عزيز أخنوش يخضع السياسة لمنطق الحساب بقلم: يوسف الحمادي

  • 2/18/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

وزير الفلاحة والصيد البحري في حكومة بن كيران المنتهية ولايتها والأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، يعمل في صمت دون ضجيج، فهو لا يكثر الكلام. العربيوسف الحمادي [نُشرفي2017/02/18، العدد: 10547، ص(12)] رجل أعمال تحدد شخصيته ميمات ثلاث "مغربي. ملكي. مالكي" الرباط - السياسة لا تحتاج إلى الخطابات وحدها، ولا إلى الوعود المطمئنة فحسب. السياسة أيضا حساب وهندسة، وهو النهج الذي اتبعه رجل المال والأعمال المغربي عزيز أخنوش، فهو الرجل الذي يتربع ببساطة وتواضع على عشرات المشاريع الاستثمارية في المغرب. لقد انتظر الرجل مدة يراجع مسارات الساسة في بلاده ليصنع لنفسه مسارا سياسيا متميزا أساسه إرادة عمل ميداني قوية أهلته ليكون اليوم زعيما سياسيا يواجه أعتى المحنكين السياسيين في البلاد. لم تكن اللحظة عادية في ذلك اليوم القائظ من أيام شهر أغسطس، حينما كان محمد الغرابي، والي جهة سوس ماسة درعة، عامل/محافظ، مدينة أغادير، جنوب المملكة المغربية، يوجه مدير ديوانه بتصفيف رؤساء إدارات الإقليم ومنتخبيه وأعيانه لاستقبال وزير السياحة والاقتصاد في حكومة عبدالرحمان اليوسفي الانتقالية، فتح الله ولعلو، الذي نزل بالمنطقة السياحية للمدينة المتاخمة لـ”بنسركاو” لتدشين فندق “قصر الورود” لمالكه رجل المال والأعمال السعودي الشيخ صالح كامل. وبينما مدير ديوان الوالي على حاله ذاك، يرتب صفوف المستقبلين لوزير الاقتصاد والمالية والخوصصة والسياحة، نزل من سيارة دفع رباعي سوداء رجل أنيق في عقده الرابع ونيف، ينحني بأدب لكلّ من لاقاه مصافحا في طريقه نحو صف المستقبلين. لقد كانت تعلو وجهه الأبيض ذا المسحة الأمازيغية ابتسامة أصيلة، زادتها سنّه المشطورة قليلا جمالية، فهو في مدينة أغادير، والدار البيضاء حيث يستقر ويعمل، يحافظ على صفتي البساطة والتواضع اللتين منهما اشتق اسمه العائلي الأمازيغي: أخنوش، أي البسيط المتواضع. لقد شد في ذلك اليوم بقوة على يد فتح الله ولعلو، الوزير في حكومة التناوب التوافقي التي أسس لها العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني رفقة الزعيم الاشتراكي العائد لتوّه من منفاه الاختياري بفرنسا، المحامي المعارض، عبدالرحمن اليوسفي. وسيعمل عزيز أخنوش في ذلك اللقاء ما بوسعه وتوجيه مساعديه لخدمة الوزير الاشتراكي، وتوفير ما يطلبه، بينما كنا معشر الصحافيين موزعين على موائد فندق شيراتون الفخم، فنرى كيف كان الوزير شغوفا بسيجار الهافانا الذي أحضر له خصيصا بالمناسبة، يمتص دخانه وينفثه في كل الاتجاهات. لقد “علمتني الأيام أن أحسب الكبيرة والصغيرة، وأن أوفّر ما استطعت للطوارئ”. جملة لها أكثر من دلالة التقطتها آلة تسجيلي من تصريح ظفرت به يومها من عزيز أخنوش بمدينة أغادير، فتصريحات أخنوش للصحافة ناذرة، فالرجل قليل الكلام كثير العمل والجلوس الطويل إلى مكتبه، فالعهد الجديد الذي أسّس له عاهل مغربي شاب، نهاية التسعينات من القرن الماضي، عهد ” إنساني يحب الفقراء ويهتم بالمحرومين والمعاقين ويرعى شؤونهم”. ولا يمكن لعزيز أخنوش أن يتراجع عن مشاركته الفعالة فيه، إنه رجل بميمات ثلاث “مغربي، ملكي، مالكي”، هكذا قدّمه لي في أغادير قيدوم السياسيين الأمازيغيين لحسن بيجدكن. عبدالإله بن كيران رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، موقفه أضحى معلقا، فهو لا يدري كيف سيبني صرح حكومة اقتصادية واجتماعية من دون أخنوش رجل المال والأعمال المغربي الذي أطّر السياسة بحسابات العقل. ولد عزيز أخنوش بمنطقة أكَرض أوضاض المتاخمة لمدينة تافراوت، ومعناها بالأمازيغية إصبع الإبهام، زارت “العرب” منطقته فرأت، بيت السياسي رجل المال والأعمال مشيداً مباشرة تحت حجارة عملاقة واقفة بشكل عمودي منذ آلاف السنين، وكأنها تحرس بيت أخنوش. عملاق الحجر هناك بمنطقة يانعة غنية بأشجار الأركان ونبتة الزعفران وأغاني أحواش الأمازيغية، التي اهتم أخنوش بها كثيرا وأسس للاحتفال بتراثها المحلي مهرجانا دوليا أطلق عليه اسم “تيميتار”، هناك بأكرض أوضاض رقص الخنجر والرباب وصدحت حنجرة شيخ الناظمين المطربين الحاج بلعيد مطالبا الاستعمار الفرنسي بمغادرة البلاد. لقد كان، وما يزال، أخنوش يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمنطقته تافراوت، وكل جهة ماسة درعة التي عاصمتها مدينة أغادير، قال لـ”العرب” في أول مؤتمر صحافي نظمه للتعريف بمشروعه الفني الثقافي مهرجان “تيميثار” الدولي، إنه لا يريد من خلال المهرجان سوى خدمة بلده الذي يعيش فيه، معبرا عن سعيه الدؤوب للمساهمة في تنميته بما أوتي من إمكانيات مادية ومعنوية. يعمل أخنوش، وزيرا للفلاحة والصيد البحري في حكومة بن كيران المنتهية ولايتها، والأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، في صمت دونما ضجيج، فهو لا يكثر الكلام مثل شباط زعيم حزب الاستقلال، فكلمات الزعيم الجديد لحزب الأحرار تزن ذهبا كما قال لي يوما البرلماني الأمازيغي السابق بودلال بوهدود، فأخنوش إدارة متعددة صامتة تعمل في هدوء، فهو عضو مكتب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وعضو مجلس إدارة البنك المغربي للتجارة الخارجية، وعضو مؤسسة “أكاديميا”، وعضو مجلس إدارة بنك المغرب، وسبق أن كان رئيسا لتجمع النفطيين المغاربة، بالإضافة إلى أنه عضو ضمن خلية التفكير التي أسسها الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1999، المعروفة بـ”مجموعة 14”. في مساء ذلك السبت الأخير من أكتوبر الماضي بمنتجع بوزنيقة المتاخم للعاصمة الرباط، ونظرا للنتائج الضعيفة التي حققها الحزب في الانتخابات التشريعية، سيسلم صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية والتعاون مفاتيح حزب التجمع الوطني للأحرار، الوسطي، الذي أسسه الوزير الأول الأسبق أحمد عصمان، إلى أخنوش بعد فوزه بـ1707 من الأصوات مقابل 98 صوتا، حصل عليها منافسه الوحيد المدعو رشيد الساسي. أخنوش الذي لا يحسن سياسة الكلام، ولكنه يحسب أهدافه بالأرقام، سيسطع نجمه بعدما غاصت عجلات حزب شعار “الجرار”، الأصالة والمعاصرة، في وحل الانتخابات الجماعية والبرلمانية بسبب استراتيجية حزب الوزير الأول عبدالإله بن كيران القوية بسياسة الكلام التي لم تترك الفرصة لإلياس العماري، زعيم الحزب، مداخل مريحة، رغم ما حققه من انتصارات، ليمر إلى رئاسة الحكومة رغم ما لديه من أطر عالية التكوين السياسي. لقد كان بن كيران المكلف من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس بتشكيل الحكومة ذكيا عندما أصدر بيانه المعروف بـ”انتهى الكلام”، وذلك بعد أن أدرك أنه لم يعد طرفا قويا في السياسة المغربية التي ستتفاعل مع الحكومات العالمية دفاعا وحفاظا على المصالح المغربية. أخنوش يفخر بأنه الوزير الوحيد الذي استقبل العاهل المغربي الملك محمد السادس وعقيلته الأميرة سلمى، في منزله في الدار البيضاء، لتناول الإفطار في أحد أيام شهر رمضان. تجلّى ذلك عندما أصدر الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بيانه المذكور الذي وصفه المراقبون بأنه لقي رد فعل قوي وسريع من مختلف المنابر الإعلامية المغربية، خصوصا منها الإلكترونية، التي ركزت في مجملها على ما وصفته بـ”كلمة السر” الموجهة لرئيس حزب التجمع الوطني للأحرار أخنوش الذي أكد الملاحظون أنه “أنهى كلام الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حتى أضحى معلقا لا يدري كيف سيبني صرح حكومة اقتصادية واجتماعية بدون أخنوش رجل المال والأعمال المغربي الذي أخضع السياسة لمنطق الحساب”. على قائمة فوربس اسم أخنوش سيفاجئ المغاربة بظهوره على لائحة الأثرياء التي تقدمها مجلة فوربس الأميركية، فقد احتل الوزير أخنوش، الرتبة الثالثة، في ترتيب أثرياء المغرب، والرتبة 20 في القارة الأفريقية، وقدرت فوربس، ثروة الوزير المغربي بحوالي 1.4 مليار دولار. يحظى أخنوش، في الاتحاد الأوروبي، بثقة بروكسل لأنه ساهم في التوصل لاتفاق تاريخي، لتجديد اتفاقية الصيد البحري، ما مكّن السفن الأوروبية من العودة، وعلى رأسها السفن الإسبانية للنشاط في المياه الإقليمية المغربية بعد توقف جراء تعثر المفاوضات الثنائية بين الرباط وبروكسل. وهو ما دفع بمجلس الوزراء الإسباني إلى منحه “وسام الصليب الأكبر للاستحقاق”، في اعتراف منه بمساهمة المسؤول الحكومي في إيقاف “بطالة” البحارة الإسبان كما كتبت الصحافة الورقية الإسبانية. حياة أخنوش الإنسانية ربطت اسمه باسم سلوى الإدريسي، زوجته، مالكة أكبر “مول” تجاري في المغرب، ويقع في كورنيش مدينة الدار البيضاء، وتملك الإدريسي مجموعة تجارية للألبسة والعلامات التجارية العالمية ولها فروع في كافة المدن المغربية. عزيز أخنوش يفخر بأنه الوزير الوحيد الذي استقبل العاهل المغربي الملك محمد السادس وعقيلته الأميرة سلمى، في منزله في الدار البيضاء، لتناول الإفطار في أحد أيام شهر رمضان.

مشاركة :