إنها ميلان عاصمة لمبارد الباردة، فبرغم الزحف العمراني الهائل الذي تشهده المدينة وصيتها الذائع، إلا أنها لا تبدو كعاصمة حديثة، لكن مع قاطنيها ذوي الأصول والخلفيات المختلفة من الذين اتخذوها موطناً لهم يلحظ السياح أن كل مناخات إيطاليا الثقافية مجتمعة في مدينة واحدة هنا. تشتهر مدينة ميلان لكونها مركزاً تجارياً للأزياء والموضة والأعمال وكرة القدم، فهي أجمل مدينة بلا منازع، وأرقاها في البلاد قاطبة، فمبانيها العصرية ومحالها التجارية تجعل الأكتاف تصطك ببعضها بعضاً، خاصة في الشوارع الخلفية لوسط المدينة، بينما الأبراج الشاهقة في الأسواق المنظمة تدل على مجدها الاقتصادي. كما أنها أيضاً مقر لناديين من أندية كرة القدم الشهيرة: إنترناشونال وميلانو؛ حيث يتقاسمان ملعب سان سيرو التاريخي. ولكونها تعتبر مركزاً تجارياً مثيراً للإعجاب في عالم الموضة والتصميم الداخلي، فإن للمدينة صخب وطابع خاص؛ حيث يأتي إليها محبو الأزياء والموضة والتصميم من أركان الدنيا، وكذلك يأتي إليها عارضو الأزياء والمصورون مرتين كل عام، فالعديد من المصممين البارعين لا زالوا يعتمدون على الشركات المنتجة التي تحظى بالثقة لذلك تظل ميلان واحدة من أفضل الوجهات للتسوق في العالم. وعلى الرغم من الأجواء العصرية للمدينة، إلا أنها تتمتع أيضاً بتاريخ زاخر، إذ يمكن للسائح أن يشق طريقه وسط ضجيج هذه المدينة العالمية لرؤية العديد من معالمها المعمارية البارزة من كنائس وقصور وغيرها. إن الكثير من السياح يبدأون رحلتهم من عند كاتدرائية دومو المهيبة في وسط المدينة التي تعتبر من أكبر الكاتدرائيات في العالم، كما توجد أيضاً كنيسة سانتا ماريا التي تضم جدارية العشاء الأخير لليوناردو دافنتشي، إضافة إلى صور الناجين من الغارات الجوية للحرب العالمية الثانية. لا تكمن الجاذبية الفريدة لميلان في مركزها التاريخي فحسب، بل في منطقة نافيجلي التي تضم العديد من المطاعم الفخمة والساحات الشعبية الشهيرة، كما هو الحال بالنسبة لمنطقة بريرا، وساحة الجامعة المفعمة بالحياة. مع مشاريع تطويرية تشهدها المنطقة الصناعية القديمة، مثل منطقة اولد فيرا التي تضم شققاً سكنية وحدائق ومتحفاً للفنون الحديثة، فضلاً عن ناطحات السحب الحديثة ذات الأبعاد الثلاثية. إن هذا النوع من إعادة الابتكار هو ما يذكر المرء بأن ميلان هي المدينة الإيطالية الأكثر دينامية. تاريخ ميلان يعود تاريخ ميلان إلى عهد الاستيطان الكلتي في 400 قبل الميلاد، فقد احتلت من قبل الرومان في 222 قبل الميلاد وفيما بعد أصبحت عاصمة الإمبراطورية الرومانية الغربية ومع اضمحلال الإمبراطورية خلال القرون التالية، غزتها مجموعات مسلحة، من بينها الغوطيين الغربيين، والمغول، واللامبارديين. وقد ازدهرت في العصور الوسطى، كمركز تجاري، وقد حكمت أسرة فينكوتي من القرن الثالث عشر إلى الرابع عشر؛ حيث حققت المدينة مجداً وثروة خلالها، وكذلك شهدت المدينة بناء كاتدرائية دومو العظيمة في 1386 في ظل حكم ذات الأسرة. وبرغم تطورها كمدينة نهضوية مهمة منذ القرن الخامس عشر، إلا أنها خضعت للحكام الفرنسيين والأسبان إلى حين توحيد إيطاليا في 1871، وقد أعلن عن مملكة إيطاليا من قبل نابليون في منعطف القرن التاسع عشر. وسمت روما العاصمة بعد المرحلة الأخيرة من الوحدة، إلا أن ميلان أصبحت رائدة اقتصادياً وثقافياً بسرعة كبيرة، وقد تم تحويلها إلى منطقة صناعية أساسية مع مد خطوط سكة حديد تصل خارجها، وكذلك حققت البنوك الميلانية هيمنة مالية على مستوى البلاد. الأماكن السياحية: كاتدرائية دومو بدأ في عام 1386، فهي تعد من أكبر الكاتدرائيات الغوطية في العالم؛ حيث استغرق 500 عام ليكتمل بناؤها، وينصح بزيارتها في منتصف النهار؛ حيث يمكن للمرء مشاهدة جمال ألوانها المتغيرة من خلال تصاميمها الداخلية، يتسلق السائحون إلى سقف الكنيسة لمشاهدة غابة من المسلات وعدد 3600 تمثال، تفتح الكاتدرائية أبوابها من الساعة السابعة صباحاً إلى الخامسة إلا ثلث مساء. متحف المسرح في لاسكالا لا شك في أن عشاق الأوبرا سوف يعجبون بهذا المتحف، إنه مكتظ بتذكارات لاحتفالات أقيمت فيه، فقد تم تخصيص اثنين منها إلى حبيب ميلان جوزيبي فيردي؛ حيث ظل النشيد الذي كان يؤديه جوقة الرقيق خاصته النشيد الوطني غير الرسمي لإيطاليا، تشمل التذكارات عشرات من المجوهرات وعصى المشارات المكتوبة باليد التي قدمت له بعد استقباله البطولي لحبيبته، يفتح المتحف أبوابه الساعة التاسعة والنصف صباحاً حتى الخامسة والنصف مساء. متحف ليوناردو دافينشي تم تكريس متحف ليوناردو دافينشي القومي للتقانة والعلوم لتاريخ العلم، فأغلبية السياح يقومون بزيارة هذا المتحف لرؤية معرض ليوناردو الذي يعرض مجموعة من نماذج من أعمال ليوناردو دافينشي (الثابتة والمتحركة على حد سواء) من تصاميم لآلات الحرب والأدوات الغريبة المعمارية التي تعكس عبقريته ونفاذ بصيرته. أفضل أوقات الزيارة أفضل الأوقات لزيارة ميلان هما فصل الربيع والخريف؛ حيث يكون الطقس أجمل ما يكون، أما شهر أغسطس/آب فيصبح حاراً، فيما يكون الصيف رطباً مما يؤدى إلى توقف الأعمال التجارية وذهاب أصحابها إلى السواحل للراحة والاستجمام، وأما إذا كنت من محبي الموضة فإن شهري مارس/آذار وأكتوبر/تشرين الأول، هما أفضل الشهور للتواجد في المدينة؛ حيث تعرض الماركات الرئيسية مبيعاتها الجديدة، كما أن هناك أيضاً معارض عديدة على مدار العام تجذب العديد من السياح، وأخيراً عشاق كرة القدم؛ حيث ينصحون بالسفر إلى ميلان في شهر سبتمبر/أيلول؛ حيث ينطلق الموسم الكروي. هل تعلم؟ * أن جدارية ليوناردو دافنشي العشاء الأخير تأثرت بقصف جوى مباشر، لكنها بقيت سليمة بسبب قوة جدار كنيسة سانتا ماريا ديلي غراسي التي كانت مدعمة بأكياس الرمل. * أن موسيليني برغم كونه أشهر الفاشيين الذين عرفهم التاريخ، إلا أنه كان شخصية بارزة في الحزب الاشتراكي الإيطالي، ومحرر صحيفتها؛ حيث أطيح به لدعمه القوى للتدخل الإيطالي في الحرب العالمية الأولى. * أنه بالرغم من أن العمل في كنيسة دومو بدأ في عام 1386، إلا أن ترميمه استمر لمئات السنين مع إضافة تفاصيل ديكورية إلى واجهتها.
مشاركة :