ميركل تشهد في قضية تنصت الاستخبارات الأميركية على هاتفها

  • 2/17/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

وسط اهتمام إعلامي لم يسبق له مثيل منذ سنوات، مثلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام لجنة التحقيق البرلمانية في فضيحة تجسس وكالة الأمن القومي الأميركية على ألمانيا وعلى هاتف المستشارة الجوال. واستمرت جلسات تقصي الحقائق، التي بدأت يوم أمس الخميس، ساعات طويلة كان على ميركل فيها أن تجيب على كثير من الأسئلة الشائكة. وإذ تحاول المعارضة البرلمانية، يدعمها موقف الحزب الديمقراطي الاشتراكي، حليف ميركل الحكومي، إثبات معرفة ميركل المسبقة بفضيحة التجسس، وبالتالي إضعاف موقفها السياسي في الانتخابات العامة المخطط لها في سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، تعتمد المستشارة استراتيجية دفاعية تتحدث عن جهل القيادة السياسية بالفضيحة، واقتصارها على جهاز المخابرات الألماني (بي إن دي). وفي حين وصف كونستانتين فون نوتز، ممثل حزب الخضر في لجنة التحقيق، تصريح ميركل «إن التجسس بين الأصدقاء غير مقبول على الإطلاق»، بأنه خداع تام لكامل الرأي العام الألماني، فيما قالت ممثلة حزب اليسار في اللجنة البرلمانية مارتينا رينر، إن تصريح ميركل «كان إلى حد كبير نوعًا من ذر الرماد في العيون». وأضاف كريستيان فليزك، ممثل الحزب الديمقراطي الاشتراكي في اللجنة، أن هذا الاستجواب المرتقب، يهدف إلى استكشاف ما كانت تعرفه ميركل حول التجسس، وما فعلته من أجل الحيلولة دون تكرار هذه الأمور. وتدور الشكوك حول موقف ميركل لأن تصريحها الشهير «إن التجسس بين الأصدقاء غير مقبول على الإطلاق»، لم تطلقه مرة واحدة فقط وإنما مرتين. إذ قالت المستشارة هذا التصريح في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2013 في القمة الأوروبية في بروكسل بعدما انكشفت فضيحة التجسس من خلال الوثائق التي كشف عنها إدوارد سنودن. وقالت ميركل فيه: «تحدثت مع الرئيس الأميركي وأوضحت أن التجسس بين الأصدقاء غير جائز إطلاقًا». وهو التصريح الذي أعقب الكشف عن تجسس وكالة الأمن القومي على جوالها الخاص. لكنها كانت قد أطلق هذا التصريح في مؤتمرها الصحافي الصيفي السنوي 19 يوليو (تموز) 2013، وقالت آنذاك لتوضيح الأمور حول قضايا الرقابة المزعومة على مؤسسات الاتحاد الأوروبي، هذا يدخل في خانة «إن المرء لا يفعل ذلك بين الأصدقاء. هذا غير جائز». معروف أن دائرة المستشارة تتولى الإشراف على الأجهزة الأمنية والمخابراتية وتتحمل المسؤولية عن أنشطتها، وخصوصًا وزير دائرة المستشارة بيتر ألتماير. ويتولى الأخير مهمة متابعة دائرة أنجيلا ميركل مع اللجنة البرلمانية الخاصة بالرقابة على نشاط الأجهزة الأمنية والاستخباراتية. وأثارت الصحافة الألمانية، مثل صحيفة «زود دويتشه» المعروفة، الشكوك حول أن المستشارة الألمانية، كانت تعرف بفضيحة التجسس منذ مطلع 2013، إلا أنها تسترت على الموضوع حتى أكتوبر من العام نفسه، كي لا تؤثر سلبًا في الحملة الانتخابية العامة التي جرت في ذلك العام. وربما يعبر صمت الحكومة عن الفضيحة المعاكسة التي تم الكشف عنها في الوقت نفسه، وهي أن المخابرات الألمانية كانت بدورها تتجسس سياسيا واقتصاديا على الشركاء الأوروبيين وغيرهم. وتم تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية في قضية تجسس وكالة الأمن القومي الأميركية في مطلع 2014. واجتمعت أكثر من مائة مرة حتى الآن للكشف عن تفاصيل القضية، وعن مدى معرفة المستشارة بتفاصيل التجسس. ويعود الفضل إلى الجاسوس الهارب إدوارد سنودن في الكشف عن تفاصيل نشاط وكالة الأمن القومي على المستوى العالمي. وفشلت ألمانيا في سنة 2013 في إقناع الإدارة الأميركية بتوقيع اتفاقية «عدم التجسس» بين الأصدقاء. وسبق لألتماير أن أطلق رصاصة الرحمة ضد رئيس المخابرات الألمانية غيرهارد شندلر، بعد أيام قليلة من كشف قضية التجسس على السياسيين بالتعاون مع جهاز الأمن القومي الأميركي، حينما قال في مؤتمر صحافي إن الحكومة لن تتعامل برحمة مع المسؤولين عن الفضيحة. بعد أشهر قليلة من هذا التصريح أصبح شندلر أول ضحية لفضيحة تجسس وكالة الأمن القومي ضد ألمانيا، وتولى برونو كال (53 سنة) رئاسة جهاز المخابرات الألمانية خلفًا له. وبعدها أقر البرلمان الألماني تغييرات نوعية واسعة، وظيفية وبنيوية، في قمة الجهاز وأقر قانونًا جديدًا هدفه تحسين أداء الأجهزة الأمنية المختلفة في الحرب على الإرهاب، وتعزيز تبادل المعلومات بين أجهزة الاستخبارات، وإلزام شركات الاتصالات الهاتفية بتسجيل هويات الأشخاص الذين يتعاملون بالهواتف المحمولة المسبقة الدفع. وتحدثت دائرة حماية الدستور الألمانية (الأمن العامة)، بعد سبعة أشهر من فضيحة تجسس وكالة الأمن القومي الأميركي على هاتف المستشارة أنجيلا ميركل، عن خطط شبه جاهزة لتوسيع نشاط التجسس المضاد ضد مخابرات الدول الصديقة، وخصوصًا المخابرات الأميركية والبريطانية. وأعلنت دائرة حماية الدستور أيضًا أنها اتخذت إجراءات وقائية رادعة ضد النشاط التجسسي، السياسي والاقتصادي، الذي تمارسه الدول الصديقة ضد ألمانيا.

مشاركة :