الجنادرية لم تعد روضة من رياض صحراء الثمامة النجدية شمال العاصمة السعودية الرياض فقط، بل أصبحت روضة من رياض الفكر والثقافة والفن والتراث، ولم يكن لها ذلك إلا باستمرار وتنامي فعاليات أعرق مهرجان تراثي ثقافي فني في المنطقة الذي استمر أكثر من ثلاثين عاماً , وهو يعيش الآن دورته الواحدة والثلاثين هذا العام في عمل مؤسسي متطور وقيادة واعية لما تقدم، وما ترغب في الوصول إليه من فعل ثقافي وتوثيق تراثي متأصل ومتجذر في عمق التاريخ وشامخ بأصالة ومعاصرة , وتقديم ثقافة البلد بما تستحق من خلال فعاليات تراثية في أجنحة المناطق والمحافظات بمقر المهرجان، أو من خلال ندوات فكرية وثقافية وفنية تعنى بمختلف المجالات الإنسانية المعاصرة والتراثية , وحضور ضيوف من شتى أقطاب العالم وأطيافه، في حسن تنظيم وكرم ضيافة يقوم عليها رجال الحرس، بقيادة وزيرهم المحبوب الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، ليقدموا وجها مشرقا ومضيئا عن الوطن وثقافته وعمق تراثه، يستحقون عليه كل الشكر والتقدير. أما الحضور التشكيلي هذا العام، فكان مختلفا عن سابق الأعوام، فمنح التشكيلية صفية بن زقر وسام الملك عبد العزيز من يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، يُعد تكريما لجميع التشكيليين، وتقديراً لمسيرة فنانة وهبت حياتها وإمكاناتها لخدمة الفنون التشكيلية والفن على مدار أكثر من خمسين عاما، توجت في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية بأعلى وسام في الوطن تكريما للفن ولها , كما أن الحضور المميز للدكتور محمد الرصيص بورقة عمل وعرض لمسيرة الفنانة صفية في الندوة الكبرى (ندوة المكرمين) بقاعة الملك فيصل ضمن الندوات الفكرية والثقافية بالمهرجان، كانت قراءة رشيقة لمسيرة الفنانة قدمتها بشكل يليق بالفنانة وبمقدم الورقة. إن عناية وزارة الحرس الوطني بالتراث والثقافة والفن من خلال مهرجان الجنادرية، يُعد فعلا إنسانيا راقيا، جعل المؤسسة العسكرية تسمو بأدوارها إلى أرقى أنواع الخطاب البشري العقلي والفكري والوجداني، وهو ما يجعل الأمل أكبر في حضور الفنون التشكيلية بشكل مكثف يتماهى مع ما تقدمه وزارة الحرس للأنشطة الثقافية الأخرى، ويجعل التشكيليين ينعمون بحضور تشكيلي منهجي مستمر في روضة الجنادرية الوارفة.
مشاركة :