار الذين شاركوا في ثورة يوليو 1952 . ورأى أن المثقفين يلجأون للجهات الأجنبية لجمع المعلومات والوثائق المتعلقة بموضوع ما، لأن الجهات الرسمية تمنعهم من ذلك، ونحن كرجال قانون منزعجين جدًا من التطور التكنولوجي الذي يحدث في العالم، لأن البيانات التي توضع على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "تويتر"، و"واتس آب"، غير مملوكة لصاحبها، وإنما مملوكة لأصحاب تلك المواقع، وهذا يعد انتهاكا للحرية الشخصية للأفراد. وأكد على أنهم في دار الوثائق القومية، لم يستطيعوا أن يطلعوا على البيانات والوثائق المتعلقة برئاسة الجمهورية في عهد زكريا عزمي، ولم نتمكن من الحصول عليها بسبب كثرة الفئران داخل مخزن الوثائق برئاسة الجمهورية، والتي أكلت بعض هذه الوثائق، فطلبوا منا وقتها الحضور لأخذ الوثائق. وقال د. عادل عبدالصادق، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن على الحكومة الإسراع بإصدار قانون حرية تداول المعلومات، فالعالم أصبح منفتحا على بعضه البعض من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، والدول أصبحت لا تحتكر المعلومة، لأن المواطن في العصر الرقمي من الممكن أن يحصل عليها من الخارج، ومكاسب تداول المعلومات كبيرة اقتصاديًا واجتماعيا ويسهم في تنمية المشاركة المجتمعية لاتضاح الحقائق أمام المواطن وتمكينه من اتخاذ القرار الصحيح. وأشار إلى أنه عندما تتاح المعلومات تضفي الشرعية على النظام الحاكم، وتحفز المواطنين على المشاركة في كافة الاستحقاقات الديمقراطية، كما يجب سن تشريعات وقوانين ووضع سياسات تتسم بالموضوعية والشفافية من أجل حرية تداول المعلومات. وقال د. ياسر االقاضي إن النسق الثقافي الذي يحكم تداول المعلومات، يفتقد بندًا مهما وهو إلزام الموظف العام بإتاحة المعلومة، وكنت أتمنى أن يشتمل عليه قانون الصحافة والإعلام الجديد، ليخدم بشكل كبير العمل الصحفي والإعلامي. وأضاف "هناك عرف عام داخل المؤسسات الحكومية بحجب المعلومات، وثورة 25 يناير كسرت الحاجز بين الثقافة وحرية تداول المعلومات"، وطالب جميع مؤسسات الدولة بالتكاتف من أجل إصدار قانون حرية تداول المعلومات، مع إيجاد تنسيق بين جميع المؤسسات من أجل رسم رؤية واضحة لمستقبل أفضل لمصر. محمد الحمامصي
مشاركة :