بأسلوب سلس شيق، يتناول الكاتب المصري عمر طاهر في كتاب جديد قصص كفاح وسير ومشاهد من حياة بعض من أطلق عليهم «الصنايعية» الذين ساهموا في بناء مصر الحديثة، متناولاً شخصيات عدة منها المحافظ والمهندس والمذيعة والمنشد والصحافي والممثل ورجل الأعمال. تناول طاهر في كتابه أكثر من 30 شخصية قال عنها: «هناك أشخاص ساهموا في رسم ملامح هذا البلد وتاريخ حياة سكانه من دون أن يحصلوا على نصيبهم من الضوء والمحبة والاعتراف بالفضل». ويضم الكتاب الصادر عن «دار الكرمة للنشر» ملف صور لمن ورد ذكرهم، كما يحوي سيرة ذاتية لطاهر. ويحمل الغلاف صوراً لشخصيات الكتاب الذي يحمل اسم «صنايعية مصر - مشاهد من حياة بعض بناة مصر في العصر الحديث» ويتكون من 310 صفحات. وقد جمع الكاتب معلومات عن الشخصيات الواردة بين دفتي كتابه من خلال القراءة والبحث في الأرشيف أو التوجه إلى مسقط رأس الشخصية كما فعل مع المنشد سيد النقشبندي. يستهل عمر طاهر شخصيات كتابه بحمزة الشبراويشي مبتكر كولونيا 555 الذي كانت «منتجاته في كل بلد عربي، في مصر تحمل اسم «555» وفي السعودية تحمل اسم «سعود» وفي السودان تحمل صورة مطربهم الأشهر عبد الكريم كرومة». كما يتناول سيرة المهندس محمد كمال إسماعيل الذي صمم مجمع التحرير في القاهرة ودار القضاء العالي و «مصلحة التليفونات». وعُهدت إليه «مسؤولية إعادة إعمار وتوسعة الحرمين المكي والنبوي»، وهي مهمة قال إسماعيل عنها: «لا يجرؤ رجل ذو قلب على الاقتراب من مشروع من هذا النوع». ويتطرق الكاتب إلى بناء برج القاهرة الذي يبلغ ارتفاعه 187 متراً وكيف خطرت الفكرة للمهندس المصري ناعوم شبيب مصمم مبنى جريدة «الأهرام». وكان شبيب يقول لطلاب كلية الهندسة عن البناء والتشييد إن «التشييد هو عمل الإنسان لمصلحة أخيه الإنسان». وفي الكتاب سيرة أبو عبد اللطيف أبو رجيلة رئيس نادي الزمالك في خمسينات القرن الماضي، وتطويره للنادي وبناء مدرجاته وكيفية إدخاله حافلات النقل إلى القاهرة. ومن بين الشخصيات الواردة في الكتاب وجيه أباظة والطفرة التي حققها في محافظة البحيرة عندما كان محافظاً لها وحب أهل المحافظة له. ويرى أباظة الذي تولى منصب محافظ القاهرة لمدة عام أن المحافظ «هو عمدة، مهمته جمع الناس حوله ومشاركتهم أدق تفاصيل مشاكلهم اليومية. المحافظ رجل يملك مكتباً ينجح كلما اقترب من حالة مصطبة العمدة». ومن بين من شملهم الكتاب «سيد النقشبندي - صنايعي الإنشاد» الذي ارتبط صوته دوماً بشهر رمضان، خصوصاً أن التلفزيون يبث أناشيده قبل أذان المغرب. ويسرد الكاتب رحلته إلى طنطا التي خرج منها النقشبندي ليفتش عن معلومات عنه ومقابلة حفيده. ويتناول طاهر حياة أنيس عبيد الذي درس الهندسة وتعلم دمج الترجمة مع الأفلام في باريس ويطلق عليه «صنايعي ترجمة الأفلام الأجنبية». ويقول إن عبيد عندما ذهب للحصول على الماجستير في الهندسة كان «خير ساعي بريد لنقل الرسائل الضمنية في أفلام الخواجات لنا، ببساطة غير مخلة، وبقوانينه الخاصة». ولم يغفل الكاتب المرأة في شخصيات بناة مصر الحديثة فتناول سيرة «أبلة نظيرة - صنايعية مطبخ مصر» التي درست «فنون الطهو وشغل الإبرة» خلال بعثة إلى لندن. ويقول الكاتب إن نظيرة نيقولا تشاركت مع «أبلة بهية عثمان» التي كانت عائدة من بعثة مماثلة في انكلترا في وضع كتاب «أصول الطهو» في أكثر من 800 صفحة والتي تقول عنه لبنات جيلها «نصيحة أن تدرسن كتابي جيداً، ولتحملنه معكن إلى عش الزوجية، فالرجال قلوبهم في بطونهم».
مشاركة :