يستعد البرلمان التونسي لمناقشة قانون الطوارئ الاقتصادية، الذي قدمته حكومة يوسف الشاهد في جلسة برلمانية عامة يومي 14 و15 فبراير (شباط) الحالي، وهي النسخة الثالثة التي تتقدم بها الحكومة دون أن تلقى تجاوبًا من البرلمان. وواجه مشروع هذا القانون معارضة قوية إبان عرضه داخل لجنة المالية والتخطيط والتنمية (لجنة برلمانية)، وأثار جدلاً قويًا بين أعضاء البرلمان، خشية تدخل حكومة المباشر في تلك المشاريع، دون المرور بمراحل إسناد الصفقات الحكومية، وضرورة تنفيذ مبدأ المنافسة والشفافية بين أصحاب رؤوس الأموال، الراغبين في إنجاز مشاريع التنمية في الجهات. ودعا محمد الناصر، رئيس البرلمان، لجنة المالية والتخطيط والتنمية إلى استعجال النظر في مشروع قانون الطوارئ الاقتصادية (قانون دفع النمو الاقتصادي)، وقال إن هذا القانون يعد من بين الأولويات المطروحة على أنظار البرلمان، مشيرًا إلى الترابط اللصيق بين قانون الطوارئ الاقتصادية ونتائج المنتدى الدولي للاستثمار «تونس 2020»، الذي احتضنته العاصمة أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بهدف الإسراع في إنجاز مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة بعد نجاح تونس في تنفيذ الجزء الأكبر من مراحل الانتقال السياسي. وكان محمد الفاضل عبد الكافي، وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، قد أكد خلال مناقشة مشروع مخطط التنمية للفترة الممتدة ما بين 2016 - 2020 الأسبوع الماضي في البرلمان، عدم وجود مشكلات بخصوص تمويل مشاريع التنمية، موضحًا أن الإشكال يتعلق فقط بالإجراءات والتعقيدات الإدارية. ودعا أعضاء البرلمان إلى الإسراع في التصديق على مشروع قانون الطوارئ الاقتصادية. كما دافع عبد الكافي عن مشروع قانون الطوارئ الاقتصادية بقوله إنه «عبارة عن مجموعة من الأحكام الاستثنائية التي ستطبق لفترة زمنية محددة تحتاجها تونس في الظرف الحالي لتجاوز عقبتي التراخيص الإدارية بطول إجراءاتها، والمشكلات العقارية التي تحول دون استكمال الاستثمارات الكبرى في آجالها الزمنية المحددة». وبشأن هذا القانون قال المنجي الرحوي، القيادي في تحالف الجبهة الشعبية المعارضة، لـ«الشرق الأوسط» إن التخوف من تمرير هذا القانون يرجع إلى إمكانية التفاوض المباشر بين المستثمرين والأشخاص العموميين عند إبرام عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأثناء إمضاء عقود تنفيذ المشاريع الكبرى والمشاريع ذات الأهمية الوطنية، وهذه الطريقة قد تفتح الأبواب أمام المحاباة والمحسوبية، وكذلك شبهات الفساد. وأشار الرحوي إلى صعوبة الرقابة عند تنفيذ هذه المشاريع الكبرى، وهو ما قد يدفع إلى الانزلاق نحو الاستفادة من المال العام دون وجه قانوني، مؤكدًا أن هذا القانون سينفذ عن طريق لجنة تحت ضمان رئيس الحكومة، لكن القانون هو الذي يجب أن يكون الضامن للشفافية والنزاهة وليس الأشخاص، على حد تعبيره.
مشاركة :