تُشتهر السويد بأنها مهد سيارات «فولفو» ومفروشات «إيكيا» والفرق الموسيقية الأشهر في العالم مثل «آبا». لكن هناك بعض الحقائق غير المعروفة لدى كثيرين عن هذا البلد الاسكندنافي البارد في أقصى شمال الكرة الأرضية. تبغ الـ «سنوس» يمتلك السويديون نسختهم الخاصة من «القات» وتسمى «سنوس». وهذا المنتج عبارة عن تبغ مسحوق على شكل لفافات تباع في علب صغيرة أو متوسطة الحجم توضع خلف الشفّة العليا وتبقى في الفم بحسب الرغبة. لكن الفرق بينه وبين «القات» أن لا داعٍ لمضغه أو بصقه، كما أنه يتوافر بنكهات ويُعقّم ليطابق المعايير السويدية. وتتأتى شهرته من كونه يعد بديلاً للسجائر، ما يجعله حلاً معقولاً للمدخنين في القطارات خلال الرحلات الطويلة في البلد المترامي الأطراف، باعتبار أن قوانين السويد تعد من الأكثر صرامةً حيال منع التدخين في الأماكن المغلقة. وقضت المحكمة الأوروبية في 2004 بمنع تداوله بسبب آثاره السلبية على الصحة التي لا تقل خطورة عن السجائر، وهو محظور كذلك في غالبية الدول الغربية كالولايات المتحدة وأستراليا. والتصق الـ «سنوس» بالسويد باعتباره ماركة مسجلة خاصة بها، حيث يغتنم العديد من المدخنين الذين يزورونها الفرصة للتزود بكميات كبيرة منه. العربية ثانيةً قد يُدهش القراء إن علموا أن اللغة العربية تحتل المرتبة الثانية بعد السويدية. فمع التدفق الهائل للاجئين الهاربين من سورية والعراق منذ نحو خمسة أعوام، ووجود جالية كبيرة أساساً أتت منذ عقود، نجحت العربية في إطاحة اللغة الفنلندية. ولأكثر من ألف عام، احتلت لغة جيران السويد هذا المركز مستفيدةً من هجرة الفنلنديين الباحثين عن عمل أو المتزوجين الذين قرروا الاستقرار مع شركاء حياتهم في بلدهم الجديد. لكن الجيل الجديد لم يجد ضرورة للتحدث بالفــنلندية وذاب في المجتمع السويدي، فاستقر عدد الناطقين بها عند 200 ألف عام 2012، وسط توقعاتٍ باستمرار تناقصهم على حساب تزايد أولئك الذين يعتبرون العربية لغتهم الأم. ويكفي للدلالة على ذلك أن 155 ألفاً قالوا في 2012 إنهم يتحدثون العربية، بينما قدم إلى السويد في 2015 فحسب أكثر من 163 ألف لاجئ معظمهم يتحدثون تلك اللغة. وبرزت في الآونة الأخيرة ظاهرة إقبال السويديين أنفسهم على تعلم العربية، ما يعني أن النسبة مرشحة إلى الارتفاع. أزمة السكن تبلغ مساحة السويد أكثر من 450 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها عشرة ملايين فقط، أي بمعدل 21 شخصاً لكل كيلومترٍ مربع. مساحة شاسعة لا توحي بأن المملكة الاسكندنافية تعيش أزمة سكن خانقة لا يشبهها شيء. ففي مدينة صغيرة في إقليم هالاند (جنوب السويد) تدعى فاربيري، لا أهمية لها تذكر صناعياً أو تجارياً أو سياحياً، يبلغ متوسط مدة الانتظار لدى شركات الإسكان لاستئجار شقة نحو عشرة أعوام وخمسة شهور. أما في العاصمة استوكهولم، فيجب الوقوف في الطابور لقرابة 13 عاماً ونصف العام. وتنتشر في السويد مصطلحات غريبة مثل «السكن بالأسود» أي بشكلٍ غير قانوني باتفاق شفوي بين المؤجر والمستأجر من دون عقدٍ، أو «عقد أول»، أي مباشرةً من شركة الإسكان أو المالك، و»عقد ثانٍ»، أي تأجير بالباطن عن طريق المستأجر نفسه. انسوا الخصوصية على عكس ما قد يتخيّله البعض عن السويد، فإن الخصوصية عملة نادرة فيها. فعدا عن صفة الفضول التي يتميز بها شعبها وهوايته في طرح أسئلة خاصة على الغريب، توجد وسائل تجعل من الحفاظ على الخصوصية مهمة شبه مستحيلة. ويتمحور كل شيء في السويد حول «الرقم الشخصي». وهذا الرقم أشبه بـ «دي أن أي» المقيم على الأراضي السويدية ومكون من 10 خانات هي تاريخ الميلاد بالسنة والشهر واليوم، فضلاً عن أربعة أرقام يتم اختيارها عشوائياً. ومن دونه، لا يمكن للمرء أن ينهي أي معاملة في الدوائر الحكومية أو استئجار شقة أو حتى التسجيل في المكتبة العامة والحصول على بطاقات العروض الخاصة من محالات البقالة. ومن خلاله، يمكن لمن يملك رقم أي شخص تتبع كل تحركاته بل ومعرفة رقم هاتفه وعنوان سكنه بالتحديد مع توفير صورة من خرائط «غوغل»!. معضلة الدفن إن كانت بعض مناحي الحياة صعبة في السويد، فالموت لن يحلها بكل بساطة!. ويمكن للجثة أن تبقى في المشرحة لأسابيع وأحياناً أشهر بانتظار الدفن، والسبب هو بيروقراطية إتمام إجراءات مراسم الجنازة، إضافة إلى أزمة المقابر، بخاصة للمسلمين المتمركزين في المدن الكبيرة. وبين توقيع الأوراق الكثيرة وانتظار مصادقة الجهات المعنية على سبب الوفاة وشخصية السويدي العملية التي لا ترى ضرورةً دينية لتكريم الميت بدفنه بسرعة، يبقى المتوفى قابعاً في المستشفى. وإن كان «محظوظاً»، فبالإمكان مواراته الثرى خلال ثلاثة أسابيع، وهي أقل مدة يمكن أن تنتهي فيها الإجراءات. ويبدي كثير من السويديين تذمرهم من بعض تلك الحقائق الخمس الغريبة، ويأملون بأن يختفي السيء منها لكي تبقى السويد في مخيلة الجميع ذلك البلد شبه المثالي.
مشاركة :