«المسيرة» صرخة مغربية في وجه العنصرية في فرنسا

  • 4/18/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يسجل لشاشات الفن السابع كميديا عالمية فاعلة ومؤثرة في الرأي العام العالمي، مساهمتها في تأريخ التحركات الشعبية المناهضة لكل اشكال الظلم والاستبداد والتمييز. كما يسجل لجرأة بعض المخرجين السينمائيين امثال البلجيكي المغربي نبيل بن يادير استحضاره لأول تحرك جماهيري ترجمه في فيلم «المسيرة «الذي يعرض حالياً في عدد من صلات مونتريال. ويتحدث عن مسيرة قادها مهاجرون مغاربة قبل اكثر من ثلاثين عاماً لمناهضة التمييز العنصري الذي كانت تنتهجه السلطات الفرنسية حينذاك. سيناريو الفيلم مشترك بين مخرجه وناديا لخضر. والممثلون فيه مغربيون وفرنسيون. وهو ناطق بالعربية والفرنسية. والفيلم على رغم طابعه الدرامي لا يخلو من الفكاهة والمرح. ويتميز بجرأته في مساهمته في احياء فكرة المسيرات الشعبية في العمل السينمائي المعاصر.   استحضار التاريخ يستعيد الفيلم حال فرنسا اثناء صعود اليمن المتطرف عام 1983 وتشجيعه على نشر الكراهية والعنصرية، لا سيما في الضواحي المهمشة التي كانت تكثر فيها الاعتداءات على الأجانب والمهاجرين. وذلك من خلال ما يحدث في مدينة مانغيت، احدى ضواحي ليون، حيث يتعرض الشاب محمد (توفيق جلاب) المولود في فرنسا من ابويين مغربيين، الى اعتداء وحشي اصيب فيه بحروح بالغة على يد الشرطة الفرنسية. ويستذكر محمد في تلك اللحظة ابطال الصورة الاسطورية المناهضة للعنف ويستوحي من مسيرتي غاندي ومارتن لوثر كينغ مثالاً لمسيرة مماثلة. وبعد حصوله على دعم الراهب المسيحي كريستوف دوبوا وبعض المناصرين، يطلق الجميع دعوة لتنظيم مسيرة طويلة من اجل المساواة ومكافحة العنصرية في فرنسا. وتنطلق المسيرة بالفعل من مارسيليا في 15 تشرين الاول (اوكتوبر) 1983 لتعبر مسافة نحو الف كيلومتر مشياً على الاقدام. وخلال مرورها في المدن والقرى ينضم اليها العديد من المناصرين كما جوبهت من مناهضيها بشتى المضايقات والاهانات التي لم تحل دون وصولها بعد حوالى شهرين الى العاصمة باريس. هناك كانت موجات الوافدين اليها من شتى المناطق اشبه بتسونامي بشري قدر بأكثر من مئة الف متظاهر. في تلك اللحظة التاريخية، يشدد الفيلم على وقع الشعارات والصيحات المنددة بالتطرف والكراهية والعنصرية وتطلع الجماهير الى ولادة مجتمع فرنسي جديد كنموذج غربي للعدالة والمساواة.   بانوراما جامعة لنهاية محبطة تكشف المسيرة خلال مشورها الطويل عن بانوراما رائعة من تنوع المشاركين فيها على اختلاف انتماءاتهم الايديولوجية والثقافية والفكرية والاجتماعية والدينية. فوجود الكاهن بين الجماهير لا يؤشر الى التدين وحسب وانما ربما لادخال الايمان في قلوب العلمانيين والملحدين. كما ان الاصرار على سلمية المسيرة دلالة واضحة على رفض منطق العنف للعنف (موقف توفيق جلاب المعارض لاستخدام العنف في وجه الشرطة او المجموعات العنصرية). أما اشتراك العنصر النسائي (لبنى زابال وشارلين لوبون وحفيظة حرزي والمصورة الكندية ذات الاصول الكندية والجذور الشيوعية) فيؤكد في الفيلم على دخول المرأة المعترك السياسي ودفاعها عن حقوقها المدنية ومطالبتها بالمساواة بين الجنسين. اضافة الى ما كان يجري في صفوف المتظاهرين بين الحين والآخر من هرج ومرج وهزل وقصص الخيبة والامل وبروز دور الفكاهي المغربي جمال دبوز الذي كان يحاول ان ينسى ادمانه ويعود الى رشده ويتعرف الى نموذج آخر من الحياة غير العبثية. وينتهي الفيلم في ظاهره بمشهد وردي لدى وصول المسيرة الى قصر الرئاسة في باريس واستقبالها من قبل الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران واستماعه الى مطالب المتظاهرين ومنحهم بطاقة اقامة صالحة لمدة عشر سنوات. الا ان ما بعد المسيرة كان شيئاً آخر. كان عبارة عن ضياع مؤلم لحركة سلمية جماهيرية سلبت من اصحابها دون ان تحدث تغييراً يذكر بعد اكثر من 30 سنة على هذا الحدث التاريخي. ففرنسا ما زالت تمارس عنصريتها على شريحة واسعة من المواطنين اياهم الذين يحملون سحنات او هويات دينية وثقافية غير فرنسية. وهذه النهاية كما يقول اندريه لافوا الناقد السينمائي في جريدة «لو دوفوار» المونتريالية هي «على مأساويتها تمثل الجانب الأكثر اهمية واثارة اذ انها ايقظت على الاقل مشاعر الفرنسيين النائمين على امجاد الاشتراكية». اما زميله مارك اندريه لوسييه في جريدة «لا برس» فيقول في مقالته: «من الصعوبة ان يقال ان عمل المخرج نبيل بن يادير غير مفيد. ويكفيه انه قال للفرنسيين: كفى!». وهو من جانب آخر يرى انه «من الغرابة ومن غير المنطق والسذاجة ان يعيد المخرج الروح الى مسيرة حدثت في غير هذا الزمان او ان يحرك رماد التاريخ دون احداث حريق». باختصار تتكـــامل في الفيلم المادة الوثائقية كحدث وقصة حـيـــة فـــي الذاكرة مع تطابق النص المتخيل وانفــتـــاحـــه على قيم ابطال المسيرة وتنوع خلفياتهم الفكرية والايديولوجية على رغم مما اعتراه من بعض الاسقاطات والمبالغات وافتعال بعض المشاهد وتجييش مشاعر الجمهور التي لا طائل منها. العنصريةالمغرب

مشاركة :