ألقت أزمة انقطاع الكهرباء بظلالها على كل جوانب الحياة في غزّة، وتجاوز خطرها الاقتصاد إلى البنية التحتية، في القطاع المحاصر منذ سنوات. واستعرضت جمعية «جيشاه مسلك» الإسرائيلية في تقرير «يد على المفتاح، من المسؤول عن وضع البنية التحتية المدنية في غزة»، أوضاع البنية التحتية للطاقة والمياه والاتصالات في القطاع غزة والجهات المسؤولة عن تدهور الأوضاع وحلول منع انهيارها وإعادة التأهيل والتطوير. وأكّد التقرير أنّ سكان غزة لا يحصلون على أكثر من ثماني ساعات من إمداد الكهرباء تتقلّص خلال فصل الشتاء إلى أقل من أربع، ما يؤدّي بدوره إلى تشويش الحياة اليومية، والإضرار بالخدمات الصحية والتعليمية، وإلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد، فضلاً عن عدم صلاحية مياه الحنفيات للشرب وأغلب الاستخدامات الأخرى، بما قد يؤدي إلى أضرار صحية نتيجة استهلاكها. وأضاف التقرير أنّ خدمات الاتصال الخلوي عالقة في الجيل الثاني واتصالات الإنترنت بطيئة، وعليه تقع البني التحتية في غزة في حلقة مفرغة تضم الإهمال والتدمير، إضافة إلى صعوبات اقتصادية نتيجة العمليات العسكرية المتكررة، والتوترات السياسية والتقييدات الإسرائيلية المشددة على دخول المعدات والخبراء. وتؤدي كل هذه العوامل، وفق التقرير، إلى استمرار الوضع القائم للبنى التحتية، إلّا حال إيجاد حلول جذرية تساعد على الانتقال والتغيير. تقاسم مسؤولية ويستعرض التقرير البنى التحتية خلال العقدين الماضيين، وتقاسم المسؤولية عن الوضع الراهن بين الجهات المؤثّرة في القطاع وإسرائيل، والسلطتين في كل من رام الله وغزة، وممثلي المجتمع الدولي، لأنّهم يؤثرون في الأوضاع في القطاع، وتقع عليهم المسؤولية من أجل تقديم الدعم والإسناد. ولفت التقرير إلى أن الظروف القائمة في قطاع غزة الآن بعيدة عن الشروط الأساسية المطلوبة لإقامة حياة طبيعية، وأنّ أغلب سكان القطاع من فئة الشباب المتعلمين، وبحاجة فقط إلى إزالة العوائق ليتمكنوا من الانطلاق والدفع قدماً بعجلة الاقتصاد، إلّا أنّهم في الواقع يضطرون إلى التعامل مع التحديات المفروضة نتيجة البنى التحتية المترهلة، فيما يرجع السبب إلى سيطرة إسرائيل المستمرة على قطاع غزة منذ 50 عاماً. اعتماد واستغلال وأوضح التقرير أنّ عشرات السنين من الاحتلال الفعلي خلقت اعتماداً شبه مطلق لسكان القطاع على إسرائيل في إمدادات الطاقة والمياه والاتصالات، فيما تستغل إسرائيل اعتماد قطاع غزة عليها من أجل تحقيق أهداف سياسية، عبر منع مده بالطاقة، ومنع وصول الأشخاص إلى التكنولوجيا المتقدّمة في مجال الاتصالات. ووفقاً للتقرير، تعد التقييدات التي تفرضها إسرائيل على دخول المنتجات والمعدات التي تعتبرها ثنائية الاستخدام، وهي بضائع مدنية ترى إسرائيل أنها تستخدم لأغراض عسكرية وتقييد حركة الخبراء، من أهم الأمور التي تحبط المساعي لتأهيل المرافق المدنية. مسؤولية تردٍّ وحمّل التقرير المسؤولية للسلطة الفلسطينية في رام الله وحكومة غزة عن أوضاع البنى التحتية في القطاع، وكذلك الانقسام السياسي الذي لم يسهم في حل الأزمات الخانقة بهذا المجال، فضلاً عن انخفاض نسب الجباية مقابل خدمات الكهرباء والمياه، وفرض ضرائب على الوقود، وعدم العمل بشكل كافٍ لإزالة التعديات على شبكة الكهرباء واستخدامها بشكل غير قانوني.
مشاركة :