تمدد دائرة الدفاع الأميركي الى غرب المحيط الهادئ، منذ 1945، كان درعاً فاعلاً وخط دفاع أول لحماية الأراضي الأميركية ضد الاتحاد السوفياتي في السابق، ثم ضد المطامح الصينية الى التوسع الجغرافي. ويبدو أن الصين، وقوتها العسكرية تتعاظم، هي خطر يتهدد المنطقة الآسيوية من المحيط الهادئ والولايات المتحدة نفسها. وعسكرياً، قد تعتبر الصين خطراً لا يعتد به في وجه أميركا. لكن الأولويات الصينية يتصدرها تقويض القدرات العسكرية الأميركية في غرب المحيط الهادئ من طريق بث الرعب في صدور حلفاء واشنطن في المنطقة مثل كوريا الجنوبية واليابان والفيليبين. فهذه الدول جزء مهم من خط الدفاع الأميركي غرب المحيط الهادئ. وحري بأميركا ألا تسمح ببروز عسكري للصين يطيح الخط الدفاعي الأميركي المؤلف من مرابطة مئة ألف جندي في شبكة من القواعد العسكرية التي تستضيفها كوريا الجنوبية واليابان، على وجه التحديد، وفرقة عسكرية كاملة من مشاة البحرية الأميركية في أوكيناوا اليابانية. ويكمل هذه القوة الأميركية سلاح الجو الأميركي المتواجد في هذه الدول، والأسطول الأميركي السابع. وعلى رغم الفتور اليوم بين الفيليبين وواشنطن، يرجح أن تعود مانيلا الى دورها السابق في هذه الشبكة الدفاعية. ويدور لغط في الولايات المتحدة حول استضافة اليابان وكوريا الجنوبية قواعد أميركية. ولكن هذه القواعد لا تحمي البلدين هذين فحسب. وتمس حاجة أميركا إلى قواعدها العسكرية هناك. لذا، الجدل الأميركي حول ضرورة أن تدفع هذه الدول تكاليف القواعد الأميركية، يقوض المصالح الأميركية ويخالفها. فهل في متناول واشنطن خيارات أخرى تتربع محل هذا البناء الأمني في غرب المحيط الهادئ الذي أبصر النور بعد 1945، وصمد في وجه التحديات؟ وسعت الصين خلال عقد ونصف العقد، سياسياً واقتصادياً لحمل دول غرب الهادئ على اقصاء أميركا من المنطقة هذه. وانتهجت سياسات ابتزاز ضد الدول هذه، ومنها فيتنام. لكنها أخفقت في بلوغ مرادها الى اليوم. فاليابان وكوريا الجنوبية لم تفرطا بالتزاماتهما الدفاعية تجاه الولايات المتحدة، وبادرت الإدارات الأميركية المتعاقبة الى تقوية خط الدفاع في غرب المحيط الهادئ. وزيارة وزير الدفاع الأميركي، في الشهر الأول من ولاية إدارة ترامب، كوريا الجنوبية واليابان للتشاور مع نظرائه مشجعة. فالجنرال ماتيس حذر الصين من سياساتها في بحر الصين الجنوبي والشرقي. والتقى رئيس الوزراء الياباني ترامب قبل انتخابه، وهو مدعو الى واشنطن في العاشر من الشهر الجاري. ولن تدور القمة بين رئيس الوزراء الياباني والرئيس الأميركي على الاقتصاد والتجارة فحسب. وشاغلها هو الموضوع الأمني والاستقرار في غرب المحيط الهادئ. ولا تشير مؤشرات صحافية او تقارير إلى أن الرئيس ترامب اتصل بالرئيس الصيني أو دعاه الى زيارة واشنطن، في وقت تستقبل واشنطن شينزو آبي للمرة الثانية في أشهر قليلة. وخرجت الفيليبين عن سياق الالتزامات الأمنية الأميركية. وتمس الحاجة الى رص الصفوف معها. ويبدو أن استدارة رئيسها الى بكين، قصيرة الأمد. ويجب أن تغلب كفة النفوذ الأميركي. وأعلن آبي حين زار الفيليبين أخيراً، دعماً اقتصادياً يابانياً ومساعدات يابانية لبناء قدرات البحرية الفيليبينية وتعزيزها. وهذه خطوات يابانية لحماية مصالحها الأمنية وتقوية المصالح الأميركية. وتسعى الولايات المتحدة الى تدعيم خط الدفاع الأمامي في غرب المحيط الهادئ. وبعد أن ركزت على شمال شرقي المنطقة هذه، تمددت كذلك الى الجزء الجنوبي منها. ورمت من بناء قاعدة غوام العسكرية الى توازن القدرات العسكرية الأميركية ضد أي مغامرة صينية عسكرية محتملة في الجنوب. وفي المقدور تعزيز هذه المساعي من طريق اتفاق استراتيجي أميركي مع فيتنام وإندونيسيا، وهما قوتان إقليميتان في المنطقة واجهتا مغامرات عسكرية صينية. * خبير في شؤون الجيش الهندي والحكومة، وكان سفيراً في بوتان واليابان وكوريا والولايات المتحدة، عن مركز «ساوث إيجيا آناليزيس غروب» الهندي، 6/2/2017، إعداد جمال اسماعيل
مشاركة :