يقول الخبر إن فريقاً من شرطة الرياض ومكتب العمل نجح في إلقاء القبض على سبعة وافدين حوَّلوا شقة سكنية مقرَّاً لصيانة وبيع الجوالات، في محاولة منهم للتحايل على القرار الوزاري القاضي بتوطين مهنتي بيع وصيانة الجوالات بنسبة 100%، وقصر العمل فيهما على السعوديين والسعوديات! ولعل السؤال هنا، ما الذي جعل هؤلاء يعملون في بيع وصيانة الجوالات من شقة سكنية، لمن يتبعون؟ أو بمعنى أكثر وضوحًا، من هو المتستر عليهم؟ هو حتمًا مواطن يجلس كما المزهرية في محل صغير مترين في مترين، وهو موظف لدى سعودي آخر، وضعه في واجهة المحل لأسباب رقابية، لكن من يعمل فعلاً على صيانة الجوالات هم من الوافدين الذين يقطنون الشقق السكنية والاستراحات وغيرها! إذا كان في بلادنا مرض سرطاني يصعب شفاؤه فهو التستر، ثم التستر، ثم التستر، فمتى ما عالجنا هذه الأزمة المتفشية في كل مدينة وقرية بالمملكة، نكون قد سرنا بثقة نحو توطين المهن والوظائف، وأنجزنا ما مللنا سماعه منذ وزارة الدكتور علي النملة، وزير العمل السابق، حول توطين عشرات المسميات الوظيفية، مما يعني أننا نصدر قرارات مختلفة، وعلى مدى سنوات طويلة، لكننا نعجز عن تطبيقها بشكل فاعل ومؤثر. وربما ما لم يقله هذا الخبر، وغيره من الأخبار، أن هؤلاء الوافدين الذين نزحوا من سوق بيع الجوالات وصيانتها (إذا كانوا فعلاً نزحوا منها) لم يسافروا خارج البلاد نظرًا لانتهاء عقودهم مثلاً، وإنما انتشروا في الطرقات البعيدة، وعلى أطراف المدن، وعملوا في بيع شاي الجمر، والذرة، وأبو فروة، وغيرها من المنتجات الرخيصة في الشوارع، مما يعمل بها عادةً الباعة المتجولون، بل على العكس لم تزل تأشيرات الاستقدام تصدر بشكل يومي، وتزداد بشكل مقلق، في مقابل تسريح السعوديين من شركات القطاع الخاص، بسبب ما تعيث بهم المادة 77 من فوضى، تلك المادة العجيبة في قانون العمل، والتي بقيت صامدة وعنيدة رغم هجمة الأقلام الصحفية الوطنية المخلصة ضدها! هل الملاَّك والقطاع الخاص أكثر تأثيرًا، وأكثر سطوة من المواطنين؟ هل صوت المواطن ومن يمثله من كُتاب الرأي الحر، خفيض وغير مسموع لهذه الدرجة، ولم يستطيعوا إيصال معاناة السعوديين الذين تعرضوا لحالات مختلفة من الفصل التعسفي؟ هل الرقابة على تنفيذ هذه القرارات بتوطين بعض المهن تعد رقابة ضعيفة؟ أم أن المواطن الذي هو رجل المرحلة، لم يكن صادقًا ونزيهًا ومخلصًا بما يكفي، بحيث لم يحارب التستر ويكشف عنه، وإنما أصبح شريكًا وداعمًا أحيانًا.
مشاركة :