قضايا الأحوال الشخصية لازالت من أكثر القضايا الشائكة، نظرًا لما تحمله من أبعاد اجتماعية ونفسية تُلحق بالأسرة أضرارًا جمّة؛ مما جعل بعض القضاة في محكمة الأحوال الشخصية يعتبرها من القضايا التي يجب عدم حضور جلساتها إلا من قِبَل طرفي الدعوى فقط. ولا شك أن في هذا التصرّف مصلحة لأطراف النزاع، عندما يُحال الخلاف لقسم المصالحة والتحكيم، لئلا يُؤثِّر أي أمر على الزوجين المتخاصمين، فلعل يكون في ذلك خيرة وتُحل خلافاتهما. مع أن الأمر الذي قد يغفل عنه البعض هو أن العديد من المحامين والمحاميات يقومون بمحاولات للإصلاح بين الزوجين المتخاصمين وحل النزاع القائم بينهما وديًا قبل أن يصل لأروقة المحاكم، وقد سُجِّلت العديد من الحالات بهذا الصدد؛ فليس للمحامين والمحاميات مصلحة لهدم منزل الأسر العامر، مهما كانت تعصف به المشكلات! بل الأغلبية منهم تُؤيِّد الحلول الودية خاصةً بهذا النوع من الدعاوى، فيتم تفضيل لمّ شمل الأسرة من جديد بدلًا من تفكيكها. وعلى قدر بساطة وسهولة هذا النوع من الدعاوى، إلا أن بعضها تتأجَّل جلساتها لمراتٍ عدّة، مما يُعطِّل شؤون الزوجين المتخاصمين ويُبقيها مُعلّقة دون البت فيها لسنواتٍ طويلة حتى تُحسم الدعوى. ومع وجود هذه الإشكاليات التي قد تُعرقل سير الدعوى، يرفض بعض قضاة الأحوال الشخصية حضور المحامين والمحاميات للجلسات، على الرغم من وجود وكالة شرعية تمنحهم حق المرافعة والمدافعة عن موكّلهم! إلا أن معظم النساء أصبحن يُفضّلن التوجُّه لذوي الاختصاص من المحاميات والمحامين لأخذ المشورة قبل الإقدام على أي خطوة، سواء كانت على الصعيد الأسري أو المالي. فالسيدات في الوقت الراهن لديهن الوعي التام بحاجتهن الماسة لمعرفة حقوقهن الشرعية وتوعيتهن من الناحية القانونية، إلى جانب ثقتهن بأصحاب الاختصاص لمتابعة مجريات دعواهم بالشكل القانوني الصحيح. قد ينظر بعض قضاة محكمة الأحوال الشخصية للمحامي أو المحامية على أنه سبب في تفاقم النزاعات، وهذا ما جعل بعض المحامين والمحاميات يرفضون قبول الترافع في قضايا الأحوال الشخصية من الأساس! مع أن ذلك غير دقيق، فعلى النقيض تمامًا؛ نرى بعض القضايا التي يترافع بها طرفا النزاع أصالةً عن أنفسهم قد وصلت لدرجة كبيرة من التعقيد بسبب عدم قدرة أي منهم على إيصال مطالبته بالشكل السليم. بل وفي الكثير من الأحيان يتم الخروج عن موضوع الدعوى بتشعبات كثيرة وموضوعات لا ترتبط بها بأي شكل من الأشكال، بالإضافة إلى وجود بعض الإشكاليات الأخرى التي تُعرقل صدور حكم نهائي في الدعوى. أخيرًا، لابد من الاقتناع بأنّ المحامين والمحاميات معاونون للقضاة في أدائهم لرسالتهم يدًا بيد لإظهار الحق وإنصاف المظلوم، فأغلبية المحامين والمحاميات موضوعيون في الطرح والموضوع. لذا، أتمنى من معالي وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني وضع آلية تعامل واضحة بين طرفي العدالة (القضاء والمحامين والمحاميات) فيما يتعلق بقضايا الأحوال الشخصية.
مشاركة :