عندما أقيل المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بيليغرينو من منصب المدير الفني لفالنسيا الإسباني، حتى عاد المدرب المخضرم بعد أكثر من أربع سنوات بقليل ليثأر لنفسه ويقود نادي ألافيس المتواضع إلى نهائي بطولة كأس ملك إسبانيا للمرة الأولى في تاريخه. وقال المدرب الأرجنتيني، عقب تأهله مع ألافيس إلى نهائي كأس ملك إسبانيا: «هذا (الفوز) بمثابة هدية تقديرًا للاحترافية». وفاز ألافيس في مدينة فيتوريا الإسبانية على سيلتا فيغو بهدف دون رد في إياب الدور قبل النهائي للبطولة الإسبانية، ليعبر إلى المباراة النهائية لملاقاة برشلونة، بقيادة النجم الأرجنتيني الكبير ليونيل ميسي. وابتسم الحظ أخيرا لبيليغرينو، بعد أن مر بكثير من التجارب المريرة في الماضي، وخصوصًا مع فالنسيا، الذي كان لاعبًا مميزًا بين صفوفه، قبل أن يمنحه هذا النادي فرصة للعمل كمدرب. بيد أن مغامرته التدريبية لم تكن موفقة بالشكل المطلوب، وتمت إقالته من منصبه بعد أشهر قليلة، ليرحل والدموع تملأ عينيه ويسيطر عليه إحساس كبير بالإخفاق والفشل. ولم يصادف التوفيق أيضًا بيليغرينو البالغ من العمر 45 عامًا في تجربته التدريبية الثانية مع نادي استوديانتيس الأرجنيتني، قبل أن يحقق نجاحًا معقولاً مع نادي أرجنتيني آخر (اندبيندينتي)، ولكن نجاحه الحقيقي كمدرب محترف لم يلبث إلا أن يتحقق الآن مع نادي ألافيس المتواضع. وكان بيليغرينو يحتاج إلى أن يثأر لنفسه، بعد تجربته المريرة في فالنسيا، ليثبت لنفسه أنه جدير بالعمل كمدير فني في الدوري الإسباني. واختار بيليغرينو الرهان الأصعب بتولي مسؤولية أحد الفرق الصاعدة حديثًا، والتي تهدف فقط إلى البقاء في دوري الأضواء، حتى لو تحقق هذا الأمر في الجولة الأخيرة، ولكنه ورغم قناعته هذه حقق ما هو أهم ووصل إلى أقصى ما يمكن أن يحلم به أي فريق من هذه الفئة. ويقدم ألافيس موسمًا استثنائيًا مع مجموعة من اللاعبين تبلغ قيمتهم السوقية 49 مليون يورو (52 مليون دولار)، حيث يحتل المركز الثاني عشر في الدوري الإسباني بعيدًا عن مناطق الهبوط، ليضمن نظريًا البقاء مع الكبار في الموسم القادم. وأرجع بيليغرينو الفضل في هذا الإنجاز للاعبين وقال بنبرة متواضعة: «اللاعبون هم أصحاب الفضل». إلا أن ألافيس، الذي يمكن تصنيفه على أنه نادي النجم الواحد، هو فريق يحمل بصمة مدربه في كثير من الوجوه الفنية مثل قدرته الدفاعية الضخمة والنظام والتناغم الكبيرين بين خطوطه، ودراسة الخصوم، وقبل كل هذا رغبته في المنافسة. ولم يحتَج النادي، الذي يقع مقره في إقليم الباسك الإسباني، إلى وقت طويل لكي يثبت أن عودته للتألق في الكرة الإسبانية، أمر لا مفر منه وأنه يسير نحو هذا الهدف بخطى ثابتة، حيث نجح في الجولة الأولى من الدوري الإسباني في التعادل 1 / 1 مع أتليتكو مدريد، على ملعب الأخير. وعاد ألافيس مرة أخرى أمام أتليتكو مدريد ليدلل على أنه يقدم كرة حديثة وتعادل معه في مباراة الدور الثاني دون أهداف في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، ولكنه أطلق صيحته التحذيرية الكبرى على ملعب الكامب نو، عندما فاز على برشلونة 2 / 1. إلا أن برشلونة حقق فوزًا ساحقًا بنتيجة 6/ صفر على ألافيس السبت الماضي. ويلتقي ألافيس مع برشلونة في نهائي كأس الملك، ورغم أن النادي الكتالوني يعد المرشح الأوفر حظًا للفوز، فإنه لا يغفل شراسة منافسه وحجم المتاعب، التي قد يتسبب له فيها. وتقام المباراة النهائية يوم 27 مايو (أيار) المقبل. ومثل كل عام لا يكشف اتحاد الكرة الإسباني عن مكان إقامة المباراة النهائية إلا بعد تحديد هوية طرفي المباراة، وهو القرار الذي يثير جدلاً واسعًا في إسبانيا. وكان برشلونة يرغب في خوض المباراة على ملعب سانتياغو برنابيو معقل ريال مدريد، الذي يعد أكبر استاد في إسبانيا بعد كامب نو. ومن جانبه كان ألافيس يتمنى أن يخوض المباراة على ملعب سان ماميس الجديد معلق أتلتيك بلباو، نظرًا لقربه من مدينة فيتوريا. ولعب بيليغرينو بين صفوف ألافيس في الفترة الأخيرة من حياته الكروية واختتم مسيرته بين جدرانه، وها هو الآن يحقق معه إنجازات في عالم التدريب، بعد أن منحه هذا النادي فرصة ليشعر بأنه مدرب له قيمته الكبيرة، ويحمل الجماهير على نسيان حقبته المخيبة للآمال مع فالنسيا.
مشاركة :