بغداد - تشهد مدينة البصرة في جنوب العراق عودة للسينما بعد توقف طويل نجم عن فترة من الاضطرابات في البلاد. وكانت صناعة السينما ودور السينما في العراق قد دمرت بفعل الحروب المتعاقبة والعقوبات الصارمة التي فرضت على البلاد خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضي والهجمات الإرهابية. لكن الآن بعد 13 عاما بلا دور للعروض السينمائية فتح مجمع يضم خمس دور سينما أبوابه في وقت سابق من هذا العام أمام سكان البصرة حيث تشهد المدينة الغنية بالنفط هدوءا نسبيا. ويتم تمويل مشروع السينما من قبل "ميني بصرة" وهي مشروع استثماري يهدف إلى تعزيز الأنشطة الثقافية في المدينة. وقال رمضان البدران المدير التنفيذي لمشروع ميني بصرة إن مجمع دور السينما الجديد يتكلف حوالي أربعة ملايين دولار ويحتوي على تجهيزات وأنظمة صوت وعرض حديثة. وأوضح "هم خمس صالات سينما بواقع إجمالي استيعاب 700 مشاهد موزعة على خمسة صالات.. منها الأولى 300 مقعد والأربعة الأخرى من فئة مئة مقعد كلها سُميت بأسماء دور السينما التي كانت آخر من غاب عن مشهد السينما في البصرة واللي هي تم الاختيار الحمراء والكرنك والرشيد وأطلس والوطني. السينمات أيضا جُهزت بأرقى وأحدث أجهزة الصوت والعرض" وعُرض في الافتتاح فيلم إيراني مثير للجدل بعنوان "محمد رسول الله" من إنتاج الإيراني محمد مهدي. وقال مواطن من البصرة يدعى أحمد مجيد اإن السينما تلعب دورا هاما في المجتمع. وأوضح "في العام 2003 يعني تعرضت تجربة السينما ودور العرض السينمائية إلى هجمة ربما من جهات يعني لم تكن تفهم هذه الثقافة.. السينما هي ثقافة بإمكانها إيصال عشرات الرسائل إلى المجتمع.. الكثير من المدن المتحضرة حول العالم وحتى في العالم الإسلامي هناك دور عرض سينمائية يعني بإمكانها إيصال رسائل معبرة لمجتمعاتها عن واقعها.. عن آلامها.. عن طموحاتها.. وهذا ما افتقدته البصرة على مدى أكثر من 13 عام.. اليوم نحتفي بهذه التجربة في البصرة بحضور.. يعني افتتاح صالات عرض كبيرة بحضور عوائل بصرية بإمكانها متابعة ما توصلت إليه آخر ما يعرض في العالم". ومشروع السينما هو استثمار ضخم بدأ البناء فيه في 2016 واستورد شاشات عرض من فرنسا واستراليا وأميركا. وأبدى مواطن آخر من البصرة سعادته بعودة السينما إلى مدينته. وقال عمار عبدالجبار "كمواطن بصري رحبنا بهاي الفكرة الجيدة اللي هي تعتبر متنفس للعائلة البصرية اللي تبحث عن الهدوء والراحة وبعيداً عن الزحام.. سابقا كانت البصرة معروفة بمناطق اللي تجمع العائلة العراقية البصرية واليوم جت الفترة اللي مرة راحت هذه الأماكن. الحمد لله اليوم بدأت ترجع شيء فشيء وواحدة من.. هذه المبادرة الطيبة بصراحة". وتم بث أول فيلم عراقي عام 1909 لكن الذهاب إلى السينما لم يكن يعتبر نشاطا ثقافيا أو هواية حتى العشرينيات من القرن الماضي. وتأسست دائرة السينما الحكومية العراقية في عام 1959 لكنها لم تنتج سوى فيلمين روائيين طويلين في العقد التالي جنبا إلى جنب مع عدد قليل من الأفلام الوثائقية. وخلال فترة حكم صدام حسين، ركزت الأفلام بشكل أساسي على الحرب العراقية الإيرانية خلال الفترة من 1980 حتى 1988 وتصوير العراق أنه المنتصر في الصراع. ويحكي فيلم يسمى "الأيام الطويلة" قصة حياة صدام حسين. وشهدت صناعة السينما أزهى عصورها في السبعينيات عندما أنشأت الحكومة أول مسرح لها وخصصت المزيد من الأموال للأفلام الطويلة واجتذبت صناع السينما من دول عربية أخرى. وبعد غزو قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 والإطاحة بصدام نُهبت المحفوظات السينمائية ومعدات التصوير واستنزف العنف الطائفي في وقت لاحق المواهب الفنية من البلاد.
مشاركة :