فيون يتخبط في فضائحه وماكرون يلمع حملته الانتخابية في الجزائر

  • 2/14/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعد ثلاثة أسابيع من «القنبلة» التي فجرتها صحيفة «لو كنار أونشينيه» الساخرة والتي كشفت فيها عن فضيحة تشغيل المرشح اليميني فرنسوا فيون لزوجته وأولاده كمساعدين برلمانيين له، مقابل رواتب مرتفعة جاورت المليون يورو، مازال الأخير يتخبط في تناقضاته فيما شعبيته مستمرة في التراجع. وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن فيون سيكون عاجزًا عن التأهل للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الأسبوع الأول من شهر مايو (أيار)، بحيث يحل في المرتبة الثالثة بعد مارين لوبان، مرشحة اليمين المتطرف وإيمانويل ماكرون، مرشح «إلى الأمام» وهي الحركة السياسية التي أطلقها الصيف الماضي. كما كشفت أن 70 في المائة من الفرنسيين يريدون أن ينسحب من المنافسة الانتخابية، و79 في المائة فقدوا الثقة به لأنه لم ينجح في إقناعهم بالحجج التي ساقها لتبرئة نفسه. أما الذين يحتفظون بصورة جيدة عن فيون، فإن نسبتهم تصل بالكاد إلى 25 في المائة. أمس، عاد فيون من جولة انتخابية في جزيرة «لا ريونيون»، واليوم صباحا يلتقي نواب وأعضاء مجلس الشيوخ التابعين لحزب «الجمهوريون»، في جلسة يرجح أن يغلب عليها التوتر. ورغم أن فيون نجح، في اجتماع الأسبوع الماضي، في «إنقاذ» ترشيحه وكمم الأفواه التي تنادي بانسحابه لصالح مرشح آخر، فإنه لم ينجح في العودة إلى أجواء ما قبل صدور التقرير الصحافي. فمن جهة، أخفق فيون في الخروج من دوامة الفضائح التي تهدد اليمين بخسارة الانتخابات الرئاسية، ومن جهة ثانية، يتبين بوضوح أكبر أن القضاء الفرنسي عازم على الذهاب في هذه المسألة حتى خواتيمها. ولذا، فإن أمام قضاة ومحققي النيابة العامة المالية المتخصصة في شؤون الفساد ثلاثة احتمالات؛ إما أن تغلق الملف وهذا مستبعد جدًا، لأن فيون وزوجته لم يوفرا البراهين على أن بينيلوبي فيون قامت بعمل ملموس كمساعدة برلمانية لزوجها ولم يكن عملها «وهميا». والثاني، أن تكلف النيابة العامة قاضي تحقيق للتوسع في الاستقصاءات، ما يعني أن فيون سيجر وراءه هذه الفضائح، وسيكون بالتالي عاجزًا عن التركيز على برنامجه الانتخابي وتعبئة جمهور اليمين والوسط. أما الاحتمال الأخير، فهو أن تطلب النيابة العامة من غير تأخير مثول فيون أمام القضاء. وفي كل الأحوال، سيكون الوضع السياسي لفيون بالغ الصعوبة وفوزه في الانتخابات غاية بعيدة المنال. وأكد فيون في جزيرة «لا ريونيون»، أكثر من مرة أنه «سيقاتل حتى النهاية»، وأن برنامجه الانتخابي هو «الوحيد الذي يستطيع إنقاذ فرنسا». وعمد فريق فيون إلى القيام بحملة ثلاثية الأبعاد: قانونية، سياسية وإعلامية. فمن جهة، قدم محاموه ومحامو زوجته مذكرة إلى النيابة العامة المالية يطلبون منها سحب يدها من الملف «لأن ليس من حقها التحقيق في ما يقوم به نائب بفضل مبدأ الفصل بين السلطتين القضائية والتشريعية». وفي الجانب السياسي، استمر فيون في تأكيد أنه ضحية «حملة شعواء» سياسية، وأن الغرض منها «سرقة» النصر من اليمين ما يعد بنظره «انقلابًا على الدستور»، وخصوصا أن «لا بديل عنه» مرشحًا عن اليمين الكلاسيكي. ولم ينس فيون التركيز على أن ما قام به، أي توظيف زوجته، أمر مشروع وشائع في البرلمان بمجلسيه. أما على الصعيد الإعلامي، فبعد مؤتمر صحافي حضره أكثر من مائتي مراسل، وجه فيون «رسالة إلى الفرنسيين» يتظلم ويستعطف ويؤكد استمراره في المعركة. ولا يبدو أن استراتيجية فريق فيون ومستشاريه قد نجحت، فكل لقاء أو مهرجان يجد مرشح اليمين متظاهرين يذكرونه بفضائحه ويطلبون استرجاع الأموال «المنهوبة» من الشعب. ووفق تقارير صحافية، فإن فيون أخذ يتحاشى اللقاءات العفوية غير المؤطرة مع الفرنسيين أكان في المقاهي أو الأسواق أو الساحات العامة. ومن الأدلة على ذلك أنه كان ينوي الأسبوع الماضي الذهاب إلى مدينة بواتيه التي تبعد عن باريس 347 كلم بالقطار، لكن فريقه قرر آخر لحظة أن يقوم بالرحلة بالسيارة لتلافي المظاهرات «المناوئة» في محطات القطار، ما يدل على الانقطاع بين المرشح والناخبين. على صعيد متصل، يستمر المرشحان الأكثر حظًا اليوم في التأهل إلى الجولة الثانية، وهما مارين لوبان وإيمانويل ماكرون، في تلميع صورتهما. فالثاني، موجود في الجزائر من أجل مجموعة اجتماعات من شأنها أن توفر له الفرصة لصقل صورة «رجل الدولة». وتأتي زيارة الجزائر بعد زيارة مشابهة للبنان، وقبلها لتونس وبلدان أخرى. وبموازاة ذلك، يستمر ماكرون في التحضير لنشر برنامجه الانتخابي بداية الشهر المقبل للرد على منتقديه الذين يتهمونه بـ«بيع كلام في الهواء» وبالسعي للتغرير بالناخبين. أما لوبان، فإنها مستمرة في الترويج للالتزامات الـ144 التي تشكل أساس برنامجها الانتخابي، ومنها الخروج من الاتحاد الأوروبي والعودة إلى العملة الوطنية، ومحاربة الهجرة الشرعية وغير الشرعية، والتشدد مع التنظيمات الراديكالية، واستعادة «السيادات الأربع» من الاتحاد الأوروبي. وقبل 70 يوما من الاستحقاق الرئاسي، بدأ القلق يدب في الأوساط الاقتصادية والمالية في فرنسا وخارجها من احتمال فوز مارين لوبان بالرئاسة. ومصدر القلق مزدوج: الخروج من الاتحاد على طريقة «البركسيت» البريطانية والتخلي عن اليورو. وفي الحالة الأولى، فإن البناء الأوروبي بكامله سيتداعى باعتبار أن فرنسا، مع ألمانيا، تعد أحد الأعمدة الرئيسية للاتحاد، وبالتالي فإن انسحاب باريس منه سيؤثر على دول أخرى تعرف هي الأخرى استحقاقات انتخابية هذا العام. أما بشأن اليورو، فمن المؤكد أن تخلي فرنسا عنه سيعني إحداث زلزال اقتصادي ومالي لن يقوى معه اليورو على البقاء. وبدأ القلق يخيم على الأوساط المالية التي أخذت تقوم بدراسات لمعرفة تأثيرات خطوة كهذه على مستقبل اليورو، ولكن خصوصا على مستقبل الاقتصاد الفرنسي. حتى الآن، تجمع استطلاعات الرأي على أن مارين لوبان ستتأهل للجولة الثانية لكنها ستفشل في تحقيق الفوز بالرئاسة التي تجرى على مرحلتين. لكن في زمن غياب اليقين بصحة نتائج استطلاعات الرأي بعد تجربة «البركسيت» في بريطانيا وانتخاب دونالد ترمب في الولايات المتحدة الأميركية، يبقى الحذر سيد الموقف تخوفًا من «مفاجآت» لم تعد مستبعدة تمامًا.

مشاركة :