لأول مرة منذ سنوات طويلة تتفوق الدراما السياسية في الشارع العربي على الدراما التلفزيونية المصنعة. حروب واقتتال ومجازر تقشعر منها الأبدان، ثورات وانقلابات ومشاهد ساخنة دراماتيكية تبث على مدار الساعة في القنوات التلفزيونية ويتابعها المواطن العربي المسكين ساعة بساعة ولحظه بلحظة، وبدلا من الترفيه والكوميديا والرومانسية التي تفتحت عيون المواطن العربي عليها منذ منتصف الستينات الميلادية الحالمة بواقع عربي أفضل من الخليج إلى المحيط، أتت الأحداث السياسية التي لم تنقطع يوما عن الساحة العربية التي وصلت لذروتها فيما يسمى الربيع العربي لتطغى على كل ما سواها من أحداث وتسيطر على عقل المواطن العربي المسكين الذي لا يعرف ماذا يصنع وهو يلهث ويحلم بغد أفضل من أمسه الأسود. انتشرت القنوات الإخبارية المختصة التي لم تعرفها المنطقة العربية، كما انتشرت البرامج الحوارية للساسة والمثقفين. وأصبح هناك نجوم يتكونون من الساسة ومقدمي البرامج والإعلاميين، بعد أن تسيد غيرهم النجومية لفترة طويلة، تنافست ومازالت تتنافس القنوات الكبرى في العالم العربي على الفوز بعقل ووجدان المشاهد العربي المنهك من الأحداث السياسية، الذي لا ينفك في بعض ساعات يومه يبحث عما يسليه ويخرجه من مآسيه وواقعه المرير، القنوات التلفزيونية المتخصصة في الترفيه أخذت ترصد الميزانيات الكبرى بالملايين وصنعت لها نجوما واستقطبت آخرين تجمعهم من مختلف الوطن العربي في عمل واحد وتسوقه من خلال الصحف وحتى إعلانات الشوارع، في سابقة لم تكن معروفة خاصة بالخليج، دخل على الخط أيضا بعض النجوم المستجدين على الساحة التلفزيونية الإعلامية وهم الدعاة والوعاظ وبعض المشائخ الذين وفرت لهم قنوات التواصل الحديثة فرصة ذهبية في ازدياد متابعيهم ومريديهم، أصبحت لهم قنوات خاصة بهم وأصبح ملاك القنوات في فضاء إعلامي مفتوح يصبون في جميع الاتجاهات «سياسة ودراما ودعوة ورياضة ومسابقات» وصدق عدوية عندما قال «كله على كله ولما تشوفه قول له».
مشاركة :