لماذا يثير التهديد بوضع "الإخوان" على القائمة السوداء مخاوف المسلمين بأميركا؟

  • 2/10/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يخشى الأميركيون المسلمون أن يؤدي تصنيف الإخوان المسلمين جماعةً إرهابيةً إلى توظيف هذا الحظر لقمع مجتمعاتهم. وكان وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، قد قال لنواب الكونغرس خلال الشهر الماضي إن على واشنطن منح الأولوية لهزيمة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لتركز بعدها على الجماعات المتطرفة، بما فيها تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين. ويقول مراقبون إن الإشارة الخفية التي تربط بين القاعدة، التنظيم المسؤول عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، وحركة سياسية شعبية منتشرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ينبئ بحجم العداء الذي تكنّه إدارة ترامب لجماعة الإخوان المسلمين، بحسب موقع "". وجاءت تعليقات تيلرسون خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ لتأييد ترشيحه لتولي منصب وزير الخارجية متزامنة مع إعادة تقديم النائب عن ولاية تكساس، تيد كروز، لمشروع قانون يستهدف تصنيف الإخوان المسلمين جماعةً إرهابية. ولم يصل مشروع القانون بعد إلى مجلس الشيوخ، لكن أفادت تقارير لاحقة بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يفكر في وضع الجماعة على القائمة السوداء بموجب قرارٍ تنفيذي يصدره. وبينما قد يؤدي هذا التصنيف إلى إلحاق ضررٍ أكبر بعلاقة واشنطن غير المستقرة بالمسلمين في مختلف أنحاء العالم، تحذر جماعات حقوق الإنسان من التداعيات الكارثية لهذا التصنيف على المستوى المحلي، إذ إنه سيمكّن الحكومة من استغلال الأميركيين المسلمين ككبش فداء، وكذلك قمع المسلمين جماعاتٍ وأفراداً. ولطالما وجَّه المنتمون لتيار اليمين، والذين ازداد نفوذهم بعد فوز ترامب في الانتخابات، اتهاماتٍ للنشطاءِ المسلمين والرموز العامة في المجتمع الأميركي بارتباطهم بجماعة الإخوان المسلمين. ويجادل جمهوريون مُخضرمون، مثل فرانك غافني، الذي عمل سابقاً مساعداً لوزير الدفاع ومستشاراً للنائب كروز خلال حملته الانتخابية، بأن المنظمات الإسلامية الأميركية الرئيسية هي مجرد واجهة لجماعة الإخوان المسلمين كي تتمكن من تحقيق خطتها المزعومة للاستيلاء على الحضارة الغربية. تدير كاثرين غوركا، التي عيَّنها ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في وزارة الأمن الداخلي بفريقه الانتقالي، مركزاً بحثياً يركِّز جهوده على الإخوان المسلمين ويحذِّر من النفوذ الظاهر للجماعة في واشنطن. حظر المسلمين مرة أخرى وقال المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية في ولاية ميتشغان، داود وليد، إن محاولات حظر جماعة الإخوان المسلمين "ليست نابعةً من مخاوفٍ خارجيةٍ، بل من شيطنة المسلمين في المجتمع المحلي". وتابع: "يمكن توظيف هذا لتطبيق (حظر المسلمين رقم 2)"، في إشارة إلى القرار التنفيذي الذي أصدرته إدارة ترامب لحظر دخول المواطنين من 7 دول ذات أغلبية إسلامية إلى الأراضي الأميركية. وأضاف أن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعةً إرهابيةً يمكن أن يتحول إلى تطبيق ما يُعرف بسياسة المكارثية لتلطيخ سمعة المسلمين في الولايات المتحدة الأميركية. في خمسينات القرن الماضي، شنَّ النائب الجمهوري جوزيف مكارثي، الذي سُمِّيَت السياسة المكارثية على اسمه للإشارة إلى سلوك اتهام الآخرين دون أدلة، حملةً عنيفة، اتهم خلالها معارضين وطلاب ومسؤولين حكوميون بالانتماء للحزب الشيوعي والتعاون مع الاتحاد السوفييتي خلال الأيام الأولى من الحرب الباردة. يقول وليد: "يستخدم المتعصبون المعادون للمسلمين والمنتمون لتيار اليمين المتطرف اسم جماعة الإخوان المسلمين لوصف المسلمين بشكلٍ عامٍ، وكوسيلةٍ لشيطنة المنظمات الإسلامية والنشطاء الذين يروّجون للتعليم الإسلامي وتعزيز المشاركة المدنية للمسلمين في المجتمع الأميركي". كما أشار وليد إلى حملة التشويه التي استهدفت هوما عابدين، مساعدة هيلاري كلينتون، التي صوَّرتها المواقع المُنتمية لتيار اليمين على أنها عميلة سرية لجماعة الإخوان المسلمين. وفي ظل الأزمة السياسية بشأن مناقشة موازنة الحكومة الأميركية في 2012، ادعت عضوة الكونغرس، ميشيل باخمان، أن جماعة الإخوان المسلمين نجحت في اختراق البيت الأبيض تحت حكم أوباما، حتى أنها اتهمت زميلتها المسلمة في مجلس النواب، كيث إليسون، بوجود علاقة بينها وهذه الجماعة الإسلامية. عملت ميشيل مستشارةً لترامب في ملف السياسة الخارجية خلال حملته الانتخابية في 2016. تهديداتٌ على الأموال والإقامة يحذِّر وليد من أن حملة القمع الأخيرة التي أعلنت عنها الإدارة الأميركية لا تحركها أهداف سياسية فحسب، إذ إن وضع جماعة الإخوان المسلمين على القائمة السوداء قد يسمح لوزارة الخزانة الأميركية بتجميد أصول المسلمين الأميركيين الذين يعتبرون معارضين لسياساتِ ترامب. سيكون لتصنيف جماعة ما "منظمةً إرهابيةً أجنبيةً" تداعيات قانونية قادرة على تقليص نفوذ المنظمة، إذ سيؤدي ذلك إلى تجميد التمويلات المرتبطة بالجماعة فوراً، بالإضافة إلى إمكانية توجيه تهمٍ جنائيةٍ إلى الأشخاص المنتمين للمنظمة. وقد يواجه الأشخاص غير الحاملين للجنسية الأميركية خطر الترحيل من البلاد حتى إذا كانوا يحملون تأشيرة إقامة قانونية وقد يُمنع المُهاجرون المُنتمون للمنظمة من دخول الولايات المتحدة. ويستطيع الرئيس ووزير الخارجية تصنيف أي جماعة كمنظمةٍ إرهابيةٍ إذا استوفت معايير محددة: ينبغي أن تكون المنظمة أجنبية، وتمارس نشاطاً مرتبطاً بالإرهاب، وتشكل تهديداً على الأمن القومي الأميركي. إشعال التطرف جماعة الإخوان المسلمين، التي أُنشئت عام 1928، هي منظمة سياسية نشطة لها فروع تشارك بالانتخابات بتركيا، والأردن، ولبنان، وغزة، وتونس، والمغرب. وبينما تورَّطت في بعض أعمال العنف في بعض المناطق على مدار تاريخها، إلا أنها في معظم الأحيان كانت تحاول تحقيق أهدافها الإسلامية من خلال الأحزاب السياسية. وأصبح عضو الجماعة محمد مرسي أول رئيس مصري منتخب بشكل ديمقراطي عام 2012، لكن أطاحه انقلاب عسكري بعدها بعام واحد. وتلى الانقلاب على مرسي حملة ضخمة لقمع الجماعة والقضاء عليها، إذ أُلقيَ القبض على معظم قادتها، وزُجَّ بهم في السجون، ثم حظرت الحكومة جماعة الإخوان المسلمين ووصفتها بالجماعة الإرهابية. كما توجّهت العديد من دول الخليج التي تدعم الانقلاب في مصر إلى وضع الجماعة على القائمة السوداء، لكن أقدمت دولة الإمارات العربية عام 2014 على اتخاذ خطوة أبعد من ذلك، إذ وصفت كلاً من مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية "كير"، والجمعية الإسلامية الأميركية "ماس"، كمنظمتين إرهابيتين. وفي تلك الأثناء، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها لا تعتبر تلك المنظمات جماعات إرهابية، كما أنكرت كلٌ من "كير" و"ماس" أية صلة لهما بكيانات سياسية أجنبية. وقال رضوان زيادة، المحلل الكبير بالمركز العربي بواشنطن، الذي يضم مجموعة من الخبراء، إن جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة ذات نطاق واسع، إذ تنتسب لها منظمات سياسية كثيرة بالعديد من الدول بما في ذلك الولايات المتحدة. تأثيرٌ سلبي على سوريا وأضاف زيادة، المعارض السوري الصريح في الولايات المتحدة الأميركية، إن وسم جماعة الإخوان المسلمين كجماعةٍ إرهابيةٍ سيُعقِّد من وضع الصراع السوري أكثر، بما أنها جزءٌ لا يتجزأ من التيار السائد للمعارضة السورية، بما في ذلك الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والمجلس الوطني السوري. وقال زيادة لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني: "سيكون من الصعب على وزارة الخارجية الأميركية أن تتواصل مع تلك المجموعات حينئذٍ". وأضاف زيادة أن جماعة الإخوان المسلمين كانت تقدِّم نفسها، بعد الربيع العربي، على أنها حركة وسطية بالشرق الأوسط، لذا فإن استثنائها من النقاشات السياسية سيدفع بأحزابها لاتخاذ مواقف أكثر تطرفًا، ما سيجعل المجموعات المسلحة أكثر جذباً للناس. ويبدو أن محللي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية يوافقون زيادة في منطقه، إذ حذَّر ملخص تقرير المخابرات الذي حصلت عليه مجلة بوليتيكو الأميركية أن وضع جماعة الإخوان المسلمين على القائمة السوداء سيغذي جماعات مثل تنظيم القاعدة، وداعش. وأوضح زيادة أيضًا إن هناك تخوُّفاً من أن سياسات ترامب، بما في ذلك احتمالية وضع جماعة الإخوان المسلمين على القائمة السوداء، تنبع من أفكار ورؤى مستشاريه المناهضة للإسلام. كما سيُضاف توصيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعةٍ إرهابية إلى قائمة القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها ترامب، الذي قوبِل بمعارضةٍ واحتجاجاتٍ شعبية على النطاق القومي، وكذلك مظاهرات على المستوى العالمي خلال الأسابيع الأولى من رئاسته. وقال محامي الحقوق المدنية، شريف عقيل، بالولايات المتحدة، إنه من الصعب التنبؤ بعواقب وضع جماعة الإخوان المسلمين على القائمة السوداء من دون معرفة تفاصيل قرار مثل هذا. وأضاف عقيل: "أيًا ما كان سيؤول إليه الأمر، لا يمكنني أن تخيل ما يمكن أن يحدث، لكن إن كان سيُسنَّ قانونٌ لاستهداف دينٍ معينٍ، فسيواجه غضب النشطاء والمحامون، لأن ليس على هذا بُنِيَت أمتُنا". - هذا الموضوع مترجم عن موقع Middle East Eye البريطاني. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط .

مشاركة :