عودة الجدل حول احترام حقوق الإنسان أثناء محاربة الإرهاب في تونس مرة أخرى، يطفو على السطح في تونس الجدل حول احترام حقوق الإنسان في التعامل مع المشتبه بهم في قضايا إرهابية. ويعتقد مراقبون أن الظرف الذي تمر به تونس يستدعي إجراءات أمنية مشددة، حيث توجه اتهامات للمنظمات الحقوقية، التي تنتقد عمل المؤسسة الأمنية في هذا السياق، بالتساهل مع الإرهابيين. العرب [نُشرفي2017/02/14، العدد: 10543، ص(4)] الطوارئ سلاح تونس لمواجهة التطرف تونس - قال مهدي بن غربية، وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، الاثنين، إن “انتهاكات حقوق الإنسان في سياق حالة الطوارئ في تونس” الواردة في تقرير منظمة العفو الدولية غير مقبولة وهي انتهاكات فردية، ولكن لا يمكن أن تكون سياسة دولة، في حين تنتقد أطراف أخرى مثل هذا التقرير معتبرة أنها تساهل مع الإرهابيين. وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت، الاثنين، تقريرا انتقدت فيه ما وصفتها بأنها “انتهاكات حقوق الإنسان في سياق حالة الطوارئ في تونس”. وقالت المنظمة في التقرير إن السلطات التونسية لجأت، في معرض ردها على سلسلة هجمات مسلحة هزت البلاد في عامي 2015 و2016، إلى تشديد إجراءات الأمن، والاعتماد على قوانين الطوارئ. وذكر بن غربية أن الدولة ستتخذ كل الإجراءات لوضع حد لمثل هذه الانتهاكات وأنه يتعين بذل المزيد من الجهود لتغيير العقليات. وأضاف أن تونس تتعامل بإيجابية مع تقرير منظمة العفو الدولية. وقالت منظمة العفو الدولية إن قوات الأمن التونسية عادت لاستعمال أساليب قمعية قديمة من بينها التعذيب والاعتقالات العشوائية وحظر السفر ضمن حربها على “الإرهاب”، وحذرت من أن هذه الانتهاكات تهدد الإصلاحات في الجهاز الأمني. وحظي الانتقال الديمقراطي السلس للسلطة في تونس بإشادة واسعة النطاق بعد انتخابات حرة ودستور جديد وتوافق بين السياسيين، عقب انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي. لكن تونس تكافح لمواجهة تصاعد موجة الإسلاميين المتشددين وخطر جماعات إسلامية مسلحة وخلايا نائمة، خصوصا بعد أربع هجمات دموية في العامين الماضيين من بينها هجومان قتل خلالهما العشرات من السياح الأجانب. وتفرض تونس حالة الطوارئ منذ نوفمبر 2015، وهو ما يسمح للقوات الأمنية بحرية التحرك في مواجهة المشتبه بهم في “قضايا إرهابية”. فرحات الحرشاني: التهديدات الإرهابية لا تزال موجودة، بسبب تأزم الوضع في ليبيا ومع تزايد المخاوف من هجمات دموية جديدة، اعتقلت تونس في عامي 2015 و2016 حوالي 2000 مشتبه بهم ووضعت العشرات رهن الإقامة الجبرية، بينما منعت أكثر من خمسة آلاف شخص من السفر خشية انضمامهم إلى جماعات متطرفة في سوريا وليبيا. وهاجم، في مارس الماضي، العشرات من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية مدينة بنقردان الواقعة على الحدود مع ليبيا، لكن قوات الأمن نجحت في صد الهجوم وقتل واعتقال الكثير منهم. ومنذ ذلك الهجوم، تعيش تونس هدوءا حذرا مع تعافي الجهاز الأمني والمخابرات بشكل واضح. وبذلت تونس بالفعل، في السنوات الماضية، جهودا لإصلاح الجهاز الأمني سعيا لتفادي انتهاكات حقوق الإنسان التي لطالما كانت التهمة الأبرز التي توجهها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان للنظام السابق. وأكد وزير الدفاع الوطني، فرحات الحرشاني، الاثنين، في مداخلة له، أمام لجنة الأمن والدفاع بمجلس نواب الشعب، أن “التهديدات الإرهابية في تونس لا تزال موجودة، بسبب تواصل تأزم الوضع الأمني في الشقيقة ليبيا”. واعتبر أن الوضع الأمني العام للبلاد “في تحسن مطرد ولا يمكن مقارنته بالسنوات الفارطة”. وأوضح أن هذا التحسن يعود إلى سببين؛ أولهما “أهمية العمليات الوقائية في اجتناب كافة مظاهر الجريمة المنظمة، سواء الإرهاب أو التهريب أو تجارة الأسلحة”، مبينا أن “الضغط الذي تمارسه المؤسسة العسكرية في المناطق الجبلية أو الحدودية، جنب البلاد حدوث عدة كوارث”. ويتمثل السبب الثاني، وفق وزير الدفاع، في “العمل المشترك مع المؤسسة الأمنية والتنسيق على مستوى قيادات المؤسستين الأمنية والعسكرية، في العاصمة وداخل الجهات والمناطق التي تشهد عمليات عسكرية وأمنية”، مشددا على ضرورة “تعزيز هذا العمل المشترك والتنسيق الذي هو اليوم في تقدم مستمر”. ولا يعتبر الجدل الذي تثيره المعالجة الأمنية لظاهرة الإرهاب في علاقتها بحقوق الإنسان أمرا مستجدا في تونس، بل هو موضوع قديم يطفو إلى السطح من فترة إلى اخرى. وكانت منظمات حقوقية، قد أطلقت في أبريل من العام الماضي، حملة تدعو إلى احترام حقوق الإنسان في الحرب على الإرهاب بتونس، اختارت لها عنوان “لا للإرهاب نعم لحقوق الإنسان”. وأكدت هذه المنظمات أن الحملة غير موجهة ضد الدولة ولا مؤسساتها الأمنية، إلا أنها انتقدت الزج بالأبرياء في السجون. وتتلقى المنظمات الحقوقية، بسبب هذا النوع من الحملات، العديد من الاتهامات من أطراف مختلفة، منها نقابات أمنية، ووسائل إعلام، وسياسيون، باعتبار أن هذه الدعوات تتنزل في إطار ما سماه المنتقدون “تبييض الإرهاب”. ويرى المنتقدون لتقارير المنظمات الحقوقية في هذا السياق، أنه لا مجال للحديث عن الحريات وحقوق الإنسان حين يتعلق الأمر بمواجهة الإرهاب. وقال التوهامي العبدولي، الوزير السابق المكلف بالشؤون العربية والأفريقية بوزارة الخارجية التونسية، في تصريحات إعلامية، بعد عملية متحف باردو الإرهابية إنه “لا مجال للحديث عن حقوق الإنسان حين يتعلق الأمر بمواجهة الإرهاب”، مضيفا أن هناك من يدعون إلى الحفاظ على حقوق الإنسان ويتلطفون بالإرهاب. ويعتقد مراقبون أن الظرف الذي تمر به تونس يستدعي إجراءات أمنية مشددة، والحد من الحريات حين يتعلق الأمر بمواجهة الإرهاب. :: اقرأ أيضاً أردوغان يعوّل على دعم خليجي في سوريا زيارة روحاني تعمق التغلغل الإيراني في الجزائر بريطانيا تواجه نقصا في العمالة الأجنبية بسبب المخاوف من البريكست القسام تضع يدها على غزة عقب انتخاب السنوار
مشاركة :