نفاد الطبعة الأولى من رواية "كل هذا الهراء" متوقعًا خلال أسبوع واحد رغم شهرة كاتبها الروائي عزالدين شكري فشير، صاحب الرواية الأشهر عن ثورة 25 يناير "باب الخروج" الصادرة عام 2012. لكن قراءة الرواية الجديدة تزيل الدهشة إذ يستطيع كل قارئ أن يجد مكانه فيها، ويعتقد أنه يقرأ عن حياته في السنوات الخمس الأخيرة من عمر مصر. وصدرت "كل هذا الهراء" بمناسبة انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي أسدل الستار عليه الجمعة، في 320 صفحة من القطع الصغير وذلك بعد تغيير الاسم الذي كان في الأصل "أمل وعمر في الفراش". ويبدأ الروائي والدبلوماسي المصري روايته بإهداء حميم مستدعيًا ذكرى "شهداء مذبحة الأولتراس" في بورسعيد عام 2012 ثم يشمل كل ضحايا السنوات الخمسة الفائتة. وقتل 73 مشجعًا للنادي الأهلي المصري، خلال حضورهم مباراة بين ناديهم والنادي المصري في بورسعيد، في فبراير/شباط 2012، عندما اقتحمت الجماهير أرض الملعب، فيما وصف بأنه أبشع حادث، تشهده ملاعب كرة القدم على الإطلاق. ويعلن الكاتب براءته من المشاركة في الأحداث الروائية عبر تأكيده على تسليمها له من أحد القراء، ويكتفي بتحمل المسؤولية عن الصياغة فقط. وبحس ساخر يسمي فشير الأعضاء التناسلية داخل النص بتلك "التي يحبس القاضي من يذكر اسمها صريحًا"، خوفًا من أن يلقى مصير زميله الروائي المصري أحمد ناجي الذي حبسه القضاء عامين بسبب ما جاء في روايته "استخدام الحياة". ويقسم "فشير" ثوار يناير إلى أنماط يبحث من خلالها عن دوافع الثورة لدى الثائر ومصيره بعد هزيمتها. ولم تستغرق حكايات الثورة بين أمل وعمر سوى مسافة تمتد من منتصف الفراش حتى حافته، وزمنيًا استغرقت نحو 24 ساعة في 8 فصول بالرواية هي تلك الفترة التي بقيت على سفر "أمل مفيد" المصرية الأميركية بطلة الرواية إلى نيويورك بعد خروجها من السجن لعام كامل في قضية تمويل المنظمات الأجنبية في مصر. "أمل" ابنة الضابط المصري الذي هاجر إلى أميركا واستثمر في بيع نظم التشغيل ثم مات بشكل مفاجئ وترك ابنة تعاني من ازدواج الهوية الثقافية بين مسلمة مصرية، وأميركية متحررة ثم وجدت في الثورة خلاصًا يمنحها صك الهوية. "عمر" يحكي قصص رفاق الميدان عبر الرواية لكن حكايته تبدأ من مزرعة مملوكة لتنظيم القاعدة في شمال السودان، ليظهر لاحقا في ميدان التحرير لصالح الثورة بعد هروبه بطريقة معقدة من المزرعة ويستقر في مصر. وتغطي قصة "عمر" التي يحكيها لـ"أمل" تاريخ الجيل السابق للثوار وبالتحديد أولئك الذين تورطوا مع القاعدة والتنظيمات المتطرفة الموازية لها زمنيًا. وينتقل "عمر" في حكاياته إلى الجيل الذي التقى في ميدان التحرير بدءًا من صبيحة 25 يناير 2011 ويحكي عن الثلاثي "وائل"، و"محب"، و"تامر"، وينتمي الثلاثة إلى جماعات الأولتراس على اختلاف جذورهم الطبقية حيث ينحدر "وائل" من أسرة شديدة الفقر ويدرس بكلية التجارة. الثاني "محب" وهو مهندس برمجيات مسيحي مصري وخريج جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة أما الثالث فهو ابن خالة عمر وينتمي للطبقة الوسطى ويعمل محاميًا ويملك شركة برمجيات. التقى الثلاثة في الميدان وقتل اثنان منهم في "مذبحة الألتراس" في بورسعيد في أول فبراير 2012 ليخرج الثالث برغبة عارمة في الانتقام وإيمان كامل بالقوة والعنف كسبيل لمواجهة الظلم وأودع السجن لخمسة أعوام في قضية تظاهر. ويتطرق الكاتب الى عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي اثر ثورة شعبية اطاحت به بعد فشله في تحقيق وعوده الانتخابية وتردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتدهور حرية التعبير والابداع في عهده. ويستكمل (عمر/ فشير) باقي الحكايات بعرض للسفر إلى أميركا تقدمه "أمل"، لكنه يتكاسل مؤكدًا أنه باق في اللامعني الذي يعيشه ويطمع في إنجاز واحد وهو مرور الزمن. وتسأله أمل قبل اتجاهها إلى المطار: ما الذي تنوي فعله؟ فيرد سأنام غالبًا هكذا ينهي "فشر" روايته الخاصة عن ثوار يناير مصنفًا إياهم بين مهاجر للغرب، وهارب للقتال شمال شرقي مصر، وسجين، أو قتيل، أو محبط محطم بين جنبات سجن كبير. عزالدين شكري فشير، كاتب مصري صدرت له 6 روايات: "باب الخروج "، و"رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة"، و"عناق عند جسر بروكلين"، و"أبوعمر المصري"، و"غرفة العناية المركزة"، و"أسفار الفراعين"، و"مقتل فخرالدين".
مشاركة :