قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن موقف إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب من الإرهاب يتفق مع المصالح العربية، كما اعتبر موقفها من دول إقليمية «جاوزت المدى في تدخلاتها في الشؤون العربية» يعد إيجابيا، في إشارة على ما يبدو إلى إيران. وكان أبو الغيط يتحدث خلال الجلسة الافتتاحية لرؤساء البرلمانات العربية التي عُقدت في القاهرة أمس، مطالبا المؤتمر بضرورة تفعيل الأطر القانونية لمجابهة العنف والتطرف. ولكن أبو الغيط أضاف أن الوقت مبكر للحكم على مجمل توجهات الإدارة أو مواقفها من العالم العربي، لافتا إلى ما سماه «الإشارات المتضاربة» للإدارة الأميركية الجديدة. حذر الأمين العام للجامعة خلال كلمته من تعاظم حدة التهديدات التي تواجه الدولة الوطنية وتصاعد خطورتها، من خلال تهديدات تضرب كيان الدول، وتستهدف شرعيتها وبقاءها ككيانات سياسية موحدة ومستقرة، واعتبر أن الحكم الرشيد، بمعناه الشامل، يمثل الحصن الأهم في مواجهة هذه التهديدات الخطيرة. وأشار أبو الغيط إلى أن اجتماع البرلمانات العربية يكتسب أهمية كونه يكرس أعماله لبلورة رؤية عربية برلمانية شاملة لمواجهة التحديات الراهنة المحدقة بالعالم العربي وكذلك للتعامل مع التغيرات المتسارعة في الإقليم والعالم، والتي تستدعي من الجميع الانتباه واليقظة الحقيقية والإرادة الجماعية للتحرك والفعل. وتحدث الأمين العام عما سماه «الإشارات المتضاربة» لإدارة ترمب، قائلا إن الحكم عليها يحتاج إلى التريث والمراقبة والرصد. وأضاف أن بعض توجهات هذه الإدارة في التصدي للإرهاب بكافة صوره يتفق مع المصالح والأهداف العربية كما نفهمها، كما أن موقفها من بعض القوى الإقليمية التي جاوزت المدى في تدخلاتها في الشؤون العربية يعد إيجابيا. وتابع قائلا إن «هناك بالقطع ما يقلق في بعض ما أُعلن بشأن القضية الفلسطينية، التي ما زالت عنوانا أساسيا على أجندة الاهتمامات العربية. وأوضح إن الحكومة اليمينية في إسرائيل تسعى إلى انتهاز فُرصة التشوش الحادث على الساحة الدولية، وما تظن أنه ضوء أخضر لها لتمعِن في الاستيلاء على الأرض واستكمال مشروعها الاستيطاني البغيض الذي يقوض احتمالات تحقيق حل الدولتين». ودعا أبو الغيط المجالس والبرلمانات العربية للإبقاء على قضية فلسطين حية، والاستمرار في التحرك وتكثيف جهودها في إطار الدبلوماسية البرلمانية مع نظرائها من البرلمانات الدولية لتأكيد مطالب الشعب الفلسطيني في المحافل والمؤتمرات البرلمانية الدولية، ولا تعارض أبدا بين الدبلوماسية الحكومية والدبلوماسية البرلمانية، فالأخيرة موازية للأولى ومكملة لها. وانتقد الأمين عام للجامعة التدخلات الإقليمية في الشأن العربي، مشيرا إلى أن المنطقة تشهد حالة غير مسبوقة من التكالب على العالم العربي من جانب قوى إقليمية تستغل فرصة الفوضى التي ضربت بعض ربوعها. وقال إن هذه القوى تعمل على إذكاء الفوضى وتعميق التفكك عبر تبنيها لمشروع طائفي يقسم الأوطان على أساس الهوية الدينية، ويبث فيها بذور الشقاق والاحتراب.. وطالب الشعوب العربية، قبل الحكومات، بمواجهة هذه المخططات التخريبية التي تستهدف استقرارها بالدرجة الأولى. وأكد أن البرلمانات العربية تضطلع بمهمة كبرى على مستوى العمل العربي المشترك في التصدي للإرهاب، وقال إن هناك حاجة ماسة لتفعيل الأطر القانونية لمجابهة العنف والتطرف ومن بينها الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. من جانبه، أكد الدكتور مشعل بن فهم السلمي رئيس البرلمان العربي أهمية حماية الأمن القومي العربي، وما تمثله دولة إسرائيل من تهديد له جراء احتلالها البغيض للأراضي العربية في فلسطين وسوريا وجنوب لبنان وممارساتها العنصرية البغيضة ضد الشعب الفلسطيني الصامد، كما اعتبر أن النظام الإيراني مهدد للمنطقة من خلال استمرار احتلاله للجزر الإماراتية، وتدخله السافر في الشؤون الداخلية للدول العربية عن طريق إثارة الصراعات والنزاعات الطائفية، وتكوين ميليشيات مسلحة تحل محل الدولة ومدها بالأسلحة لخلق الأزمات وإدامة الصراعات في المنطقة العربية. وندد السلمي بتصريحات قادة إيران العدوانية ضد الدول العربية خاصة البحرين واليمن، قائلا إن العدوانية النظام الإيراني وصلت إلى حد استغلال فريضة الحج لأغراض سياسية، والتي هي شعيرة إيمانية تعبدية، وذلك للإمعان في هذا التدخل السافر ضد أمن واستقرار وسلامة المجتمعات والدول العربية. وأضاف السلمي في كلمته خلال المؤتمر أن الأخطار المحدقة بالدول والمجتمعات العربية تتطلب طرح رؤية موحدة أساسها التضامن العربي، والمصير العربي المشترك، للتصدي لهذه الأخطار، بإرادة عربية موحدة تضمن وحدة وسلامة المجتمعات والدول العربية وعدم السماح للدول الإقليمية أو الدول الفاعلة على الساحة الدولية بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. وأكد أن توثيق الصلات بين الدول العربية وتنسيق سياساتها، أصبح ضرورة ملحة في ظل الأزمات، المزمنة منها والمستجدة، التي تعصف بعالمنا العربي، وذلك تحقيقا للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها، وهو ما من شأنه أن يكسب أمتنا المناعة الضرورية التي تقينا من التدخلات الخارجية في شؤوننا العربية بدعوى حل أزمات المنطقة، ومن المؤكد أن تحقيق مجمل هذه الأهداف لا يتأتى إلا باستعادة الدول العربية للمبادرة السياسية، وفي ضوء ذلك جاء التحالف العربي لاسترداد الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية وعشر دول عربية، والذي أعطى رسالة لدول الجوار الإقليمي وللدول الفاعلة على الساحة الدولية، بأن العالم العربي قادر على حماية الأمن القومي العربي ومساعدة أي دولة عربية تتعرض لعدوان يعرض كيان الدولة وأمن شعبها للخطر. كما أشار رئيس البرلمان العربي إلى ضرورة وضع تشريعات عربية تجرم محاولات النيل من سيادة الدول العربية لمواجهة القوانين الجائرة المنافية للأعراف والقوانين الدولية حول الحصانة السيادية للدول، ومنها ما يسمى قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (المسمى جاستا)، الذي يعدُّ مخالفا لمبادئ القانون الدولي، خاصة مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، ومبدأ عدم جواز إخضاع الدولة لولاية محاكم دولة أخرى إلا برضاها، وأنَّ سنَّ هذا القانون سيلحق الضرر بالعلاقات الدوليَّة ويقوِّض القانون الدولي ويهدد الأمن والسلم العالمي. وأكد السلمي أن البرلمان العربي أعد رؤية للتعامل مع قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب كإطار عام للعمل والتنسيق بين البرلمان العربي والبرلمانات والمجالس التشريعية في الدول العربية.
مشاركة :