فيضانات أستراليا وسيول جدة مقارنة متأخرة

  • 2/11/2017
  • 00:00
  • 50
  • 0
  • 0
news-picture

بعد مرور خمس سنوات من التقرير الذي وصلت له لجنة حصر أضرار سيول جدة، سوف أعرّج على بعض مقتطفات منه ولكن لابد من توضيح شيء قبل البدء فيه حيث تؤدي الكوارث الطبيعية بشكل عام وغزارة الأمطار بشكل خاص إلى القضاء على أعداد كبيرة من الرقعة العمرانية وتسبب الدمار للمنشآت والبنى التحتية، فكمية الأمطار ظاهرة كونية لا يعلم حدوثها بالضبط إلا عالم الغيب سبحانه وتعالى، ولا يمكن منعها ولكن يمكن التخفيف منها. وغزارة الأمطار في حد ذاتها لا تسبب الدمار العمراني ما لم يعترض مساراتها عمران، ولكن ما أحببت أن أطرحه في مقالي تسجيل إشارات سريعة بين ما حدث في فيضانات أستراليا قبل شهرين وسيول جدة قبل خمس سنوات المعلومات مستمدة من التقرير- حيث لا يتسع المقام للتفصيل فيها، فقد جالت بخاطري مقارنة عجيبة في الأيام الماضية أثناء متابعتي ما يجري على أرض الواقع من محاكمة المتهمين التي لم تتبين إلى حينه ومن خلال عدد من المشاهدات الشخصية والمواقف الميدانية، أكاد لا أفهم ما يدور بين المجتمع الأسترالي ومجتمعنا السعودي؛ فاليوم التركيز سوف يكون على دور المجتمع النواة المكونة للحي السكني. المجتمع الأسترالي مجتمع منظم تشرَّب ثقافة العمل التطوعي واستعد للكوارث رغم قلتها حتى أصبح يواجهها بكل اقتدار وكأنه يعيشها كل يوم، بينما مجتمعنا مازال يعاني من التخبط في العمل التطوعي. ثانياً هناك جيش من المختصين في الإغاثة، فالأحياء مملوءة بالمواطنين العاديين المُدَرَّبين على الإغاثة التخصصية ومن ليس لديه هذا التدريب العالي فهو متفهم ومستعد للعمل مع المختصين لتقديم ما لا يحتاج تدريباً طويلاً، بينما نحن نقف مكتوفي الأيدي. ثالثاً: عبارات تتكرر على لسان المسؤولين: هذا اختبار لنا جميعاً ويجب علينا أن ننجح فيه.. قد يكون الحدث حطم قلوبنا لكنه لم ولن يحطم عزيمتنا.. سيبقى الجيران هم خط الدفاع الأول فهم يعلمون من فُقِد ومن هو أحوج للمساعدة بينما المسؤولون لدينا كلٌّ يحمِّل الجهة الأخرى التخاذل؛ كهيئة الأرصاد تحمّل الدفاع المدني عدم الاستفادة من تقاريرها على سبيل المثال. رابعاً رئيس الوزراء السابق «وزير الخارجية الحالي» ابن الولاية المتضررة بالفيضان يشجع جيرانه فيقرع بيوتهم بيتاً بيتاً للخروج منها ويساعدهم في حمل أمتعتهم ثم يعلق بقوله: بعيداً عن الشعارات السياسية فإن هذه المصاعب تعطينا دفعة معنوية لمعرفة قدراتنا بينما لدينا لا يوجد لديّ تعليق مقارنة على هذه النقطة. خامساً: المعلومات تحدّث على مدار الساعة ومن أعلى سلطة في البلد بينما الأمطار عطلت أجهزة الرصد لدينا مع انقطاع شبه تام للاتصالات وغيرها. سادساً: الجاهزية هو ما نلحظه من الجميع خصوصاً الجهات الخدمية ولكن أجهزتنا أوكلت المهمة فقط للدفاع المدني والأمانات ووقفت موقف المتفرج. سابعاً الإجراءات الاحترازية تنبئ عن استعداد تام للمواجهة فلو كانت الكارثة في غير هذا البلد لربما كان الضحايا بالآلاف، فأكثر من ثلث ولاية كوينزلاند مغطى بالمياه «مساحة الولاية 1.85 مليون كلم 2» بينما مساحة جدة المغطاة بالعمران 470 كم2 فقط ومع هذا عدد الأضرار في الأرواح والممتلكات يفوق ما حدث في الولاية. ثامناً: إغلاق الجامعات وتخفيض رحلات وسائل النقل العام جاء كإجراء احترازي وتضامناً مع العاملين فيها وليتمكنوا من المساعدة في عمليات الإغاثة بينما عديد من أهالي جدة في ذالك اليوم باتوا خارج منازلهم لدى عودتهم من أعمالهم ودراستهم. تاسعاً: التبرعات تصل بالملايين وتتم من خلال قنوات عديدة جدّاً ومتاحة للجميع بينما يقف رجال الأعمال لدينا مكتوفي الأيدي إلا من رحم الله منهم. عاشراً: المتطوعون يملأون أكثر من مليون كيس بالرمل في أقل من يومين بينما نحن مشغولون بتوثيق أضرار السيول من خلال كاميراتنا وهواتفنا المحمولة. 11: قد يكون مجتمعهم غير مترابط في نظرنا من الناحية العائلية لكنهم يذوبون جميعاً في العائلة الكبيرة ويفدونها بدمائهم، وحقيقة لكي لا أكون متحاملاً على المجتمع في جدة فهم وقفوا جميعاً لمواجهة هذه الأزمة ولكن بشكل متأخر. 12: عدد من المحلات التجارية الكبيرة تتبرع بتوزيع الأطعمة والأغطية والألعاب على النازحين في مناطق الإيواء بينما محلاتنا لم تقدم قوارير المياه للمتضررين مع الأسف الشديد. هذا غيض من فيض للمقارنة التي لم تكن عادلة من وجهة نظري فكيف تُقارن فيضاناً بسيول.

مشاركة :