حين يكون مبدأ الغياب قبل مبدأ الانضباط - د. عبدالواحد الحميد

  • 2/13/2017
  • 00:00
  • 37
  • 0
  • 0
news-picture

مع بداية كل فصل دراسي أو عند استئناف الدراسة بعد كل إجازة، نكون على موعد مع الفيلم العبثي الذي لم يعد مستساغاً من فرط تكراره وغرابته، ألا وهو امتناع الطلاب عن الحضور، حتى أن بعض الفصول تكاد تكون خالية تماماً من الطلاب!! وزير التعليم يقول في تغريدة له عبر حسابه في «تويتر»: «إن نسبة الغياب في صفوف الطلاب وصلت يوم الثلاثاء الماضي أربعين بالمائة في مدرستين زارهما في مدينة الرياض»، معبراً عن ثقته في أولياء الأمور والمعلمين والمعلمات وقادة المدارس بأن يدعموا ما أسماه بـ«مبدأ الانضباط»، فيما يشبه المناشدة!! وهذا الغياب المتكرر الذي لم يكن معهوداً في «الأزمنة الطيبة الجميلة»، أيام مدارس الطين والبيوت الشعبية بل وحتى إلى وقت ليس ببعيد، أصبح فضيحة يخجل منها الإنسان وبخاصة حين يسمع التبريرات التي تُساق لتفسير هذا الغياب بنبرة تكاد تكون دفاعية أحياناً! هناك من يربط الغياب برداءة الطقس، ومن يعتقد أن سبب الغياب الجماعي للطلاب هو تعودهم على السهر خلال فترة الإجازة، ولكن هناك ما يشبه الإجماع بين كثيرين بأن السبب الحقيقي هو أن الطلاب يُنَسّقون فيما بينهم ويتفقون على الغياب، وأن المعلمين يشجعونهم على الغياب إما تلميحاً أو تصريحاً، بالإضافة إلى أن المدارس نفسها في كثير من الأحيان غير جاهزة لاستقبال الطلاب. هل يعقل أن تعجز وزارة التعليم عن إيجاد حل لهذه الفضيحة أياً كانت أسبابها؟! وأن تستمر الوزارة في عجزها طوال السنوات الماضية؟ وأن يترسخ «مبدأ الغياب» بدلاً من «مبدأ الانضباط» وكأن الحضور مسألة اختيارية؟ يمكن أن يجتهد الإنسان ويسوق العديد من الاقتراحات التي تدخل في باب الثواب والعقاب للقضاء على ظاهرة الغياب، لكننا سنكون مثل «جالب التمر إلى هجر»، فالوزارة بما لديها من إمكانات وكفاءات علمية متخصصة في مجال التربية والتعليم، وبما لديها من تجارب وخبرات متراكمة وطويلة، هي الأكثر قدرة على «تشريح» المشكلة ودراستها والتوصل إلى الحلول المناسبة ووضعها موضع التنفيذ. لا أحد سيتمكن من القضاء على هذه الظاهرة المخجلة سوى الوزارة بما تملكة من أدوات عديدة، أما مناشدة أولياء الأمور والمعلمين والمعلمات وقادة المدارس فهي أقرب إلى الوعظ الذي يمكن أن نتوقعه من إمام جامع الحي وليس من الوزارة، مع كل التقدير لمعالي الوزير الدكتور أحمد العيسى الذي لن نزايد على فهمه للأمور ولا على وطنيته وحرصه.

مشاركة :