كيف أختار شريك حياتي؟.. السؤال الصعب من الجنسين

  • 2/10/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: منيرة المشخص 2017/02/09 كل إنسان يتطلع إلى الارتباط بشريك لحياته، لكن الموضوع على فطريته وإلحاحه يثير قلقاً واضطراباً لديه، لأنه يخشى من الفشل المحتمل.. وغالباً ما توصف المرأة بأنها الأكثر حرصاً على الرابطة الزوجية والمحافظة على استمرار العائلة. لكن الدراسات تشير مؤخّراً إلى أن الرجل أيضاً يخاف على منزله وعائلته ويحرص على عدم خسارة زوجته. ويبقى الإشكال عند نقطة الانطلاق: كيف أختار شريك عمري؟ وهل التوافق بين الشريكين هو الأفضل للنجاح أم التكامل بينهما؟ ندع الإجابة لأصحاب الشأن ولأهل العلم والخبراء.. بين التكامل والتوافق في البداية تحدثت إلينا ليلى عوام وهي سيدة متزوجة وتعمل معيدة بجامعة جازان فضلاً عن كونها طالبة مبتعثه للدراسة في الخارج.. فهي ترى أنه لا تكامل من غير توافق ولا توافق من غير تكامل.. وتقول: في رأيي الشخصي يجب أن يكون هناك توافق فكري أولاً قبل التكامل ولا مانع من الاختلاف في وجهات النظر شريطة أن تكون هناك نقطة يلتقي فيها الطرفان وهذا هو المهم والنقطة الأهم في التوافق الفكري هي أن يفهم كل منهما احتياجات الطرف الآخر ولا يلقي عليه جميع المهمات زاعماً أن هذه هي الحياة الزوجية!!! وتواصل ليلى شرح وجهة نظرها: الأساس لنجاح الحياة الزوجية يتلخص في قبول الآخر بعيوبه قبل مزاياه!! مؤكدة في ختام حديثها أنه لا يوجد إنسان كامل! وعليه فلا بد من إشعار الطرف الآخر بقيمته وعدم الانتقاص منها مهما كانت الظروف وإذا حصل هذا فإنه بداية المشاكل!!! التقارب الاجتماعي والعلمي من جانبه يقول حسام بن فالح السليمي محلل أمن تقنية المعلومات: إنه قرأ دراسه تقول: (إن من أكبر مخاوف الرجل هو أن يخوض تجربة زواج فاشلة)؛ لذا فكل منا يتمنى أن يحظى بشريك حياة كامل، والبعض مقتنع بأن هنالك أحداً ما في هذا العالم يكمله ويكون «توأمه الروحي»، والبعض يريد أن يحظى بشريك حياة يوافقه الرأي والفكر!! مع أن المرأة - في رأيه - مكملة للرجل، والرجل مكمل للمرأة ويشرح حسام رأيه من خلال جملة تساؤلات كأنها تحمل إجاباتها في داخلها حيث يقول: هل في إمكان كل امرأة أن تكمل أي رجل؟ وهل كل رجل يكمل أي امرأة؟ أم هنالك معايير ليكمل أحدهما حياة الآخر؟ يضيف: أولاً يجب علينا التفريق بين طبيعة الرجل والمرأة وبين طبع الرجل والمرأة، فالطبيعة هي الفطرة التي خلقها الله في الرجل وفي المرأة كاحتياج الرجل أن يخرج من البيت وأن يكون صاحب الكلمة الحاسمة، ومن طبيعة المرأة أنها تحب الحديث لفترات طويلة والاهتمام بالمنزل وهي الحضن الحنون لذلك الرجل عندما يأتي من الخارج يبحث عن من يسكن إليه ويخفف عنه تعب خروجه لكسب الرزق، أما إذا أتينا إلى جانب طبع الرجل والمرأة، فالطبع يختلف من رجل إلى آخر، ومن امرأة إلى أُخرى: العصبية المزاجية الصبر، فهذه من الصفات النفسية التي تختلف من رجل إلى آخر ومن امرأة إلى أخرى، فلو كان هنالك زوجان من الصفات النفسية نفسها (هادئ وهادئة) فإن حياتهما قد تكون باردة ليس فيها أي شغف ولا حيوية.. وفي المقابل (زوج عصبي المزاج وزوجة مثله) فإن حياتهما تمضي بلا استقرار نفسي، والصراخ يعلو أرجاء المنزل دائماً وربما تنتهي الخلافات بالفراق!! وحول ما إذا كان يريد زوجة تشبهه في طباعه فأجاب قائلاً: «ُتشبِهني؟ لا، لا أريدها أن تشبهني، بل أريدها أن تختلف عني لنفتح نقاشاً يقنع فيه أحدنا الآخر، لنختلف كي نتحدث كي نتواصل كي نجعل حياتنا مُختَلِفة، التكامل هو الحل، فإن التشابه سيصنع الروتين الممل وعدم القدرة على إيجاد الحلول للمشاكل إذا كان كل منا ينظر للأمور من الزاوية نفسها.. وينقل السليمي عن الدكتور طارق الحبيب نصيحة وجهها إلى فتاة مُقْدمة على الزواج: «الزواج يبدأ بالتشابه ويدوم بالاختلاف، فهي الاختلافات بينك وبينه التي تتداخل لتصنع مساحات جديدة من التكامل والاهتمام والنضوج، وهي الاختلافات بينك وبينه التي تجعلك تنسجمين مع احتياجه لك واحتياجك له، فتعرفين متى يحتاج إلى شربة ماء.. ويعرف هو متى يلحفك بالغطاء».. ويختم حسام مرئياته بالتأكيد على ضرورة وجود نوع من التقارب بين الزوجين لنجاح زواجهما، من النواحي الاجتاعية والعلمية والجسدية والعاطفية فلا يكون الزوج حاصلاً على الدكتوراه بينما توقفت الزوجة عند نهاية الدراسة الثانوية!! عقله وقلبها خالد محمد العتيبي - إخصائي تقنية معلومات بالمكتبة السعودية الرقمية - يرى أن التكامل هو الأقرب للصواب فالجانب العقلاني الذي يغلب على الرجل يكمله الجانب العاطفي المسيطر على المرأة ومن أسس نجاح الحياة الزوجية - كما يعتقد - أن تكون مبنيّة على أسس متينة عمادها التعاليم التي أرساها الإسلام (المودّة والمحبّة - التعاون والتفاهم - المداراة وضبط النفس - مراعاة إمكانات الشريك). ويؤكد العتيبي أنه لا يصح بناء الحياة الزوجية على الأهواء النفسية السلبية والتحكّم الشخصي وإلا فلن يُكتب لها النجاح. وتتفق لبنى حسين السنوسي - طالبة علوم حاسب - مع ما طرحه خالد العتيبي من أن العملية تكاملية وتوضح ذلك بقولها: التكامل بين شخصيتين مختلفتين نوعاً ما، فلدى كل طرف نقاط قوة تضاف إلى نقاط قوة شريكة ويتقبلان نقاط الضعف التي لا يخلو منها البشر وبذلك تستمر الحياة سلسة جميلة.. وأما أسس نجاح الحياة الزوجية في رأي لبنى فإنها تُبنى على المودة والرحمة، والتفاهم والثقة، والاحترام والإخلاص والمسامحة، بعدها يأتي الحب في ظل التعاون وحسن المعاشرة. تجربة ناجحة أحمد الدريويش متزوج ويحمد الله على استمرار زواجه الموفق على امتداد أربعين عاماً ويوضح أسباب نجاحه فيقول: منذ زواجنا حتى الآن اتفقنا على أمور عدة وطبقناها في حياتنا الزوجية، ولعل أهمها المحافظة على تعاليم الدين الإسلامي فيما يتعلق بالعلاقات الزوجية وتربية الأبناء، ما جعل المشاكل لا تحدث بيننا وإن حدثت فهي قليلة، وأيضاً حرصنا على ألا يطلع عليها أحد ولا نسمح بخروجها خارج المنزل أو أمام الأبناء فهي ملاحظات تخصنا شخصياً وليس لأحد دخل بها ويختم أحمد حديثه قائلاً»: جميع المشاكل التي نراها الآن هي أن بعض الناس يضعون في مخيلتهم صورة جميلة عن الحياة الزوجية ويسمحون للآخرين بتخطيطها لهم لذا تفشل سريعاً! ونختم مع نورة أحمد وهي خريجة جامعية لم تتزوج وهي غير موظفة ولكنها لخصت اختيار شريك الحياة وديمومة الحياة بين الزوجين في ثلاث كلمات فقط وهي: الخوف من الله والثقة والاحترام فمتى كانت موجودة في الرجل والمرأة فلن يفشل الزواج، وسيكون هناك تكامل وتوافق بين الزوجين إن شاء الله. حقوق وواجبات من زاوية علمية تحدثنا المستشارة الاجتماعية مها بنت محمد المسلّم عن الحياة الزوجية فتصفها بأنها حياة تشاركية تكاملية بين الشريكين فكل منهما يكمل الآخر في جميع جوانب تلك الشراكة بما حدده الله سبحانه وتعالى بينهما من حقوق وواجبات ثم واجباتهما المشتركة نحو الأبناء الذين تثمرهما - غالباً - هذه الشراكة. وتواصل المسلم: لهذا يجب على كل زوج وزوجة أن يؤمنا بطبيعة الاختلاف وأن الحياة لا تحلو إلا إذا كان هذا الاختلاف الطفيف الذي يضفي طابع متعة وجمال لشخصية كل واحد منهما، وأن يعلما تمام العلم أنه لا يمكن أن يكون كل شريك نسخة من الشريك الآخر بمعنى إبعاد فكرة التطابق الكلي فهذا مستحيل ويكفي أن أصابعك أنت أيها الشريك غير متطابقة فكيف تتوقع من شريكك الآخر أن يكون صورة منك.؟. وتقول المستشارة مها: لهذا كلما تفهم كل من الزوجين طبيعة الجنس الآخر وقدر ذلك حق التقدير وتلك الطبيعة حولاها لتكامل نجحت حياتهما الزوجية بشكل مستقر وآمن لاستكمال مسيرة زواجهما بإنشاء أسرة واعية وآمنة ومتكاملة من زوجين متفاهمين ويدعم كل منهما شريكه. وهي تضع النصيب الأكبر من عملية اختيار الزوج لزوجته أو العكس على عاتق الوالدين اتجاه الابن أو الابنة المقبل/ المقبلة على الزواج بالتحري عن المرشح لشراكته والسؤال عن الأخلاق والاستقامة والتوافق البيئي والاجتماعي والفكري والأمانة في ذلك والتوفيق بيد الله؛ وهذا لا يعفي الشاب والفتاة من أن يهيئا نفسيهما بشكل سليم وصحيح للزواج ليكون اختيار الشريك بشكل متعقل وناضج وبسقف من التوقعات المنطقية.. وأن يدرك كل منهما عند الاختيار أنه يختار شريكاً ناضجاً وليس إنساناً قاصراً ليربيه أو يصلحه فالتربية مسؤولية الأسرة التي خرج منها أو خرجت منها، وإن الإصلاح والهداية بيد الله حتى لا يُقْدم أحدهما على حياة تبدأ من أولها على الصراع بسبب تصور خاطئ. وتتطرق المسلم بعد ذلك لنقطة مهمة في اختيار شريك الحياة من الممكن أن تؤثر على الاختيار هي المبالغة في المواصفات الجسدية والشكلية للشريك، فقد يصعب عليه إيجاد هذه الصورة وقد تعرقل خطوات إقدامه على الزواج، وتختم المستشارة الاجتماعية حديثها قائلة: فالأمر في يسر ولله الحمد والحياة ليست كاملة فإذا وجدت أساسيات الزواج التي ذكرتها أعلاه أصبحت الأشياء الأخرى ثانوية تزين الحياة لكنها ليست هي الجوهر.. الشراكة الأهم يصف مشعل القرشي - إخصائي نفسي ومستشار أسري - يصف الحياة الزوجية أكبر وأهم وأعمق مشروع شراكة يقوم به المرء، لكنها شراكة من نوع خاص لا تستند إلى المصالح، بل على أشياء أخرى أهم، ومتى ما قامت مؤسسة الزواج على المصالح فإنها ستكون علاقة هشة قابلة للكسر مع أول مشكلة وستخلو من جانب الود الذي يعتبر أساساً من أسس الزواج. ويضيف القرشي: الزواج يجب أن يقوم على التكامل لا التوافق ولا التشابه، على الزوجين أن يعلما أن اختلافهما أمر طبيعي ورافد مهم لإثراء حياتهما الزوجية، وعلى العكس تماماً يكون حال التشابه، فهو مدعاة للملل ولوضوح التوقعات وغياب المتعة والدهشة. ويرى أن الاختلاف لا يعني الخلاف، بل يعني التجاذب، وتلك نقط يغفل عنها كثير من الناس. ويختم مشعل القرشي حديثه قائلاً: لا يمكن أن نضع معايير ثابتة لمسألة اختيار الشريك لأن لكل حالة معاييرها الخاصة التي تتناول الجانب العقلي والعاطفي والنفسي والاجتماعي، وكل جانب يؤثر بطريقته على الجوانب الأخرى وكل زواج حالة خاصة متفردة لا تقارن بغيرها ولا تعمم على غيرها. شراكة بين الطرفين وأما الداعية الإسلامي خلوفة محمد الأحمري - وهو أيضاً مدرب ومستشار أسري - فيستهل حديثه من نقطة الاسم بقوله: إن تسمية الحياة الزوجية (شراكة) تسمية جميلة وواقعية لأن أساس نجاح الحياة الزوجية يقوم على مساهمة كل من الزوج والزوجة في إنجاح الحياه الزوجية لا نجاح يقوم به الزوج وحده أو الزوجة، بل نجاح الحياة الزوجية هي شراكة بين الطرفين؛ وهنا يكمن فهم الزواج أنه ليس مجرد فراش وجمال وسفريات ودلع وحب!! الحياة الزوجية ميدان كبير وفيه مطبات وتقلبات؛ فيه الحلوة والمرة فيه العسر واليسر فيه جميع فصول السنة، وتكمن الإدارة الرائعة للحياة الزوجية بأن يفهم الولد والبنت أن الحياة ميدان يتعدى الحب والرومانسية وغرفة النوم إلى حياة تمتد العمر بكل ما فيها من خير وشر؛ لذا تجد بعض الأزواج من أول أسبوع يتغير بينهما كل شيء لأنهما فهما الحياة الزوجية في أضيق نطاق وانكشف لهما كل على طبيعته بدون تزييف بدون مساحيق بعيداً عن ليلة الزفة ودلع أول شهر.. ويوضح الأحمري: بأن البحث عن الشريك يحتاج إلى مواصفات، والإسلام لم يهمل الجمال والرومانسية والأصل والفصل والحسب والنسب فكلها متطلبات، لكنه لفت إلى أن قوام هذه المتطلبات الدين لأنه يقوّم ويجمّل ويحلّي كل المواصفات السابقة.. ويضيف: الدين يصنع التوازن في النفس ويغرس الرحمة والشفقة والحب.. وحتى في أحلك الظروف وتعذر الاستمرار: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، مؤكداً على أنه مطلوب البحث بعناية وإشراك الأهل في حدود منبهاً الشباب من الجنسين إلى ضرورة أن يكون الهدف من الزواج الاستقرار وبناء أسرة آمنة ونافعة وأن يعلما أن الزواج مسؤولية وشراكة وتغاضٍ وتسامح وصبر وكتم للألم في حدوده.. وأن يفهم كلاهما أن الزواج ضريبة فلست بعد الزواج مثلك قبل الزواج، ولكم وصلني من شباب وصبايا يريدون العودة إلى عبث ما قبل الزواج. ويرى خلوفة أن الزوج مكمل للزوجة والزوجة مكملة للزوج.. ولن يستأثر أحدهما بالكمال دون الآخر.. وخلوفة يخاطب الزوج قائلًا: صديقي الزوج أنت القائد وبيدك القرار ولك القوامة لكنها تكليف من الله؛ تكليف لأنه أعدك لهذا التكليف وركب فيك كل مقومات هذا التكلف، ويوجه الداعية خلوفة حديثه للزوجة قائلاً: «أختي الزوجة أنتِ تملكين سر الزوج وبيدك تدار الدفة؛ أنت الملكة وصاحبة القرار فلا تكوني كاسرة لجناح القائد فإن كسر جناحه يقتل فيه الحياء ويغريه بالانزلاق. أسس الحياة الزوجية.. التفاهم والتقارب والانسجام والبعد عن المثالية وعن التكبر والدخول في عالم الميانة والوضوح والشفافية والصبر والتقارب.. والدخول بالمشاكل إلى غرف النوم وإغلاق الباب والتفاهم ثم الخروج للحياة كأن شيئاً لم يكن. ويشير المدرب الأسري الأحمري إلى خطورة العناد الذي قد يقع بين الزوجين فيتسبب في زيادة المشاكل وقد ينهي الشراكة الجميلة نهائياً.

مشاركة :