تونس علي قربوسي ودَّعت تونس أمس المعارض البارز محمد البراهمي في جنازةٍ مهيبة وتحت زخات رصاص التحية العسكرية إلى مثواه الأخير، إذ وُرِيَ الثرى في مقبرة الجلّاز في موكب رسمي أشرف على تنظيمه الجيش التونسي وحضره آلاف التونسيين إلى جانب أسرة الفقيد، وسيطر الغضب العارم على التونسيين وسط تخوفات من مستقبل مجهول بسبب الخلافات السياسية والاغتيالات. وخرجت الجنازة من منزل البراهمي، الذي كان زعيم التيار الشعبي القومي الناصري وعضو المجلس الوطني التأسيسي، في حي الغزالة ووُضِع جثمانه على سيارة عسكرية مكشوفة متوجهة نحو مقبرة الجلاز. وحلّقت طائرات عسكرية فوق الحشود التي رافقت الجثمان تجاه المقبرة، وحمل المتظاهرون صوراً للبراهمي وشكري بلعيد وهو معارض تم اغتياله أيضاً قبل ستة أشهر، وسيُدفَن البراهمي، الذي قُتِلَ الخميس بـ 11 رصاصة، قرب قبر بلعيد. وتوافد آلاف التونسيين إلى المقبرة ليودِّعوا البراهمي الوداع الأخير وسط حضورٍ للقيادات السياسية والنقابية كالنائب السابق إياد الدهماني والقيادية في الحزب الجمهوري مية الجريبي وأمين الاتحاد العام للشغل حسين العباسي. وأفاد مصدر أمني بأن عدد المشاركين في جنازة محمد البراهمي أمس تجاوز الـ 30 ألف شخص. وجرت مراسم الجنازة في ظروف سلمية باستثناء القبض على أحد المنحرفين الذي حاول استغلال الوضع وسلب المواطنين حاجياتهم. بدورهم، أكد عددٌ كبير من المواطنين المشاركين في الجنازة أنهم يعتزمون التحول «للإطاحة» بالمجلس الوطني التأسيسي وحلِّه. وأمام مقر المجلس التأسيسي، دارت حرب شوارع بين قوات الأمن والمعتصمين المطالبين بحل المجلس. واكتسح أنصار حركة النهضة ورابطات حماية الثورة، المحسوبة على الحركة الإسلامية قائدة الائتلاف الثلاثي الحاكم، ساحة المعتصمين أمام المجلس وشرعوا في استفزازهم، فحدثت مناوشات بين الطرفين، ما أدى إلى استخدام أعوان الأمن للغاز المسيل للدموع وتم التراشق بالحجارة. وأفاد مصدر نقابي بأن أعوان فرق وحدات التدخل تلقوا تعليمات بتنسيق العمل مع رابطات حماية الثورة، وهو ما رفضه عددٌ من الأعوان وحدثت انقسامات في صفوفهم ومناوشات حادة بسبب هذه التعليمات. من جانبه، قال النائب في المجلس التأسيسي، علي بالشريفة، لـ «الشرق» إن النائب والقيادي في الجبهة الشعبية، منجي الرحوي، تعرض للاعتداء على مستوى الرأس من قِبَلِ قوات الأمن أمام مقر التأسيسي، وعبر بالشريفة عن خشيته من أن يكون الرحوي تعرض إلى نزيف على مستوى الرأس. في سياقٍ متصل، أفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، محمد علي العروي، بأن عبوة ناسفة تقليدية الصنع تسببت في انفجار سيارة الساعة السادسة من صباح السبت أمام مركز الحرس الوطني في حلق الواد في الضاحية الشمالية لتونس العاصمة. ووصف العروي هذه الحادثة بـ «عملية إرهابية إجرامية بامتياز» ومحاولة استهداف لأعوان الأمن، وأضاف أن الأعوان تفطَّنوا لوجود جسم غريب في السيارة قبل استعمالها. وقال إن الحادثة لم تتسبب في أي خسائر بشرية وإنما في خسائر مادية فقط، لافتا إلى انطلاق عمليات تمشيطٍ للمكان. أما في الجنوب التونسي وباقي الولايات، فقال كاتب الدولة للخارجية السابق، التهامي العبدولي، لـ «الشرق» إن ولاية سيدي بوزيد أصبحت شبه منفصلة عن السلطة المركزية التونسية بعد أن كوَّنت مجلس حكماء يدير شؤونها. ودعا العبدولي رئيس الدولة ورئيس الحكومة إلى الاستقالة حتى لا تنسج بقية الولايات على هذا المنوال، محملا حركة النهضة ما سماه بتدهور الأوضاع وتأزمها. في حين قدمت ولاية قفصة ليل الجمعة السبت أول شهيدٍ لـ «الثورة الثانية»، كما يسميها شباب الثورة التونسية، وهو محمد بالمفتي من مواليد 1965 في قفصة ويعمل مهندسا باتصالات تونس، وهو ناشط ضمن الجبهة الشعبية وكان ترشح سابقا في انتخابات أكتوبر 2011 على قوائم آفاق تونس، وبالمفتي أب لابنتين في مقتبل العمر، أما حصيلة المواجهات فكانت 65 مصاباً منهم 21 بإصابات خطيرة.
مشاركة :