رئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا فايز السراج رسميا من حلف شمال الأطلسي الاستعانة بـ"خبرته" على الصعيدين الدفاعي والأمني، وفق ما أعلن الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ. وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي "تلقيت ليل أمس (الأربعاء) طلبا رسميا من رئيس الوزراء فايز السراج يلتمس فيه نصائح الحلف الأطلسي وخبرته على صعيد بناء المؤسسات الدفاعية والأمنية"، مضيفا أن الطلب قيد الدرس. وأوضح أن مجلس حلف شمال الأطلسي، أبرز هيئة للقرار السياسي في الحلف تمثل البلدان الأعضاء الـ28، ستناقشه "في أقرب وقت ممكن". وقد تعامل السراج بايجابية مع عرض ستولتنبرغ خلال زيارته مقر الأطلسي في بروكسل في الأول من فبراير/شباط، حيث قال حينها "إذا طلب منا ذلك يمكننا أن ندعم جهود الاتحاد الأوروبي لتعزيز خفر السواحل والبحرية الليبيين". وتحدث ستولتنبرغ أيضا عن "الأولوية الإستراتيجية" للحلف الأطلسي من أجل "إبعاد التهريب والنشاط الإرهابي عن البحر المتوسط". وأكد "استعداد الأطلسي لمساعدة ليبيا في بناء المؤسسات الأمنية والدفاعية الفعالة"، مكررا عرضا طرح في قمة الحلف في وارسو في يوليو/تموز 2016. ومنذ نهاية 2016، يقدم الحلف الأطلسي دعما على الصعيد اللوجستي ويتقاسم المعلومات الاستخباراتية في عملية صوفيا البحرية التي أطلقها الاتحاد الأوروبي العام 2015 لمكافحة الاتجار بالمهاجرين. وتصطدم هذه العملية باستحالة التدخل في الوقت الراهن في المياه الإقليمية الليبية، ما يؤدي إلى الحد من فعاليتها لاعتراض المهربين، فيما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تقليص وصول المهاجرين إلى السواحل الايطالية. وفي إطار عملية صوفيا، أطلق الاتحاد الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأول 2016 عملية لتدريب خفر السواحل الليبيين لاعتراض زوارق المهاجرين قبل أن تجتاز حدود المياه الدولية. وما زالت ليبيا غارقة في الأزمات أمنيا واقتصاديا وسياسيا بعد ست سنوات على اندلاع الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي. ولا تسيطر حكومة السراج في الواقع على جميع الأراضي وتواجه رفضا من السلطات المنافسة في شرق البلاد الخاضع في جزء كبير لسيطرة قوات المشير خليفة حفتر. ويكون السراج بموافقته على عرض حلف الأطلسي قد فتح أبواب ليبيا للتدخلات الخارجية من بوابة التدريب والمساعدة على تدريب وتكوين الأجهزة الأمنية والعسكرية. ويرفض الليبيون عموما أي تواجد أجنبي على أراضيهم، ما قد يثير ردود فعل في الشارع الليبي خاصة أن السراج لم يرجع في قراره إلى الشعب. كما تأتي موافقته بينما فشل لقاء القاهرة مع المشير خليفة حفتر في اللحظات الأخيرة وهو اللقاء الذي كان يراهن عليه السراج لإعادة التوازن إلى سلطته المربكة أمام عجزه عن إدارة الوضع في العاصمة الليبية وخارجها. وقد أعرب في بيان الخميس عن أسفه لما اعتبره إضاعة لـ"فرصة ثمينة" لبدء محادثات حل النزاع في ليبيا بعد فشل محاولة لجمعه بحفتر هذا الأسبوع في القاهرة. وأكد السراج في بيان أن حفتر رفض اللقاء "بدون إبداء أية مبررات أو أعذار". وبعد ست سنوات على الانتفاضة التي أطاحت بنظام معمر القذافي، ما زالت ليبيا غارقة في أزمة بالغة التعقيد تحول دون إنجازها العملية السياسية الانتقالية في ظل انفلات أمني واسع واقتصاد متدهور وصراع حاد على السلطة. ويتخذ مجلس النواب المنتخب من شرق ليبيا مقرا، لكن هذا البرلمان المعترف به دوليا لم يعط الثقة لحكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج التي نشأت بعد التوقيع على اتفاق سياسي لإنهاء الأزمة برعاية الأمم المتحدة في نهاية 2015، قبل أن تستقر في طرابلس. وقال السراج في بيانه إن ليبيا تدفع "طيلة السنوات الماضية ثمن المزايدات والمواقف السياسية المتعنة والرؤى الفردية للذوات المتضخمة التي غالبا ما تقف حائلا دون أي حل واقعي وسريع للأزمة". وأضاف أن تفويت اللقاء مع حفتر في القاهرة أدى إلى إضاعة "فرصة ثمينة أخرى كنا نأمل أن تكون مدخلا لحل ينهي حالة الانقسام ويرفع المعاناة عن الوطن والشعب". وكان يفترض أن يلتقي الرجلان في القاهرة الثلاثاء بموجب مبادرة مصرية للتفاوض على تعديل الاتفاق السياسي حول تسوية الأزمة الليبية المبرم في الصخيرات بالمغرب. وأعلنت مصر التوصل إلى اتفاق بين الطرفين لتشكيل لجنة مشتركة تتولى تحضير التعديلات على اتفاق الصخيرات. لكن بيان السراج لا يذكر أي اتفاق بل يكرر الإشارة إلى "الفشل". ولم يشتمل اتفاق الصخيرات على أي دور لحفتر الذي تسيطر قواته على قسم كبير من شرق ليبيا، لكن الأخير فرض نفسه كمحاور لا يمكن تجاهله بعد تدخل قواته لحماية مرافئ النفط الأساسية في شرق ليبيا في سبتمبر/أيلول. وكان وسيط الأمم المتحدة لليبيا مارتن كوبلر أكد أن المباحثات بشأن "تعديلات محتملة" على اتفاق 2015 وخصوصا الدور المستقبلي لحفتر، أحرزت تقدما في الشهرين الأخيرين.
مشاركة :