د.ثريا العريض بلا شك نحن نمر حاليًا بنقلة نوعية في ثقافة المجتمع ولنا أن نشكر «برنامج التحول» ورؤية 2030 عليها. اعتبرها شخصيًا مرحلة بناء أو تعديل إيجابي في الأوضاع العامة ستفرض بدورها تغيرات إيجابية على المدى الأبعد في توجه الفكر الفردي. بالطبع لا يشاركني الجميع هذا الرأي، بل كثيرون يشكون ويرون ضغط الأوضاع سلبيًا، ويترحمون على أيام الطفرة والوفرة التي عودتنا حياة الرفاه مع عدم تطلب مجهود استحقاقه. هي مرحلة إعادة تأطير لما يجب أن يكون عليه المجتمع العام، وكل تغيير بعد مرحلة اعتياد يحمل معه شيئًا من الألم بالضبط مثل تحريك عضلات اعتادت الكسل، أو التحجر في أوضاع محددة لا بد من إعادة تعويدها على الحركة قبل أن يختفي الشعور بالألم الحاد وتبدأ متعة الحركة المفتقدة سابقا. أتفهم انزعاج ومشاعر الإحباط عند بعض القطاع الخاص، خاصة المقاولات، من انحسار فرص المشروعات الشاسعة، وتقلص الأرباح التي كان يضمنها الدعم الحكومي والاعتماد على العمالة الرخيصة، وتقديرات التنفيذ بتكلفة خيالية مقارنة بما يشابهها من مشروعات خارج الوطن.. مليونية على أقل تقدير أن لم تصل إلى مليارية. لم تعد أرض الفرص الذهبية وصار لا بد من حساب دقيق في كل مرحلة من مراحل العمل. ولكن المتخصص مثلي في التخطيط التنموي على المدى البعيد يدرك أن النمو غير المتوازن هو تورم غير صحي في بعض الجسد الوطني يعاني منه طبعًا الأجزاء الأخرى وأن العلاج لا بد أن يمر بمرحلة الألم والشكوى قبل متعة الشفاء. ويدرك أنه لا بد من استراتيجية حازمة تفرض بدء العلاج وفرض تناول الدواء. تأتي عندها السياسات العليا لإعادة الهيكلة والإجراءات وتتضح ضروريات توليد الوظائف للمواطنين من الجنسين، وفرض أفضلية التوظيف لهم، مع اشتراط التأهيل والتدريب على رأس العمل. وتأسيس نظام وبرنامج حساب المواطن لدعم من يحتاج وتخفيف ضغط ارتفاع تكلفة الحياة على ذوي الدخل المحدود والمتوسط. هي عملية إعادة بناء مدروس لثقافة وفكر الفرد تتطلب منه التفكير العقلاني الجاد في أولويات الصرف الفردي على احتياجات الحياة مع الدعم القادم كمساندة تضمن حياة كريمة توفر المستلزمات الأساسية لحياة كريمة وإن لم تكن حياة باذخة. هي مرحلة انتقالية تحمل الوطن وأبناءه إلى مرحلة استقرار مستدام. وهي مرحلة انتقالية ليس فقط في تفاصيل الاقتصاد الوطني وإعادة هيكلته، بل أيضًا على النطاق الفكري الثقافي من حيث علاقتنا بالانتماء والتعايش والخروج من الإطار الضيق لثقافة التكفير عن الرفاه بالتركيز على التفكير في الموت. هنا يأتي التخطيط لإعادة استيعاب ضرورة الترفيه والاعتراف الرسمي بحاجة البشر له. فليس كل مواطن يستطيع أن يتحمل ميزانية السفر إلى الخارج في كل إجازة. هي مرحلة تحول وعودة للتناسق الطبيعي في النمو واستعادة التوازن في فكر وثقافة وحياة المجتمع. وسنرى ثمارها بإذن الله
مشاركة :