أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في تغريدة على «تويتر» أمس، أن 72 في المائة من طالبي اللجوء الذين دخلوا الولايات المتحدة بين 3 و11 فبراير (شباط) «في ضوء قرار التعطيل من جانب المحكمة»، أتوا من البلدان السبعة المحظورة (إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن)، ملمحًا إلى أن تعليق المحكمة للقرار فتح ثغرة يستغلها رعايا بلدان يعتبرها ترمب خطيرة. وعاد مستشار البيت الأبيض ستيفن ميلر، أمس، للتأكيد على ما تداولته وسائل الإعلام الجمعة حول توجه الإدارة الأميركية لسن مرسوم جديد حول الهجرة. وقال ميلر لقناة «فوكس» الإخبارية: «ندرس جميع الخيارات المتاحة»، على غرار التقدم باستئناف عاجل أمام المحكمة العليا أو إصدار مرسوم جديد. وأضاف المستشار الذي يقف وراء الإجراءات الأولى ضد الهجرة في إدارة ترمب: «لا شك بتاتًا في صلاحيات الرئيس»، مؤكدًا أن «الرئيس يملك سلطة (...) منع أفراد معينين من دخول الأراضي». وسبق أن تحدث ترمب الجمعة الماضي عن احتمال إصدار مرسوم جديد، موضحًا أنه قد يعلن إجراءات جديدة «الاثنين (اليوم) أو الثلاثاء». وعلق القضاء مرتين في أسبوعين المرسوم الرئاسي الذي أصدره ترمب، وحظر فيه مؤقتًا الهجرة والسفر من سبع دول ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، إذ علق قاضٍ فدرالي في سياتل تطبيقه في 3 فبراير، ثم أبقت محكمة الاستئناف في سان فرانسيسكو الخميس التعليق. وقال المستشار أيضًا: «يجب ألا يستخدم نظام الهجرة لدينا للسماح بدخول أشخاص لا يكنون محبة لبلدنا ودستوره». لكن احتمال إصدار مرسوم معدل من شأنه تجاوز المحاكم، أثار مخاوف المعسكر الديمقراطي الذي يندد بسياسة لدى الإدارة الجديدة تستهدف المسلمين. وقال السيناتور الديمقراطي بن كاردن، لقناة فوكس: «هذا سيساعد المنظمات الإرهابية في تجنيد» أنصار جدد، و«سيشكل خطرًا على الأميركيين في الخارج». ولم تقتصر سياسات الهجرة التي تعتمدها الإدارة الأميركية على البلدان السبعة ذات الغالبية المسلمة، وإنما استهدفت كذلك مئات المهاجرين غير الشرعيين المتحدرين خاصة من المكسيك. وفي أوج أزمة دبلوماسية بين مكسيكو وواشنطن، دعت نحو ثمانين منظمة أهلية وشركة وجامعة المكسيكيين إلى التظاهر الأحد ضد الرئيس الأميركي ومشروعه بناء جدار على الحدود بين البلدين. وتحت وسم «#فيبرامكسيكو» (لتهتز المكسيك) الذي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع، دعا سكان نحو عشرين مدينة إلى النزول إلى الشوارع ظهر الأحد بملابس بيضاء أو رفع علم المكسيك. وقالت نحو ثمانين منظمة أهلية وجامعة وشركة تنظم التحرك في بيان: «حان الوقت لنوحد نحن المواطنين قوانا وأصواتنا من أجل التظاهر تعبيرًا عن رفضنا لنيات الرئيس ترمب والاستياء منها، مع البحث في الوقت نفسه عن حلول عملية للتحدي الذي تمثله». وتأتي هذه الدعوة بينما تشهد المكسيك والولايات المتحدة أخطر أزمة دبلوماسية بينهما منذ عقود. وبدأت بوادر الأزمة خلال الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري الذي وصف بعض المكسيكيين بـ«المجرمين» و«مرتكبي جرائم اغتصاب» و«رجال أشرار»، واتهمهم بسرقة الوظائف من الأميركيين. وقد انفجرت بعد تولي الرئيس ترمب مهامه في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ووقع ترمب في 25 يناير مراسيم لإطلاق مشروع بناء جدار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك وللإسراع في طرد المهاجرين غير الشرعيين. وردًا على ذلك، ألغى الرئيس المكسيكي انريكي بينيا نييتو زيارة لواشنطن كانت مقررة في 31 يناير، احتجاجًا على إصرار ترمب على أن تقوم المكسيك بدفع تكاليف الجدار. ويريد الرئيس الجمهوري أيضًا إعادة التفاوض حول اتفاق التبادل الحر لأميركا الشمالية الذي تميل كفته لصالح المكسيك. ومنذ ذلك الحين، تحدّث الرجلان هاتفيًا واتفقا على اجتماع فريقيهما للخروج من المأزق. وتوجه وزير الخارجية المكسيكي لويس فيديغاراي إلى واشنطن الأربعاء الماضي. وقد عبر عن ارتياحه «لأول اجتماع جيد (...) ودي (...) ساده الاحترام وبناء» مع وزير الخارجية الجديد ريكس تيلرسون. وأعلن فيديغاراي لوسائل إعلام ناطقة بالإسبانية أن الوزير الأميركي سيزور «المكسيك في الأسابيع المقبلة». وما زال المكسيكيون غاضبون. وقد أطلقت في نهاية الأسبوع دعوات إلى مقاطعة المنتجات الأميركية مثل ستارباكس وماكدونالدز وكوكا كولا، وإلى التعبير عن المشاعر الوطنية عبر وضع العلم المكسيكي كصورة للأفراد على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي. وتعهدت إدارة ترمب تسريع طرد المهاجرين غير الشرعيين، لكنها قدمت البرهان هذا الأسبوع عبر إبعاد غوادالوبي غارسيا دي رايوس إلى المكسيك الخميس غداة زيارة روتينية لسلطات الهجرة في فينيكس بولاية أريزونا. وأدى إبعاد المرأة البالغة من العمر 35 عامًا ولديها طفلان مولودان في الولايات المتحدة، إلى تظاهرات أمام مكاتب الهجرة كما ذكرت وسائل إعلام أميركية. وردًا على ذلك، دعت الحكومة المكسيكية رعاياها إلى «الحذر والبقاء على اتصال مع أقرب قنصلية للحصول على المساعدة اللازمة في حال واجهوا أوضاعًا مماثلة». وذكرت وزارة الخارجية المكسيكية في بيان أن «حالة غارسيا دي رايوس تكشف الواقع الجديد الذي تعيشه الجالية المكسيكية على الأراضي الأميركية مع إجراءات مراقبة الهجرة أكثر تشددًا». وتعهد بينيا نييتو دفع 50 مليون دولار للقنصليات المكسيكية في الولايات المتحدة، لتقديم المساعدة القانونية للمواطنين الذين يعيشون في هذا البلد. والولايات المتحدة هي الشريك التجاري الأول للمكسيك التي ترسل ثمانين في المائة من صادراتها إلى الأراضي الأميركية. ويقدر عدد المهاجرين الذين يقيمون على الأراضي الأميركية بـ11 مليون شخص، معظمهم من المكسيكيين.
مشاركة :