تُقْبِل على مدخل الجامع ظهر الجمعة للاستماع للخطبة وأداء الصلاة، فأول ما تشاهده على بوابات الجامع أولئك الآسيويين من باعة أعواد السواك، وأشياء أخرى كان من الأنسب عرضها بعد انصراف المصلين من المسجد، كما تشاهد أعداداً من النسوة (بعضهن) يرافقهن طفل أو أكثر بحسب مهارة المتسولة بالتمثيل والقدرة على تدريب الأطفال على فنون التسول والاستجداء، لكن الخوف الأكبر من تلك الأجساد المُلْتحفة بالعباءات النسائية وتتخذ لها مواقع مناسبة من المداخل لاعتراض القادمين للصلاة وممارسة المهنة، وهي أماكن كما يبدو تخضع للاحتلال الشخصي وكلٌ يعرف موقعه بدليل أن الأشكال ذاتها تشاهد كل جمعة بذات المكان. وعند الانصراف من الصلاة تُلاحظ أن أكثر باعة السواك والخردوات قد اختفوا! أين هم؟ الجواب: أنهم لم يبتعدوا كثيراً؛ فالمتسولات التي تشاهدهن عند خروجك من المسجد ويزاحمن الخارجين حتى أنك قد لا تستطيع المرور بينهن إلّا بصعوبة إنما أكثرهن من الرجال والعمال الوافدين ممن كنت تشاهدهم قبل الصلاة يعرضون أشياء تافهة أمام المسجد، هم لا يُضيعون وقتاً أو فرصاً للكسب، حتى بضاعتهم ربما تكون مسروقة من أماكن بعيدة عن الجامع، هم يتنقلون بين الأحياء بسرعة ويتنكرون بصفة مستمرة، وفي كل وقت لهم مهنة وملابس مختلفة، أمرهم عجيب احترفوا الحِيَل والدَّجل والكذب والتلوّن والاختلاس، هم فيروسات وميكروبات ومُلَوِّثات اجتماعية استقدمهم من لا يُقَدِّر العواقب، ولا يستشعر مخاطرهم، أعمت عيناه مكاسب دونية خاصة عن مصالح وطنية كبرى. رجال بملابس نساء عند إشارات المرور وإمام المساجد والمستشفيات، وحول الأسواق الكبرى، ويقال ـ والقول هذا أقرب للصواب ـ إن بين المتسولات خاصة وافدات يعملن في مواقع مختلفة، كالمدارس والمستوصفات والمستشفيات، أو أنهن مرافقات لأزواج عاملين ويستثمرن وقت فراغهن بالتسول، وهؤلاء يُجِدْن كثيراً من فنون القول والاستعطاف كون أغلبهن متعلمات ويحملن شهادات، بينهن من تتحدث العربية ويعرفن جيداً طبيعة المجتمع وتركيبته الثقافية وتَدَيُّنه فيكون فن التسول متماهياً مع هذه المفاهيم وادعى للنجاح بكثير من الجولات والمكاسب المادية، ويضيف القائلون: إن المنطق عند مثل أولئك المتسولات هو: أن قوماً يُمكن أن تقف أمامهم لأقل من دقيقة وبضع كلمات وجُمَل محفوظة فيقدمون لك نقوداً بسخاء؛ فإنك غبي إن أضعت مثل هذه الفرص! وزادوا معلومة مفادها: إن بعض المتسولات لا يمكن أن ترد عليك إن حدَّثتها أو سألتها عن حالها أو ظروفها، لماذا؟ لأنه رجل وربما لا يجيد التحدث بالعربية، فينفضح أمره حتى لو حاول التمثيل بأنه امرأة، والأدهى أن من بين المتسولين من يعملون لصالح جهات مشبوهة، ويُستدل على هذا بأن منهم من سبق القبض عليه وبحوزته مبالغ كبيرة، ثم يعود للتسول فإما أنه غير محتاج بالفعل أو أنه يمارس وظيفة قذرة خدمة لجهات لا تريد خيراً بالبلاد والعباد. وفي الإجمال فإن الإسراع نحو المتسولين والتأثر بأساليبهم بتقديم الأموال لهم ضربٌ من الغفلة وعدم إدراك حقيقتهم، وقنوات ومجالات البر والإحسان معروفة فاتبعوها.
مشاركة :