يشارك جاستن ترودو رئيس الحكومة الكندية، في جلسة نقاش مع أعضاء البرلمان الأوروبي، خلال زيارة هي الأولى من نوعها إلى مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل، بحسب ما ذكرت المؤسسة التشريعية الأوروبية. وأضافت المؤسسة أن النقاشات حول معاهدة التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وكندا «سيتا» ستنطلق غدًا الأربعاء قبل عملية التصويت النهائي المقررة الخميس، من جانب البرلمان على الاتفاقية، التي تهدف إلى تعزيز تجارة السلع والخدمات والتدفقات الاستثمارية مع كندا. وسوف يشارك أيضا في النقاشات مفوضة شؤون التجارة الخارجية في الاتحاد الأوروبي سيسليا مالمستروم، وحسب كثير من المراقبين يتعلق الأمر بمحاولة كندية أوروبية مشتركة لإقناع أغلب الأعضاء بالتصويت الإيجابي على الاتفاقية. يأتي ذلك بعد أن بعث برلمانيون أوروبيون من مجموعة الخضر برسالة إلى رئيس الوزراء الكندي، يعربون فيها عن موقفهم الرافض للمعاهدة بشكلها الحالي، وكانت لجنة التجارة الخارجية في البرلمان الأوروبي قد صوتت لصالح المعاهدة الشهر الماضي، بينما رفضتها لجنة شؤون العمل، ما يجعل مصيرها غير مضمون حتى الآن، خاصة في ظل الجدل الذي لا تزال تثيره بشأن حقوق العمال ومعايير السلامة الأوروبية. وكان الجدل قد اشتعل خلال الخريف الماضي بين المفوضية وحكومة والونيا، جنوب بلجيكا، التي رفضت المعاهدة، ليتم بعد ذلك توقيعها، ولكن بشكل أولي، وبشرط موافقة البرلمان الأوروبي والحكومات الفيدرالية والإقليمية في الدول الأعضاء. كما يتعين على محكمة العدل الأوروبية أن تؤكد أن النص غير متناقض مع المبادئ والتشريعات الأوروبية، ما سيزيد من تعقيد المسيرة المؤسساتية والدستورية التي تنتظر هذه المعاهدة قبل رؤيتها واقعًا ملموسًا. ويشدد نواب مجموعة الخضر في رسالتهم على عمق العلاقات الأوروبية - الكندية، ويثمنون الجهود التي بذلتها كندا في عملية استقبال اللاجئين وحماية القيم الديمقراطية العالمية والتعاون لمواجهة التحديات العالمية مثل التغير المناخي والإرهاب: «ولكن الكل لن يجعلنا نصوت لصالح سيتا»، حسب قولهم. واستند نواب مجموعة الخضر في كلامهم على ما اعتبروه عدم وضوح وشفافية المفاوضات التي تمت بين الحكومة الكندية والمفوضية الأوروبية خلال سنوات، منتقدين الإجراءات كافة التي أدت إلى إقصاء الجمهور الأوروبي ومنعه من الاطلاع على تفاصيل المعاهدة. ويرى البرلمانيون في رسالتهم أن المعاهدة لا تقيم التوازن المطلوب بين مصالح المستثمرين من شركات وأفراد، والمواطنين من مستهلكين وعمال: «إذا أعدنا التفاوض قد نستطيع العمل معًا على إصلاح هذا الخلل». وحرص النواب على التشديد على أنهم لن يوافقوا على المعاهدة، بسبب عدم وجود خيار آخر أمام الطرفين الموقعين، بمعنى أنهم لن يرضخوا للضغوط التي تمارس من أجل تمرير المعاهدة في البرلمان الأوروبي: «نحن سنصوت بلا»، وفق كلامهم. وختم النواب كلامهم بالتأكيد على حرصهم على إقامة علاقات متينة مع كندا مبنية على مبدأ التكافؤ والاحترام المتبادل في المجالات كافة. ورغم المظاهرات الاحتجاجية في بروكسل ومدن أوروبية أخرى خلال الفترة الماضية، ففي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي جرى في بروكسل التوقيع على اتفاقيتين بين الاتحاد الأوروبي وكندا، الأولى تتعلق بالشراكة الاستراتيجية بين الجانبين والأخرى حول التبادل التجاري الحر. وقالت مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إن الاتفاق الاقتصادي التجاري الشامل «سيتا» طموح ويفتح بعدا جديدا للشراكة الاقتصادية بين الجانبين، وسيعمل الاتفاق على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام والشامل، وخلق فرص العمل. وفي بيان مشترك أكد الجانبان على الالتزام بالتنفيذ السريع للاتفاق، وفي ظل قناعة بأن الاتفاقات التجارية يجب أن تحافظ على قدرة الحكومات على التنظيم من أجل المصلحة العامة وخصوصا فيما يتعلق بالخدمات العامة والعمل والبيئة. وقال البيان المشترك إن الاتفاق يعزز إلى حد كبير إطارا للعلاقات التجارية الثنائية، ويتيح فرصا اقتصادية جديدة على جانبي المتوسط، وبالتالي الانخراط بنشاط مع المواطنين والعمال والشركات ورجال الأعمال والمنتجين، ويرسل هذا الاتفاق التاريخي إشارة إيجابية على أهمية التجارة الدولية، وضرورة أن تكون حرة ونزيهة وتقدمية. وأكد الجانبان على الالتزام بالعمل تحو هدف مشترك وهو محكمة متعددة الأطراف ومستقلة ومحايدة للفصل في النزاعات الاستثمارية. وقال مجلس الاتحاد الأوروبي إن اتفاقية سيتا ستسهم في إزالة أكثر من 99 في المائة من الرسوم الجمركية التي تفرض حاليا على التجارة بين كندا والاتحاد، وبالتالي من المتوقع أن يرتفع حجم التجارة الثنائية ليصل إلى 12 مليار يورو سنويا، كما ستسهم الاتفاقية في خلق الوظائف وتحقيق النمو بين ضفتي الأطلسي. الاتفاق الذي يمثل منعطفا حاسما في السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي عارضته منطقة والونيا ومناطق بلجيكية أخرى ما عطل عملية التوقيع. ولكن نجحت الحكومة الاتحادية البلجيكية في إقناع منطقة والونيا الفرنكوفونية والعاصمة بروكسل والمجموعة الناطقة بالفرنسية في البلاد بسحب اعتراضها الذي كان يحول دون توقيع بلجيكا، وبالتالي الاتحاد الأوروبي على الاتفاق.
مشاركة :