يحرص البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية "بارع" على المشاركة الفاعلة في الفعاليات الثقافية، سعياً إلى إبراز القيمة الفنية والإبداعية التي يتمتع بها حرفيون من مختلف مناطق المملكة، حيث تقدم لهم هذه الفعاليات الفرصة للقاء الجمهور، واستشعار التقدير لجهدهم في حفظ تراث الوطن والاعتزاز به، وقد كان تنوع محتوى الحرف، وجودة مستوى الحرفيين، هو أبرز ما تميزت به مشاركة "بارع" في فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية للعام 1438هـ، وبالتحديد في واحة السياحة والتراث التابعة للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.السِّبح .. توطين حرفةالـ 20 مليونارئيس طائفة تجار السبح في جدة جمال محمد الجهني وهو مهني معتمد من "بارع" في صقل الأحجار الكريمة وخراطة السبح، حيث عمل في هذا المجال لعقود من الزمن تعلم فيها الحرفة بشكل ذاتي، معتمداً في ذلك على حبه الشخصي للسبحة كواحدة من المقتنيات التي ارتبطت بذاكرة أجيال سابقة، واستمرت حتى اليوم، وسط إقبال كبير عليها من الشباب الذين يملكون أذواقاً متنوعة في اختيار السبح الخاصة بهم.يحتاج الجمهور إلى أن يرى كيف تتم عملية صناعة السبحة بدءا من اختيار أجزائها ومكوناتها وتشكيلها مع بعضها، هذا ما يؤكده الجهني، الذي يرى أن أياما قليلة من التدريب كافية لتعلم أي شخص أن يصنع سبحته الخاصة، وقد يستطيع صناعة ثلاث سبح في يوم واحد في حال استخدم خامات معينة، ويضيف "حبي للمهن اليدوية عموما، ولهذه المهنة بشكل خاص جعلني أقيم ورشة لتدريب الشباب عليها، وقد كانت مرحلة التقاعد بالنسبة إلي فرصة كبيرة لتعزيز تجربتي في هذا المجال، خصوصاً في ظل الاهتمام الذي تجده الحرف اليدوية وإقبال الجمهور عليها".ويؤكد الجهني أن استهلاك السبح في المملكة لا يقل عن 20 مليون سبحة سنوياً، يتم استيرادها بالكامل من الخارج، فضلا عن كونها الهدية المفضلة لقرابة عشرة ملايين زائر سواء من الحجاج أو المعتمرين على مدار العام، الأمر الذي يجعل هذا الحرفي يطالب بدعم التصنيع المحلي لهذا المنتج، معبراً عن أمنيته الخاصة بافتتاح مصنع لإنتاج السبح، ومشيداً بما يقوم به برنامج "بارع" في تقديم فرص المشاركة للحرفيين ومنحهم إمكانية نقل الخبرة وتدريب الشباب المهتمين بالمجال الحرفي.«حرفة نادرة» تجذب صاحب الماجستير في الفنونفي جانب آخر، شارك الفنان والحرفي أحمد المالكي بركن في واحة السياحة والتراث، عرض فيه جوانب من أعماله في الحفر على الحجر والرخام أو ما يصفه بـ "نحت التراث"، وبعد مرور 20 عاماً على أول مشاركة له في الجنادرية، جاءت فرصة الحضور مع برنامج "بارع" لتمثل إضافة أخرى إلى مسيرة المالكي، وهو خريج التربية الفنية، الذي سبق له صنع كثير من الأعمال كذلك على الجبس والخشب والألمنيوم، منطلقاً من قناعته التي يخبرنا بها "يمكن تنفيذ أي عمل مهما كان حجمه، هناك أشياء كثيرة تستورد فيما نستطيع تنفيذها محلياً بسعر أرخص وبشكل مواكب لتراثنا وهويتنا".ويؤكد المالكي الذي شارك في معارض تشكيلية ويحمل شهادة الماجستير في مجال الفنون، أنه ظل رغم كل هذا شغوفاً بتجربة الاشتغال على أشكال تراثية، حيث يرى فيها قيمة جمالية خاصة ويصفها بالصنعة النادرة، كما يشير إلى أن تعلم هذه الحرفة أصبح أكثر أهمية في الوقت الحالي ولا سيما مع توجه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني نحو دعم الحرفيين، وبوجود النظام الذي يطالب المؤسسات والجهات الحكومية باقتصار شراء إهداءاتهم التراثية على نتاج حرفيين سعوديين. ويضيف "لقد قامت هيئة السياحة ممثلة في "بارع" بمجهودات جميلة لخدمة الحرف اليدوية، وسيكون من الجيد أن يتبنى البرنامج كذلك ورش عمل للحرفيين الواعدين أو الراغبين في التعلم، ونحن مستعدون لتقديمها مجانا في أي مجال حرفي وفي أي مكان، كما يمكننا التعاون مع المدارس وجمعيات الثقافة والفنون لتنفيذ هذه البرامج المفيدة، هناك كثير من الصغار القادرين على تطوير أنفسهم والابتكار، هم فقط يريدون أن يعرفوا كيف يبدأون".الخميس .. الحرفي الذي نشأ في متحفكانت نشأة الحرفي صالح الخميس في بيت طيني تم ترميمه ليتحول فيما بعد إلى متحف الدرعية، ومن هذه التجربة الخاصة كان الارتباط بالتراث والتاريخ والمباني الأثرية متجذراً في روحه وشخصيته، قبل أن يتحول إلى حرفة في يديه، ليصبح بعد 25 عاماً من التعلم الذاتي والمشاركات الداخلية والخارجية، أحد أبرز الفنانين في مجال صناعة مجسمات البيوت الطينية القديمة، وقد كانت مشاركته مع برنامج "بارع" في مهرجان الجنادرية لهذا العام فرصة لتعريف الجمهور بهذه القصة. الخميس الذي يصف نفسه بأنه جزء من فريق "بارع"، حيث سبق له الحضور مع البرنامج في عدد من الفعاليات، يؤكد قيمة المشاركة في مهرجان بحجم الجنادرية، مشيراً إلى أن اللقاءات المباشرة مع الجمهور والمهتمين هي أحد العوامل الرئيسية لنجاح الحرفي وتطوير تجربته، بالنظر إلى ما تتمتع به الأعمال والفنون التراثية من قبول اجتماعي لدى الأفراد والعائلات على السواء، متمنياً أن تشهد الفترة المقبلة إتاحة مزيد من فرص الظهور للحرفيين بمختلف أنواع نتاجهم، مع الاهتمام بوسائل عرض الأعمال الحرفية، من أجل أن يتعرف عليها الزوار عن قرب. Image: category: منوعات Author: «الاقتصادية» من الرياض publication date: السبت, فبراير 11, 2017 - 03:00
مشاركة :