سئل المدير الفني لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي، جوزيب غوارديولا، في أحدث مؤتمر صحافي له، عما إذا كان قد أدرك الآن، وبعد 6 أشهر من بداية الموسم، ما إذا كان قرار تهميش حارس مرمى الفريق جو هارت، وإجباره على الانتقال إلى تورينو الإيطالي، يعد دليلاً على أن أعظم المديرين الفنيين في العالم يخطئون. وعندما وجه سؤال مماثل للمدير الفني لنادي تورينو، سينيسا ميهايلوفيتش، في وقت سابق من الموسم الحالي، جاءت الإجابة بها نبرة من الازدراء والسخرية، إذ قال: «غوارديولا يقول إن هارت لا يلعب بقدميه بشكل جيد، لكن ما أراه يدل على أن لديه قدمين رائعتين. إذا كان غوارديولا يريد لاعبًا مثل غوارديولا في حراسة المرمى، فهذا أمر صعب، لكن لو كان لديه لاعبون آخرون يريد التخلي عن خدماتهم، فيمكننا أن نلقي نظرة عليهم». ومع ذلك، لم يذكر غوارديولا اسم هارت، ولو لمرة واحدة، في أثناء الإجابة عن السؤال الذي وجه إليه. وبصفة عامة، لا يحب المديرون الفنيون أن يعترفوا بأخطائهم. ولذا قرر غوارديولا، بدلاً من ذلك، الإشادة بالحارس كلاوديو برافو الذي حل محل هارت في مانشستر سيتي، متجاهلاً حقيقة أننا نتحدث عن حارس تقول الإحصائيات إنه صاحب أسوأ أداء في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. وأصر المدير الفني الإسباني على أن برافو «حارس مرمى رائع للغاية، وأحد أفضل حراس المرمى في العالم». أنتم بالطبع تفهمون السبب وراء تصريحات غوارديولا، إذ يحاول المدير الفني الإسباني رفع الحالة المعنوية للاعبه، ولو كنتم من المتابعين لمسيرة برافو، خلال الأوقات السعيدة له مع الأندية التي لعب لها، فسوف تكتشفون أنه لم يكن أبدًا مصدر خطورة على فريقه. لكن الشيء الذي يعكس الوضع الحالي في مانشستر سيتي جاء عندما سئل غوارديولا عن مباراة فريقه أمام بورنموث (مساء أمس)، حيث اعترف المدير الفني السابق لبرشلونة الإسباني بأنه لا يعرف حتى الآن من الذي يلعب في مركز حراسة المرمى في تلك المباراة. فمن جهة، يمتلك غوارديولا الفرصة لإعادة برافو إلى الفريق، لكن من جهة أخرى قد يكون من الأسلم أن يستمر في الدفع بكاباييرو، ويمنحه الثقة بعدما قضى معظم المواسم الثلاثة السابقة على مقاعد البدلاء. وقال غوارديولا إنه سيفكر في ذلك الأمر خلال عطلة نهاية الأسبوع. ومن سوء حظ غوارديولا أن هناك أدلة قوية على أن مانشستر سيتي لن ينجح مطلقًا في تحقيق طموحاته ما ظل برافو في مركز حراسة المرمى. وقد استبعد الحارس التشيلي من التشكيلة الأساسية في آخر مباراتين، بعد أداء مخيب للآمال، وتلقي شباكه 16 هدفًا من 24 تسديدة (أنقذ 6 تسديدات، واصطدمت 2 بالمدافعين)، علاوة على أنه تلقي أهدافًا من أول محاولة على مرماه في 5 لقاءات من اللقاءات الثمانية التي خسرها الفريق، ولم ينقذ أي فرصة منذ الدقيقة 91 من عمر المباراة التي انتهت بفوز مانشستر سيتي على بيرنلي بهدفين مقابل هدف، في الثاني من يناير (كانون الثاني)، وتلقى 6 أهداف في المباراتين التاليتين. وفي الحقيقة، يتطلب الأمر عدة جلسات من التنويم المغناطيسي حتى تقنع هذا المدير الفني بأن هذا الحارس الضعيف يلعب في ناد بطموحات وإمكانيات مانشستر سيتي. ويعد برافو حالة نادرة في حقيقة الأمر، فهو حارس المرمى الوحيد الذي يتقلص حجمه عندما يقفز للإمساك بالكرة. وعندما أراه بقميص مانشستر سيتي، أتذكر على الفور، ودون أي مبالغة، ما قاله المدير الفني السابق لنادي ريال مدريد الإسباني جون توشاك، عن حارس مرمى فريقه آنذاك البانو بيزاري: «أغمض عيني في كل مرة تقترب فيها الكرة من منطقة جزاء فريقنا». وبالمثل، قدم الحارس كاباييرو الأداء الضعيف نفسه في مباريات أخرى، ولو كان حارسًا قويًا لدفع به غوارديولا في التشكيلة الأساسية للفريق، كبديل لهارت منذ البداية. لقد استقبل كاباييرو هدفًا من لاعب سوانزي سيتي، غيلفي سيغوردسون، يسهل على أي حارس مرمى مميز أن يتصدى له، ولو قيم مانشستر سيتي أداء هذا الحارس بصورة منطقية وموضوعية، فسيدعه يرحل عن الفريق في نهاية الموسم، ويكفي فقط أن يشير إلى التخلي عن خدماته عبر خبر مختصر من سطرين فقط على موقع النادي على شبكة الإنترنت، وليس أكثر من ذلك. ولعل الشيء الوحيد الذي يخفف وطأة ما يحدث على غوارديولا هو أن يتذكر أن برافو قد فاز بلقب الدوري الإسباني وكأس ملك إسبانيا معًا مرتين مع برشلونة، كما كان قائد منتخب تشيلي الفائز بلقب أميركا الجنوبية مرتين متتاليتين، وشارك في 110 مباريات دولية مع منتخب بلاده. وخلال الموسم الماضي مع برشلونة، أنقذ برافو 79 في المائة من التسديدات على مرمى فريقه، لكن منذ بداية ديسمبر (كانون الأول)، فشل في إنقاذ 75 في المائة من التسديدات على مرمى مانشستر سيتي. ولكي نكون منصفين، كان من المنطقي أن يتوقع غوارديولا مستوى أفضل من ذلك من حارس بهذا التاريخ. ومع ذلك، يتعين على غوارديولا أن يعيد التفكير جديًا في موقفه من جو هارت، عندما يعود الحارس الإنجليزي الدولي من إعارته إلى تورينو بنهاية الموسم. لقد غير غوارديولا وجهة نظره بشأن اللاعب الإيفواري يايا توريه، واعتمد عليه في نهاية المطاف، ولن يكون من الصعب أن يقوم بالشيء نفسه مع هارت، من أجل مصلحة الفريق. وإذا كان غوارديولا يرى أن هارت ليس جيدًا في اللعب بقدميه، فيتعين عليه إذن أن يعمل على مساعدة اللاعب على التغلب على هذه السلبية، من خلال تخصيص جزء من التدريبات لعلاج هذه المشكلة. وفي الحقيقة، ينظر إلى غوارديولا على أنه أحد أعظم المديرين الفنيين في العالم، وهذه فرصة لكي يثبت ذلك. وعلاوة على ذلك، نتحدث جميعًا عن ضعف هارت في اللعب بقدميه، وعن الفكر الواضح لغوارديولا، باعتماده على 11 لاعبًا يجيدون اللعب بأقدامهم، وهو ما جعلنا نتوقع عند تعاقد مانشستر سيتي مع برافو أن الحارس التشيلي سوف يقدم لنا شيئًا جديدًا لم نره من قبل. لكن الحقيقة كانت مختلفة تمامًا، فكل ما يفعله برافو وكاباييرو هو تمرير الكرة لمدافعي الفريق، ولم نر أيًا منهما يظهر مهارة فائقة في المرور بالكرة لمدة 40 ياردة داخل الملعب، أو يلعب تمريرات حاسمة تخترق مدافعي الفرق المنافسة، ولكنهما يكتفيان بتمرير الكرة يمينًا ويسارًا، مثلهما في ذلك مثل أي حارس مرمى عادي للغاية. هذا لا يعني بالطبع أن أداء هارت في الدوري الإيطالي لم يكن به أية أخطاء، كما لا يمكن التغاضي عن المستوى السيئ الذي ظهر به في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2016. وفي أول مباراة له مع تورينو، كان هارت السبب في هدف التعادل لأتلانتا، كما يتحمل هدف التعادل الذي أحرزه إمبولي في مرماه، الأسبوع الماضي. وتظل النقطة الواضحة للغاية تكمن في أن هارت أفضل من حراس المرمى الموجودين في مانشستر سيتي الآن؛ ليس خاليًا من العيوب بالطبع، لكنه أفضل كثيرًا من الخيارات الأخرى. وبات من الواضح أن قرار التخلي عن خدماته كان خاطئًا. صحيح أن غوارديولا يفضل طريقة لعب معينة، وهناك لاعبون رائعون لا يصلحون بالضرورة لتطبيق هذه الطريقة، لكن الشيء الأهم بالنسبة لأي حارس مرمى هو نظافة شباكه بكل تأكيد. لقد حافظ مانشستر سيتي على نظافة شباكه في 5 مباريات فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز، أي أقل من جميع الأندية الأخرى، باستثناء واتفورد وآخر 4 فرق في جدول الترتيب؛ سندرلاند وكريستال بالاس وهال سيتي وسوانزي سيتي. وبالإضافة إلى ذلك، كان هارت قادرًا على مساعدة مانشستر سيتي على حصد مزيد من النقاط خلال الموسم الحالي، رغم أن لديه بعض الأخطاء أيضًا. وإذا عدنا إلى النقطة السابقة التي تتعلق بقدرة هارت على التأقلم مع طريقة غوارديولا في اللعب، فإن آخر شيء يمكننا أن نتحدث بشأنه عن هارت هو قدرته على التغيير، وخير مثال على ذلك رغبته القوية في تعلم اللغة الإيطالية فور انتقاله لتورينو، لدرجة أنه كان يتحدث الإيطالية في أول مؤتمر صحافي عقده النادي الإيطالي لتقديمه لوسائل الإعلام. ويتمتع هارت بشعبية جارفة في تورينو، فعندما فكر النادي الإيطالي في لاعبين اثنين للترويج للقناة التلفزيونية الجديدة للنادي، اختار هارت، إلى جانب المهاجم الإيطالي الذي يعشقه جمهور النادي أندريا بيلوتي. أما في مانشستر سيتي، فعندما تكون هناك أي مشكلة في الفريق، يلجأ النادي على الفور إلى الحل المعتاد، وهو إنفاق مزيد من الأموال. لكن ليس هناك أي داع للتعاقد مع حارس مرمى جديد، في الوقت الذي تشير فيه تقارير إلى احتمال انتقال هارت إلى ليفربول، فأي منطق في هذا؟ وكما قال جوزيه مورينيو في الآونة الأخيرة، ما الهدف من تقوية نادٍ منافس ينافسك على البطولات نفسها؟ ويتمثل الخيار الأكثر عقلانية بالتأكيد في إعادة النظر فيما حدث لهارت. ففي بداية الموسم، كان مانشستر سيتي يحقق الفوز في جميع المباريات، وكان غوارديولا في قمة سحره وتألقه، ولذا كان على الجميع أن يثق في اختيارات المدير الفني، ويتوقع أنه سيكون محقًا في النهاية، لكن بعد مرور 6 أشهر كاملة، اتضح أن ما قام به غوارديولا كان خطأ كبيرًا. لقد تعاقد النادي مع برافو، في إطار استراتيجية ترى أنه أفضل من الاحتفاظ بجو هارت، لكن هذه الاستراتيجية لم تؤت ثمارها، لذا فإن اعتراف المدير الفني بخطئه يحسب له، وليس عليه.
مشاركة :