تبذل السعودية والكويت جهدًا أكبر من غيرهما في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من أجل خفض إنتاجهما لدعم أسعار النفط، ولهذا لم يحمل تقرير «أوبك» الشهري أي مفاجأة بالأمس، فيما يتعلق بالتزام دول «أوبك» باتفاقية خفض الإنتاج، وبخاصة السعودية والكويت. وأظهر تقرير «أوبك» أن نسبة التزام دول المنظمة بالتخفيض في يناير (كانون الثاني) بلغت 93 في المائة، بعد أن خفضت إنتاجها بنحو 890 ألف برميل يوميًا، مقارنة بالشهر الذي سبقه بناء على تقديرات المصادر الثانوية الست المعتمدة من «أوبك». وأوضح تقرير «أوبك» أن السعودية أبلغت المنظمة رسميًا أنها خفضت إنتاجها إلى 9.75 مليون برميل يوميًا بواقع 718 ألف برميل يوميًا، في يناير عن مستواه السابق في ديسمبر (كانون الأول)، وهو أقل بنحو مليون برميل يوميًا من مستوى نوفمبر (تشرين الثاني)، فيما قدرت المصادر الثانوية الست تخفيض السعودية بنحو 496 ألف برميل يوميًا، بين يناير وديسمبر. وخفضت الكويت إنتاجها في يناير بنحو 141 ألف برميل يوميًا إلى 2.71 مليون برميل يوميًا بحسب المصادر الثانوية. وهذه كمية أعلى من الكمية التي من المفترض على الكويت تخفيضها والبالغة 131 ألف برميل يوميًا بحسب اتفاق «أوبك». وتجري الكويت والسعودية صيانة على كثير من حقولهما بدءًا من شهر ديسمبر، حيث ينتهز الجميع الفرصة التي يوفرها اتفاق «أوبك» من أجل عمل الصيانة على الحقول التي عملت بأعلى طاقاتها في السنتين الأخيرتين. وسبق وأن نقلت وكالة «بلومبيرغ» عن مصادر في القطاع النفطي، أن السعودية أجرت صيانة على الحقول المنتجة للعربي الخفيف السوبر، إضافة إلى العربي المتوسط، وهو أحد أكثر الخامات طلبًا من قبل المصافي الأميركية، إلا أن مصدرًا في «أوبك» سبق وأن أبلغ الوكالة أن تخفيض الإنتاج في يناير لن يكون بسبب أي أعمال للصيانة. أما الكويت فقد أعلنت على لسان مسؤوليها مؤخرًا أن الصيانة ستجرى على جميع الحقول خلال فترة اتفاق «أوبك». ويرى وزير النفط الكويتي عصام المرزوق الذي يترأس اللجنة الوزارية المسؤولة عن مراقبة إنتاج كبار المنتجين النفطيين في العالم، أن الدول خارج «أوبك» عليها تقديم مزيد من التخفيضات في الأشهر المقبلة من أجل رفع أسعار النفط. وقال المرزوق للصحافيين في الكويت بالأمس، إن أسعار النفط جيدة حاليا ومن المتوقع ارتفاعها مع تنامي نسبة الالتزام باتفاق خفض الإنتاج بين «أوبك» والمنتجين المستقلين من خارج المنظمة. وأضاف المرزوق أن نسبة التزام أعضاء «أوبك» باتفاق خفض الإنتاج تبلغ 92 في المائة، في حين تزيد نسبة التزام المنتجين من خارج المنظمة قليلاً على 50 في المائة. وقال: «متفهمون لدرجة التزام الدول خارج (أوبك) ونسعى للوصول إلى التزام 100 في المائة». وارتفعت أسعار النفط مجددًا بالأمس بعد أن أظهر تقرير «أوبك» نسبة الالتزام العالية من قبل دولها بتخفيض إنتاجها، وهي تاريخيًا أعلى نسبة التزام باتفاق تخفيض إنتاج يصل إليها منتجو «أوبك» منذ تأسيسها حتى اليوم. لكن الأسعار سرعان ما تراجعت بصورة طفيفة خلال جلسة التداول، حيث إن المخاوف من زيادة النفط الصخري بددت الآمال في أن يؤثر اتفاق «أوبك» على المخزون النفطي الذي تراكم منذ عام 2014. وانخفض خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة إلى 55.5 دولار للبرميل، بحلول الساعة الرابعة والربع بتوقيت غرينتش بالأمس، بعدما كان يتداول خلال الجلسة فوق 56 دولارًا للبرميل. وذكرت «بيكر هيوز» في تقريرها الأسبوعي، أن عدد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة سجل على مدار الشهر الأخير أكبر زيادة منذ 2012، ليصل إجمالي عدد الحفارات إلى 591، وهو الأعلى منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2015. واتفقت منظمة «أوبك» ومنتجون مستقلون من بينهم روسيا على خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، في النصف الأول من العام. اتفاق «أوبك» وشرح المرزوق للصحافيين على هامش مؤتمر نفطي في العاصمة الكويتية سبب تدني التزام الدول خارج «أوبك» قائلاً: «نسبة التزام المنتجين المستقلين جاءت بهذا الشكل، نظرا لالتزامهم بتعهدات سابقة ولأن الالتزام تدريجي». وتخفض 11 دولة من الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والبالغ عددهم 13 دولة إنتاجها من الخام منذ الأول من يناير بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، في حين تقود روسيا المنتجين المستقلين الذين وافقوا على تقليص الإنتاج بنحو نصف ما ستخفضه «أوبك». وقلصت روسيا إنتاجها بمقدار 100 ألف برميل يوميا، في يناير، وتخطط لتقليص الإنتاج أكثر ليصل حجم الخفض إلى 300 ألف برميل يوميا، في موعد أقصاه نهاية أبريل (نيسان). ومن المقرر انعقاد اجتماع للجنة الوزارية التي تضم «أوبك» ومنتجين مستقلين في الكويت في السادس والعشرين من مارس (آذار)، وسيكون هذا الاجتماع الثاني بعد أن التقى الوزراء في فيينا في يناير لمراقبة مدى الالتزام بالاتفاق. وأشارت بيانات من مصادر ثانوية تستعين بها «أوبك» لمراقبة إنتاجها، إلى أن إمدادات الأعضاء الأحد عشر الملتزمين بمستويات مستهدفة للإنتاج بموجب الاتفاق، انخفضت إلى 29.888 مليون برميل يوميا في يناير. ويمثل ذلك التزاما بنسبة 93 في المائة بالاتفاق، استنادًا إلى أرقام «أوبك»، في حين لم تكشف المنظمة في تقريرها الشهري عن مستوى الالتزام. من جهة أخرى نشرت «رويترز» بالأمس، أن العراق ثاني أكبر منتج في «أوبك» يعتزم خفض صادرات النفط من مرفأ البصرة الجنوبي إلى 3.013 مليون برميل يوميا في مارس. ويقل حجم الشحنات في مارس بواقع 628 ألف برميل عما كان مقررا لشهر فبراير (شباط) وهو أدنى مستوى منذ أغسطس (آب) الماضي، في مؤشر جديد على التزام بغداد باتفاق خفض الإنتاج الذي أبرمته منظمة «أوبك» مع منتجين مستقلين. ووفقا للبرنامج، ستنخفض صادرات خام البصرة الخفيف في مارس إلى 2.207 مليون برميل يوميا، كما ستتراجع صادرات خام البصرة الثقيل قليلا، إلى 806 آلاف برميل يوميا.
مشاركة :