طوّر باحثون في جامعة هارفارد ومستشفى بوسطن للأطفال في الولايات المتحدة الأميركية روبوتاً ناعماً وقابلاً للتعديل يساعد القلب على الخفقان، وربما يفتح المجال أمام ظهور خيارات علاجية جديدة للمصابين بقصور القلب. يتحرك الشريط الآلي الناعم لروبوت وينقبض بالتزامن مع خفقان القلب، مما يحسّن وظائفه ووظائف الأوعية الدموية التي ضعفت بسبب قصور القلب. على عكس الأجهزة المستعملة راهناً لتقوية وظيفة القلب، لا يحتكّ الشريط الآلي الناعم الذي ابتكره الباحثون في هارفارد بالدم مباشرةً، ما يعني تراجع خطر التخثر وعدم الحاجة إلى أخذ مسيلات الدم التي قد تحمل المخاطر. ربما يتمكّن الجهاز يوماً من تهيئة المريض لجراحة الزرع أو تسهيل إعادة تأهيل القلب وتحسين مسار التعافي. إيلين ت. روش هي المشرفة الأساسية على البحث وطالبة دكتوراه سابقة في كلية جون بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية في جامعة هارفارد. تقول في هذا المجال: «يثبت البحث إمكان استعمال مجال الروبوتات الناعمة لتلبية الحاجات العيادية أو حتى تخفيف أعباء أمراض القلب وتحسين نوعية حياة المرضى». أصبحت روش اليوم باحثة في جامعة إيرلندا الوطنية في «غالواي» بعد نيل شهادة دكتوراه. نُشِر البحث في مجلة «طب العلوم بالحركة» وكان نتاج تعاون بين كلية جون بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية ومعهد «ويس» ومستشفى بوسطن للأطفال. في هذا السياق، يذكر كونور والش، مشرف أساسي على البحث وأستاذ مساعِد في الهندسة والعلوم التطبيقية في مركز «جون لوب» وعضو في هيئة التدريس في معهد «ويس»: «يشكّل البحث إثباتاً مثيراً للاهتمام على نتائج هذا الروبوت الناعم، فيشير إلى أنه يستطيع التفاعل بكل أمان مع النسيج الناعم وقد يؤدي إلى تحسين وظيفة القلب. نتوقع ظهور تطبيقات مستقبلية أخرى ستُمكّن هذه الأجهزة من استعمال العلاج الميكانيكي داخل الجسم وخارجه». يصيب قصور القلب 41 مليون شخص عالمياً. اليوم، تتعدد الخيارات التي تعالج المرض، من بينها مضخات ميكانيكية اسمها «أجهزة مساعِدة للبطينَين» (تضخّ الدم من البطينين نحو الشريان الأورطي) وزرع القلب. صحيح أن الأجهزة المساعِدة للبطينَين تشهد تحسناً مستمراً، لكن يبقى المرضى معرّضين جداً لتخثر الدم والجلطات الدماغية. لابتكار جهاز جديد لا يحتكّ بالدم، استوحى الباحثون في هارفارد فكرتهم من القلب نفسه. يستعمل شريط السيليكون الرفيع محركات هوائية ناعمة توضع حول القلب لتقليد الطبقات العضلية الخارجية للقلب لدى الثدييات. تلتفّ المحركات وتضغط على الشريط بحركة تشبه خفقان القلب. يتصل الجهاز بمضخة خارجية تستعمل الهواء لتشغيل المحركات الناعمة. ويمكن تعديل الشريط بحسب حاجة كل مريض. إذا كان الأخير أكثر ضعفاً على الجهة اليسرى من قلبه مثلاً، يمكن ضبط المحركات لتقديم مساعدة إضافية على تلك الجهة. يزيد ضغط المحركات أيضاً أو يخفّ مع مرور الوقت، بحسب تطور حالة المريض. يتّصل الشريط بالقلب عبر جهاز شفط وخيوط وواجهة هلامية لتحسين الاحتكاك بين الجهاز والقلب. تعاون وتطوير تعاون المهندسون في كلية جون بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية ومعهد «ويس» مع الجراحين في مستشفى بوسطن للأطفال لتطوير الجهاز وتحديد أفضل الطرائق التي تسمح بزرع الجهاز واختباره على نماذج حيوانية. فرانك بيغولا، جراح قلب وأحد المشرفين على الدراسة، كان في السابق مديراً عيادياً لقسم جراحة قلب الأطفال في مستشفى بوسطن للأطفال وأصبح اليوم عضواً في جامعة «لويسفيل» ورئيس قسم جراحة قلب الأطفال في مستشفى نورتون للأطفال. يوضح متحدثاً حول هذا البحث: «ابتعد مجال جراحة القلب عن فكرة تطوير شريط ضاغط للقلب بدل الأجهزة المساعِدة للبطينَين التي تضخّ الدم بسبب الضوابط التكنولوجية. لكن مع التقدم الحاصل الآن في مجال الروبوتات الناعمة، حان الوقت للعودة إلى تلك الفكرة. يحتفظ معظم المصابين بقصور القلب بجزءٍ من وظيفة قلبهم. ربما يساعد الشريط الآلي قلبهم بما يكفي يوماً لدرجة أن يستعيدوا حياتهم الطبيعية». لا بد من إجراء بحوث إضافية قبل زرع الشريط لدى البشر لكن يبقى هذا البحث خطوة أولى مهمة نحو ابتكار روبوت ناعم وقابل للزرع يُحسّن وظيفة الأعضاء. قدّم «مكتب تطوير التكنولوجيا» في جامعة هارفارد طلباً لنيل براءة اختراع ويبحث بكل جدّية عن فرص لتسويق الابتكار. أوضحت روش في هذا الشأن: «البحث بالغ الأهمية اليوم لأن عدداً إضافياً من الناس ينجو من النوبات القلبية ويصاب في النهاية بقصور القلب. والأجهزة الآلية الناعمة مناسبة للتفاعل مع نسيج ناعم وتقديم المساعدة اللازمة لتحسين وظيفة القلب أو حتى الشفاء من المرض والتعافي».
مشاركة :