صالح جمعة.. العودة إلى زمن رضا عبد العال

  • 2/17/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لا تخلو مناقشات كرة القدم من عقد المقارنات بين اللاعبين، الأمر الذي يؤدي عادة الي اختلاف الكثير من مشجعي كرة القدم فيما بينهم حول مدي صحة تلك المقارنات من الأساس خصوصا عندما تتعلق بلاعبين من أجيال مختلفة. يعزي البعض ذلك للنوستالجيا الكروية أو الحنين إلي الزمن الكروي الماضي، حيث كانت الكرة تعج بالمهارات ويرد الجانب الأخر بأن الكره قديما كانت أبسط و تطور الكرة في وقتنا الحالي وخضوعها لانضباط تكتيكي أكبر أدي إلي تقليص فرصة ظهور تلك المهارات علي صورتها القديمة، ولكنها تظهر عند بعض اللاعبين الذين تغلب عليهم فطرتهم الكروية، بل إن تلك المهارات هي مفتاح رئيسي في المباريات المغلقة. أو كما يقول الروئي الأوروجوياني إدواردو جاليانو "من حسن الحظ أنه مازال يظهر في الملاعب، حتي وإن كان ذلك في أحيان متباعدة، وقح مستهتر يخرج عن النص لمجرد متعة الجسد المنطلق". ولعلنا جميعا خضنا بأنفسنا في إحدى المناقشات الشهيرة علي شاكلة: من أفضل مارادونا أم ميسي أو هل كان بيليه سيحظى بتلك المكانة لو واجه مدافعي العصر الحديث أو ليكون بنفس الأهمية في مباريات تتسم بالانغلاق التكتيكي التام، كل ما سبق يؤدي بنا نحو حقيقة واضحة: كرة القدم تغيرت كثيرا. دعونا نطبق ما سبق علي واحد من أهم المواهب المصرية في وقنتا الحالي، لاعب الأهلي صالح جمعة والذي بزغ نجمه صغيرا في صفوف إنبي و منتخب مصر للشباب. موهبة قادرة بلمسة واحدة علي نقل اللعب بأكمله من الدفاع للهجوم وجعل المهاجم في مواجهة المرمي دون أن يشعر به أحد، إلا أن هناك مشكلة واضحة في أداء اللاعب الذي ما عاد صغيرا، هو الآن في طريقه لإتمام عامه الـ24، تلك المشكلة ببساطة هي أن صالح جمعة يلعب بطريقة التسعينات. لنضع هذا جانبا لوهلة، عبدالله السعيد وهو لاعب خط الوسط المهاجم الأساسي في الأهلي ومنتخب مصر، هذا المركز يعاني معه مدرب المنتخب هيكتور كوبر لأنه لا يجد بديلا يعتمد عليه للاعب السابق فأيمن حفني من الزمالك يقع في فخ الإصابات المتكررة كما أن باقي الأسماء في الدوري ليست بنفس الكفاءة، الأمر الذي جعل هيكتور كوبر يدفع بالسعيد في جميع مباريات المنتخب للدرجة التي جعلته لا يصطحب أحد سواه في نفس المركز في رحلة المنتخب الأخيرة في الجابون، وهو بالضرورة ما أدي إلي إرهاق اللاعب بصورة ملحوظة للجميع. الأمر ذاته يتكرر مع الأهلي، فالسعيد يعد اللاعب الأهم في النادي في المواسم الأخيرة وغيابه يعني تعرض الأحمر لمشكلة فنية واضحة كما هو الحال في المباراة الأخيرة أمام الإسماعيلي. لعب السعيد في الموسم الماضي 30 مباراة من أصل 34 في الدوري الماضي حيث غاب السعيد عن آخر أربعة لقاءات بسبب الإصابة وكانت النتيجة تعادل الأهلي في مواجهتين وهزيمة في أخرى وانتصار وحيد. أما في النسخة الجارية من المسابقة، خاض السعيد مع الأهلي 17 مباراة كاملة ولم يغب سوي عن المباراة الأخيرة أمام الإسماعيلي. لنعود لصالح جمعة، صانع اللعب ظهر في الموسم الماضي علي فترات ربما كانت أكثرها توهجا تواجده أساسيا أمام اتحاد الشرطة والمقاولون حيث استطاع أن يصنع سبعة أهداف خلال المبارتين وهي نسبه أكثر من مثالية ولكنه لم يكن ذو فاعلية ملحوظة عندما يشارك بديلا. مع ماديرا لعب جمعة 46 من أصل 62 وهي نسبة مشاركات ممتازة بالطبع ولكن الأمر يختلف تماما عندما تكون لاعبا في الأهلي فظهور اللاعب يجب أن يكون مؤثرا حتي يضمن تواجده و لكن صالح نفسه يبرر ذلك "دائما يقولون في النادي، أنني استكمال لمسيرة عبد الله السعيد، حيث لم يشارك كثيرا عند انضمامه للأهلي، لتواجد محمد أبو تريكة، ولكنه مع الوقت والتدريب بجدية بات أحد نجوم الفريق بعد اعتزال أبو تريكة، فالأجيال تسلم بعض باستمرار في النادي". ربما هذا التصريح هو الأكثر غرابة في وقتنا الحالي فلا السعيد هو أبو تريكة الحالي ولا إمكانيات جمعة من الممكن ان تبقي حبيسة الظل نظرا لتوهج السعيد الملحوظ فالأمر مختلف كثيرا حتي و إن كان صالح جمعة هو امتداد للسعيد فلماذا لا يبرز كبديل منطقي له سواء مع الأهلي، وضع حسام البدري جونيور أجاي في مركز صانع اللعب بدلا من السعيد بينما جلس جمعة احتياطيا، أو المنتخب وخصوصا أننا إذا عقدنا مقارنة بين الرجلين ستأتي النتيجة مفاجئة تماما. يمتلك جمعة مهارة الاستحواذ علي الكرة والمرور من الخصوم بشكل أفضل من السعيد كما أنهما على قدم المساواة في القدرة على تقديم التمريرات الحاسمة. حسنا، ما الذي يجعل السعيد أساسيا بشكل لا غنى عنه بينما يتلمس جمعة الفرصة؟ الإجابة هنا هي الالتزام التكتيكي وربط الدفاع والوسط المدافع بالمهاجمين وهو الدور الأساسي لهذا المركز في كرة القدم الحديثة. كم المجهود المبذول في هذا الربط والقدرة علي تغيير وتيرة المباراة بين التمرير الهادئ والضغط علي المدافعين والضغط الهجومي، كل هذا يتفوق فيه عبدالله السعيد بصوره ملحوظه "هناك محاولات عديدة معه لتطوير مستواه البدني، لأن به قصور شديد، وينعكس كثيرا على مستواه الفني" حسام البدري عن صالح جمعة الأمر أشبه بعودة رضا عبد العال من فترة التسعينات للعب كرة القدم في صورتها الحالية، فمن المؤكد أن رضا سيقدم لنا لمساته الفنية كلما شارك في المباريات ولكن هل سيستطيع مواكبة الجهد و التعليمات التكتيكية في كرة 2017 ؟ الكرة هنا في ملعب صالح جمعة فكل الظروف مهيأة لكي يصبح أهم لاعبي مصر في خط الوسط نظرا لما يمتلكه من مهارات وخصوصا أن البدري يمتاز بعدم الاعتماد علي عناصر محددة كما أنه كان مدربا للاعب في المنتخب الأوليمبي ويؤمن بقدراته كثيرا، ولكن يجب علي جمعة أن يفرض نفسه بصورة واضحة. جماهير الكرة تحب نوعية جمعة كثيرا لما يمتلك من مهارة ولكن المدربين يدركون أن نوعية السعيد هي الأهم في كرة القدم الحديثة، فيجب ألا يكتفي جمعة بإشادات الجماهير لتمريرة حاسمة أو مرور جيد ولكن أن يبذل مجهودا أكبر في ربط الملعب والتحكم في وتيرة المباراة حتي وإن كان ذلك علي حساب الجانب المهاري الذي سيظهر في وقته خاصة وأن الفرق التي تواجه الأهلي عادة ما تلجاً إلي الدفاع بعد مرور وقت وجيز من المباراة. "لاعب موهوب بالفطرة، وليس مصنوعا، لذا تنتظره الجماهير بشغف، إلا أنه من اللاعبين الذين لا يجيدون إدارة موهبتهم، فالموهبة تحتاج شخصية قوية تديرها. لا يستطيع استثمار وجوده في الأهلي، فهو كيان يوفر عليك التفكير في نواحي مالية وإدارية، مما يمنحه فرصة ثمينة لتفريغ كل طاقته في الاستمتاع باللعب، ولكنه موهبة ظلمت نفسها" عبد العزيز عبد الشافي متحدثا عن صالح جمعة حسناً الخلاصة في هذا الأمر أن صالح جمعة لديه من المهارات ما يجعله مثالياً لمركز لاعب الوسط الهجومي إلا أنه لا يبذل المجهود اللازم لذلك و هو الأمر الذي تتمناه جماهير الأهلي و جماهير مصر من أجل رحلة المنتخب نحو كأس العالم وننتظر من صالح جمعة أن يبدو أكثر رغبه في بذل المزيد من الجهد لا الاستناد إلي المهارة. "صالح قادر علي أن يصل إلى مستويات غير مسبوقة من التألق والتطور لا مثيل لها ليس فقط في أن يلتزم بالجانب الدفاعي مع الواجبات الهجومية، ولكن أيضا زيادة المعدلات البدنية لكي يكون أكثر قوة وقدرة على التمرير بشكل أسرع" البدري.

مشاركة :