باريس - (أ ف ب): يواجه الرئيس الفرنسي السابق اليميني نيكولا ساركوزي مجددا مشكلات مع القضاء مع إحالته إلى المحاكمة لتخطيه السقف القانوني للنفقات المسموح بها في حملته للانتخابات الرئاسية عام 2012. وسيستأنف الرئيس السابق الذي انسحب الآن من الحياة السياسية، قرار إحالته إلى القضاء بتهمة تمويل حملته الانتخابية بصورة غير قانونية، وهو جرم يعاقب عليه القانون بالسجن سنة وبغرامة قدرها 3750 يورو. وهي ثاني مرة يحال فيها رئيس فرنسي سابق إلى المحاكمة في قضية سياسية-مالية منذ 1958، بعد جاك شيراك (1995-2007) الذي حكم عليه عام 2011 بالسجن عامين مع وقف التنفيذ في قضية وظائف وهمية في بلدية باريس. وكان قرار القاضي سيرج تورنير مرتقبا منذ بضعة أسابيع، وطلبت نيابة باريس أيضا محاكمة ساركوزي الذي هزم من الدورة الأولى للانتخابات التمهيدية التي نظمها اليمين الفرنسي في نوفمبر لتعيين مرشحه للانتخابات الرئاسية هذه السنة. وأوضح مصدر قضائي أن ساركوزي متهم بتخطي السقف المسموح به لنفقات الحملات الانتخابية «من خلال إقدامه من دون الأخذ بتنبيهين وجههما المدققون في حسابات حملته على نفقات انتخابية بقيمة لا تقل عن 42.8 مليون يورو». وهو مبلغ يتخطى إلى حد بعيد السقف القانوني المحدد بـ22.5 مليون يورو. وأثارت مشاهد بعض المهرجانات الانتخابية التي نظمها الرئيس المنتهية ولايته حينذاك الدهشة بسبب مستوى البذخ والإنفاق خلالها. وبين الاجتماعات الثانوية والمهرجانات العملاقة التي نظمتها شركة تدعى «بيغماليون»، باتت حملة ساركوزي أشبه بـ«قطار يجري بأقصى سرعته»، بحسب تعبير أحد مسؤولي الحملة جيروم لافريو. ومازال امام ساركوزي أمل أخير، هو الطعن في القرار امام غرفة التحقيق، إذ إن واحدا فقط من القاضيين اللذين رفعت إليهما القضية هو القاضي سيرج تورنير، وقع الأمر. وأوضحت مصادر مطلعة على الملف أن القاضي الآخر رونو فان رويمبيك لا يشاطر زميله الرأي بشأن ضلوع الرئيس السابق. وقال تييري هيرزوغ محامي ساركوزي الثلاثاء إن «هذا الخلاف الواضح بين القاضيين اللذين رفعت إليهما القضية ذاتها، وهو أمر نادر إلى حد يجدر الإشارة إليه، يعكس عدم جدوى هذا القرار». وأمر القاضي أيضا بإحالة 13 شخصا آخر إلى القضاء بتهمة تزوير وثائق أو استخدام وثائق مزورة، والاحتيال أو التواطؤ في الاحتيال، وسوء استغلال الثقة أو الإيواء والتواطؤ في تمويل غير شرعي لحملة انتخابية، وهم مسؤولون سابقون في حزب ساركوزي الاتحاد من اجل حركة شعبية (بات اسمه اليوم حزب الجمهوريين)، ومسؤولون في حملته الانتخابية وقادة من شركة بيغماليون وخبراء حسابات. وتتناول القضية بالمقام الأول نظاما واسع النطاق لتزوير فواتير بهدف إخفاء تجاوز الحد الأقصى المسموح به للإنفاق، من خلال استغلال الثغرات في عمليات الكشف على الحسابات. واندلعت الفضيحة عام 2014 حين كشف مسؤولون في شركة بيغماليون وجيروم لافريو وجود هذا النظام الذي استفادت منه حملة ساركوزي، فيما كانوا هم أنفسهم متهمين باختلاس اموال لحساب مسؤول آخر في الحزب هو جان فرنسوا كوبيه الذي تمت تبرئته في نهاية المطاف. وقضت عمليات التزوير بنسب نحو 15.2 مليون يورو من نفقات المهرجانات الانتخابية إلى التجمع من أجل حركة شعبية، بدل إدراجها على الحساب الرسمي للمرشح. ولم يتمكن التحقيق من تحديد الجهة التي اصدرت الأمر بذلك. وتحدث عدد من أطراف القضية عن دور اساسي لعبه جيروم لافريو، غير أنه أكد أنه لم يتم إطلاعه على العملية إلا بعد الحملة. ولم يشر أحد إلى ساركوزي بشأن الفواتير المزورة.
مشاركة :