على الرغم من سحب إيران نحو 100 مليار دولار من أموالها المجمدة عقب الاتفاق النووي، الذي رفع بعض العقوبات عنها، إلا أن توقعات المختصين تؤكد أن مشكلات إيران الاقتصادية تتعاظم يوما بعد يوم، خاصة مع مجيء الإدارة الأمريكية الجديدة.وأعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب شبح العقوبات الدولية على طهران، ما زاد من تداعيات الضغط على الاقتصاد الإيراني الذي ما زال يعاني وضعا مزريا، الأمر الذي أدى إلى وجود 11 مليون عاطل عن العمل، فضلا عن انتشار الفقر المدقع بين المواطنين.وأوضح لـ"الاقتصادية" حسن راضي مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية، أن الاقتصاد الإيراني يعاني مشكلات حقيقية نتيجة ثلاثة عوامل، الأول السرقة والفساد المالي، الذي وصفه البرلماني الإيراني السابق "أحمد توكلي" بالفساد المنظم. وبين أن العامل الثاني نتيجة إنفاق إيران العسكري على التسليح ودعم الميليشيات وتدريبها في إطار سياسة إيران التوسعية، في حين أن العامل الثالث يرتبط بالعقوبات المفروضة على طهران والعزلة الإقليمية التي تعيشها نتيجة سياساتها وتدخلاتها في المنطقة.وذكر راضي أن النظام الإيراني يعول على رفع العقوبات نتيجة الاتفاق النووي، لانتعاش الاقتصاد وتأثيره في حياة المواطنين بإيجاد فرص عمل، وتراجع التضخم، ولكن بعد أكثر من عام على الاتفاق النووي، لم ينتعش الاقتصاد الإيراني، وتشير التقارير والأرقام إلى تأزم الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.وأكد راضي وجود عديد من المصانع والشركات المغلقة نتيجة إفلاسها وعدم قدرة الدولة على دعمها، إذ تم إغلاق 35 ألف مصنع تابع للجمعيات التعاونية خلال السنوات الماضية. وأفاد بأن رئيس اللجنة الاجتماعية في البرلمان الإيراني اعترف بوجود 11 مليون عاطل عن العمل، مع احتساب العاملين ساعتين أسبوعيا ضمن العاملين في البلاد، وأن البطالة تنتشر ليس فقط بين صفوف المواطنين العاديين، بل حتى بين حاملي الشهادات العليا، حيث إن 40 في المائة، من خريجي الجامعات ونحو 15 ألفا من أصحاب شهادة الدكتوراه عاطلين عن العمل. ولفت إلى أن نتيجة البطالة والغلاء والمشكلات الاقتصادية الأخرى، يعاني أكثر من 21 في المائة، من المواطنين بشكل عام ونحو 90 في المائة، من الموظفين والعمال مشكلات نفسية، حسب مدير المؤتمر السنوي لجمعية أطباء علم النفس.وحول تأثيرات العقوبات الجديدة التي فرضتها الحكومة الأمريكية أخيرا، قال راضي إنه في ظل هذه الأوضاع، إضافة إلى الصراع السياسي ما بين تيارات النظام والمشكلات السياسية والأمنية، ستؤثر بشكل كبير، وستكون لها نتائج وخيمة ليس فقط على الاقتصاد، بل على المشهد السياسي الإيراني قبيل الانتخابات الرئاسية الإيرانية، من خلال تحميل حكومة روحاني فشل الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران كما وعد الأخير بهما.واعتقد أن التوتر السياسي والحرب الإعلامية التي حصلت في الفترة الأخيرة بين طهران وواشنطن سيؤثر في هبوط العملة الإيرانية مقابل الدولار وترتفع الأسعار.من جهته، قال لـ"الاقتصادية" الدكتور عبدالله القويز محلل اقتصادي، إن اقتصاد إيران يعتمد كليا على البترول، ما تسبب في أزمة داخلية، جراء عدم وجود صناعة تحقق آمال الشعب. وذكر أن الاتفاق النووي بين أمريكا وإيران، أسهم في سحب مليارات الدولارات المجمدة، ما أعطاهم دفعة قوية لاقتصادهم المزري، فضلا عن إبرام اتفاقيات تجارية وصناعية وعقود بيع غاز وبترول مع بعض الدول. وذكر القويز أن الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الولايات المتحدة أخيرا، لن يكون لها تأثير قوي عكس ما تظنه الحكومة الأمريكية، خاصة مع انتعاش سوق النفط. وتوقع أن يكون مستقبل إيران الاقتصادي أقل بكثير من طموحها، خاصة مع سياستها الخارجية والداخلية.بدوره، أوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور على التواتي القرشي وكيل جامعة الأعمال والتكنولوجيا للشؤون الأكاديمية في جدة، أن الاقتصاد الإيراني يعتمد على النفط بنسبة 45 في المائة، ما تسبب في تراجع الإيرادات، جراء العقوبات السابقة قبل رفعها، بجانب انخفاض أسعار النفط.وبين القرشي أن الإحصائيات أظهرت أن نحو 35 في المائة من السكان، تحت خط الفقر المدقع، وهذه نسبة كبيرة تدل على أن إيران تعاني اقتصاديا.ولفت إلى أن اضطرار إيران إلى بيع النفط بالمقايضة للحصول على سلع غذائية وغيرها، يؤكد أن إيران تعاني أزمة طاحنة، موضحا أن الاقتصاد الإيراني لا يستطيع أن يتحمل مزيدا من العقوبات.وذكر أن إيران تضع يدها على الخزانة العراقية، وتبيع النفط عن طريق بغداد، فضلا عن تعاملها مع مافيا للحصول على العملة الأجنبية وبيع المعادن النفيسة.وأضاف القرشي، أنه يصدق الرئيس ترمب، أن إيران كانت على وشك التسليم والانهيار خاصة بعد الهزائم التي منيت بها في سورية والعراق، ولولا أن وجدت في الإدارة الأمريكية السابقة نصيرا خفيا، أبرم معها اتفاقا غير منصف للعالم والمنطقة، وسارع في رفع الحظر عن نحو 100 مليار دولار، ما أعطى الحكومة الإيرانية مجالا لتدارك بعض القصور الموجود. وقال "العقوبات من جديد تعيدها إلى المربع الأول، ولا نعلم مدى جدية إدارة ترمب في تشديد هذه العقوبات، كما أن العقوبات من طرف أمريكا وحدها لا تكفي، خصوصا أن التعاون الأوروبي والروسي والصيني منفتح مع إيران".من جانبه، قال الدكتور عبدالله باعشن المحلل الاقتصادي، إن إيران من الدول المنتجة للنفط، حيث يصل إنتاجها إلى أربعة ملايين برميل يوميا، وكانت دولة مزدهرة، ولكن بعد توجه الحكومات الإيرانية إلى إثارة المشكلات في المنطقة، والحرب بالوكالة ودعم الميليشيات الإرهابية، أصبحت تصرف أموالها للخارج، ما أدى إلى تدهور الصناعة، وارتفع مستوى الفقر والبطالة بصورة عالية جدا.وأشار باعشن، إلى أن الاتفاق النووي في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أدى إلى بعض الانفراجات الاقتصادية لإيران، منها السماح لها بسحب نحو 100 مليار دولار من الأموال التي جمدت أثناء فرض العقوبات عليها، كما بدأت بعض الشركات دراسة الفرص مرة أخرى خصوصا في قطاع النفط.وأكد أن الحكومة الأمريكية الجديدة شعرت أن إيران هي خطر، وهذا ما كانت تشير إليه دول الخليج منذ زمن، خاصة أن التغيرات السياسية تنعكس على الاقتصاد. واعتقد أن بعض دول أوروبا قد تبدأ في الانسحاب مرة أخرى من إيران بعد العقوبات الأخيرة عليها من قبل البيت الأبيض.من ناحيته، قال فضل بن سعد البوعينين محلل اقتصادي، إن التغيير الأخير في الرئاسة الأمريكية أعاد شبح العقوبات الدولية على إيران. وذكر أنه على الرغم من العقوبات النسبية الجديدة، إلا أنه من المتوقع أن تتطور العقوبات لتكون أكثر تشددا وتنوعا، ما يزيد الضغط على الاقتصاد الإيراني الذي ما زال يعاني تداعيات العقوبات التي استمرت عقودا قبل رفعها بعد الاتفاق النووي.وتوقع أن تتعاظم مشكلات الاقتصاد الإيراني خلال العام الحالي خاصة، إذا ما استمرت المواجهة مع الولايات المتحدة، وقد تكون هناك عقوبات قادمة. واعتقد فضل أن أمريكا قادرة على تطوير عقوباتها مستقبلا لتتحول إلى عقوبات دولية طالما استمرت إيران في خرق الاتفاقية النووية التي تنص بنودها على العودة للعقوبات متى ثبت عدم التزام إيران بها، وهذا متوقع عطفا على سلوك الإدارة الإيرانية ونقضها العقود. والمواثيق. Image: category: عالمية Author: سعد الفراج وزيد السليطين من الرياض publication date: الاربعاء, فبراير 8, 2017 - 03:00
مشاركة :