كثير من الصحفيين المصريين الشباب وحتى الكهول يعملون في المؤسسات الإعلامية بدول الخليج العربية في المحطات الفضائية التلفزيونية وبالذات في دوائر الأخبار وكذلك في الصحف اليومية، وهؤلاء يعود بعضهم إلى مصر حيث يلتحقون بالصحف ومحطات التلفزيون التي أتوا منها وهذا شيء طبيعي، لأن معظم الزملاء الذين أتوا من مصر يحرصون على بقاء ارتباطهم بالجهات التي عملوا فيها أول مرة وأطلقتهم في رحاب بلاط الإعلام المرئي والمقروء. هؤلاء والمفترض بهم طبيعياً أن يعودوا إلى بلادهم وهم محملون بخبرات تراكمية تكونت أثناء وجودهم وعملهم بدول الخليج العربية التي تمتلك وخاصة في العقود الثلاثة الأخيرة أفضل وأحدث المؤسسات الإعلامية سواء في صحف أو محطات تلفزيونية، ولهذا فإنّ العاملين في هذه المؤسسات وهم خليط فريد ورائع متجانس من خبرات متعددة من جنسيات عربية متنوعة إلا أنها جميعاً متميزة وذات كفاءة عالية، وعمل مع مثل هذه الكوكبة لابد وأن يجعل من حظي بهذه الفرصة متميزاً في عمله وخبيراً بما يمتلكه من معلومات في مجال عمله. هذا شيء علمي ومؤكد فالذي تتراكم لديه الخبرات ويجمع تميزه من تعدد المدارس التي أحتك بها وتجانس بالعمل معها، أفضل وبكثير من الذي تقوقع داخل شرنقة المدرسة التي ينتمي إليها. فالذي يعمل في المؤسسات الإعلامية الصحفية والتلفازية يعمل ويأخذ ويتبادل الخبرات والمعارف من مدارس إعلامية متعددة وإن كان أكثرها تواجداً هي المدرسة المصرية، والمدرسة اللبنانية، ومدرسة إعلامي الهجرة التي أوجدت نمطاً ونهجاً مهنياً يجمع بين خصائص المدرسة الغربية وبالذات الأوروبية ومنها الإنجليزية التي تعتمد المهنية والشفافية والمصداقية مع خصائص المدرستين اللبنانية والمصرية. من كل هذه الخبرات المتواجدة في مكان واحد، إضافة إلى خصائص المكان الذي يتواجد فيه الإعلامي والصحفي والذي هو الآخر يكون خصائص جديدة يمكن اعتبارها إضافة أو تطوير لمدرسة إعلامية خاصة بالدولة التي تحتضن المؤسسات الإعلامية والصحفية. وهكذا فالذي تتوفر له فرص العمل في هذه الأماكن لابد أن يتطور مهنياً ويكتسب خبرة ومعارف علمية يتفوق بها على نظرائه الذين ظلوا محرومين من اكتساب خبرات خارجية وخاصة في معرفة التغيرات السياسية الجوسياسية في المنطقة أو الأقطار التي تواجدوا بها وعملوا بها والذين هم الأقدر عن الحديث عن تلك المتغيرات والتعامل معها، ولكن نجد وفي كثير من الإعلاميين المصريين الذين عادوا من دول الخليج العربية وهم أصحاب كفاءات وخبرات متميزة إلا أنهم لا يجدون فرصة للإطلالة على المشاهدين في محطات التلفاز أو على القراء في الصحف القومية وحتى الخاصة لتشبث الإعلاميين المخضرمين والذين تغلب على أدائهم الإعلامي التوجهات الأيديولوجية المغلقة التي يتبعونها والتي توجه أعمالهم وكتاباتهم والتي تواصلت واستمرت من إبان الحقبة الناصرية والتي يواجهها الإعلاميون الذين يتعاطون ويحملون أفكار جماعة الإخوان المسلمين، وهاتان الفئتان حصرتا اهتمامهما بما يعزز أيديولوجياتهما وسعيهما للوصول إلى مراكز السلطة، ويتناحران على مناصب النقابات المهنية ومنها نقابتا الصحفيين والمحامين. ولأنهما مشغولان بما يخدم أيديولجياتهما فقد تركا القضايا الأساسية القومية ومنها ما له علاقة بالأمن القومي المصري فالذي يكتب عن محاولات مد النفوذ الإيراني في المنطقة العربية والذي وصل إلى حدود مصر في قطاع غزة وحدود مصر الجنوبية السودان الذي استطاع صد هجمة الفرسنة ويبتلع سوريا «الإقليم الشمالي» الذي لا يزال يعتبره المصريون جناحاً شرقياً للأمن القومي المصري. وبدلاً من الاستفادة من الإعلاميين المصريين الذين يعدون خبراء في معرفة ما يخطط له الإيرانيون يكرر «المخضرمون» مقولاتهم التي تفتقد العلمية ويكرر ما تختزنه ذاكرته من عقود ماضية لتحرم الأمة العربية جبهة إعلامية أصبحت محايدة إن لم تكن عدائية لطرحها معلومات منقوصة.
مشاركة :