نقل السفارة الأمريكية إلى القدس يعتبر ضربة قاتلة للقرارات الدولية

  • 2/19/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

في حديث خاص لـ«الجزيرة» قال الشيخ تيسير التميمي، رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي بفلسطين أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس «سابقًا»، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تسعى من خلال تنفيذ مخطط 2020 إلى تحويلها لمدينة يهودية؛ فهي تعمل على تزوير الحقائق التاريخية والدينية والجغرافية والديموغرافية. وجاء في الحوار: * ما مدى جدية الولايات المتحدة الأمريكية لنقل سفارتها إلى القدس؟ وهل هذا النقل من الممكن أن يعطل عملية السلام؟ - نقل السفارة الأمريكية إذا ما تم إلى مدينة القدس المحتلة يُعتبر ضربة قاتلة للقرارات الشرعية والقوانين والاتفاقيات الدولية، وبالأخص القرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، سواء جمعيتها العمومية أو مجلس الأمن، وضربة لقرارات هيئاتها المتخصصة كقرارات منظمة اليونسكو، وفي مقدمتها ما صدر مؤخرًا بشأن القدس المحتلة، وهي سبب في انهيار حقيقي للشرعية الدولية، والقضاء على المرجعية الدولية للنزاعات في العالم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والنزاع القائم فيها بين المحتلين الغاصبين والشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال. وأيضًا ستؤدي هذه الخطوة غير القانونية إلى وأد ما يسمى بعملية السلام، وإضافة إلى ذلك فإنها محاولة من الإدارة الأمريكية لإشعال المنطقة بحروب دينية بأعمال عنف، لا يعلم نتائجها إلا الله. * ما رأيك بحصار غزة وهي الآن تدخل العام الـ11 على التوالي وما زالت تحت الحصار؟ وما الحل في ذلك؟ - حصار غزة مؤامرة، اشتركت فيها جهات دولية عدة، القصد منها التضييق على أبناء قطاع غزة، والسيطرة عليهم بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي منه. وتهدف هذه المؤامرة اللاإنسانية إلى استمرار الاحتلال الحقيقي لها، والهيمنة عليها على هذا النحو. والحل الحقيقي لهذا الحصار وما يعانيه أبناء شعبنا الفلسطيني فيه يكمن في نقاط، هي كالآتي: > إنهاء الانقسام بين فصائل العمل الوطني الفلسطيني، وبالأخص بين حركتي «فتح وحماس». الاتفاق على برنامج عمل وطني على أساس إنهاء الاحتلال في الضفة الغربية، ورفع الحصار عن قطاع غزة. التقدُّم للعالم بخطاب فلسطيني موحد على أساس اتفاقيات المصالحة التي تمت بين الحركتين في القاهرة والدوحة وغيرهما. * ما مدى ارتفاع وتيرة الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى؟ - تنفَّذ هذه الاقتحامات بدعم كامل من حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وبحماية من قواتها وأذرعها العسكرية العديدة، منها: (الشرطة وحرس الحدود والجيش).. وفي كل يوم تتزايد عن الأيام التي تسبقها من حيث عدد المشاركين ومرات الاقتحام في اليوم الواحد، وتشارك فيها شخصيات سياسية ودينية وحكومية وجماعات يهودية. وتسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلية من وراء هذه الاقتحامات إلى خلق واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك بتقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا بين المسلمين واليهود، ثم إلى الاستيلاء عليه بالكامل لإقامة الهيكل المزعوم في ساحاته، وهدم أجزاء منه لتحويله في النهاية إلى كنيس يهودي. ومما يؤكد ذلك: الحفريات التي لا تتوقف تحت أساساته، والقرارات الكثيرة ضده، التي كان أحدثها إنشاء المطاهر اليهودية في أجزائه الجنوبية. * ما رأيك بقرار إيقاف الاستيطان من مجلس الأمن؟.. وهل يُعتبر القرار نصرًا للقضية الفلسطينية؟ - إن قرار مجلس الأمن إدانة الاستيطان والمطالبة بوقفه هو كغيره من مئات القرارات التي صدرت عن هيئة الأمم المتحدة بإدانة ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصًا تلك التي صدرت بعد احتلال عام 67. ولن يكون لهذا القرار أية قيمة إلا إذا اتخذ مجلس الأمن الدولي خطوات عملية ضد إسرائيل لتنفيذ هذا القرار. وبغير ذلك هو يعتبر حبرًا على ورق، وشأنه مثل شأن سابقاته من القرارات الموضوعة على الرف بعد أن مضى على صدورها عقود عدة. وتؤكد تصريحات الإدارة الأمريكية الجديدة للتحلل من هذا القرار أن عدم استعمال إدارة أوباما الفيتو لنقض هذا القرار إنما كان بسبب المناكفات السياسية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ولغايات انتخابية فقط، وربما كانت صحوة الضمير في الوقت الضائع، لكنه يضاف إلى قرارات الشرعية الدولية التي تبيّن للعالم أجمع أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي خارجة عن القانون، ولا تمتثل لإرادة المجتمع الدولي، ولا تعير قرارات هيئة الأمم المتحدة أي اهتمام. * ما مصير القدس والوضع الديموغرافي في ظل سياسة التهجير الصامتة التي تتم، خاصة في البلدة القديمة في القدس؟ - تتعرّض مدينة القدس المحتلة لمذبحة حضارية حقيقية؛ فسلطات الاحتلال الإسرائيلية تسعى من خلال تنفيذ مخطط 2020 إلى تحويلها لمدينة يهودية؛ فهي تعمل على تزوير الحقائق التاريخية والدينية والجغرافية والديموغرافية من خلال: تهجير أهلها الفلسطينيين منها قسرًا، وإسكان أكثر من مليون يهودي فيها بحلول عام 2020 تمهيدًا لإلغاء هويتها العربية والإسلامية، وهدم مبانيها وعمائرها ومساجدها وكنائسها لتغيير هويتها العربية الإسلامية، وتغيير مشهدها. * من جهة أخرى، كيف ترى حل الأزمة السورية؟ - لا يمكن أن تحل الأزمة السورية إلا بانسحاب القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها من أراضيها، وبالأخص «حزب الله» اللبناني؛ لأن نظام ولاية الفقيه لديه مشروع طائفي مكشوف ومعروف للقاصي والداني، ليس في سوريا فقط بل في المنطقة بأكملها.. وتعتبر تصريحات شخصياته ومسؤوليه على مدى الفترات السابقة أكبر دليل على هذا المشروع.. والواقع هو المشاهد التي نراها في العراق واليمن وغيرهما من الدول المحيطة، وهذا أكبر تأكيد له؛ لذا لا بد من تضافر الجهود الدولية لرفع الغطاء عن نظام الملالي في إيران وجميع المليشيات التابعة له، وبغير ذلك لن تحل الأزمة المأساوية والكارثية في سوريا. * وهل باعتقادك أن إسرائيل لها مصلحة في هذا؟ وهل من الممكن أن تبرم إسرائيل اتفاقية سلام مع سوريا؟ - يقينًا، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلية لها مصلحة مؤكدة في استمرار الأزمة في سوريا، ولا يمكن أن تكون طرفًا في السلام، لا في سوريا ولا في غيرها؛ لأنها في الأصل تسعى إلى الهيمنة والاحتلال للدول المحيطة بها، وإضعافها بشتى الصور والأساليب والأدوات والتحالفات.. فمعلوم أن هدفها البعيد إقامة دولتها الكبرى من النيل إلى الفرات، التي تشمل سوريا من ضمنها. وأوقن أيضًا بأن أهداف هذا الكيان الغاصب في ذلك تلتقي مع أهداف النظام في إيران. * كيف ترى دور النظام الإيراني في القدس ودور المقاومة الإيرانية؟ - دور المقاومة الإيرانية أساسي في كشف حقائق نظام ولاية الفقيه الذي يقوم بإشعال الحروب الطائفية في المنطقة. وهناك محاولات للنظام الإيراني لعرقلة المصالحة بين فصائل العمل الوطني الفلسطيني، وتكريس الانقسام؛ لأنه يصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي. وفكرة إحياء يوم القدس العالمي الذي يطلقه هذا النظام سنويًّا في الجمعة الأخيرة من رمضان هي مجرد شعار، يخدع به الأمة كلها؛ فهذا النظام لم يتخذ أية خطوة عملية لإنجاز المصالحة بين فصائل العمل الوطني الفلسطيني، أو لتحرير مدينة القدس المحتلة، ولو أراد ذلك حقًّا فعليه قبل كل شيء تحقيق الوحدة بين جناحي الأمة الإسلامية: (السنة والشيعة)، وهذا ما تطالب به المقاومة الإيرانية، وتسعى لتحقيقه للقضاء على النزاعات والحروب الطائفية في المنطقة، وتطالب من أجله بإنشاء جبهة من دول هذه الأمة لمواجهة التحديات والمخاطر والمؤامرات التي تتعرض لها.

مشاركة :