من بعد غياب طويل عن الإعلام, أطل النجم القدير محمد ثروت في هذا الحوار معاتباً: ما الفن القيَم الذي سنورثه لمن بعدنا.! بعدما ورثنا أرقى أنواع الفنون؟, ثروت الذي قضى مشواراً فنياً طويلاً, ارتبط اسمه بكبار الشعراء والملحنين ممن لم تتح الفرصة لغيره من النجوم أن يتعاونوا معهم جميعاً. حيث يُعتبر أحد أهم الأسماء الفنية اليوم على الساحة واعتقها رغم كل الغياب, فإطلالاته المسرحية الغنائية قليلة, لكنها قيمة, بين أهم المسارح ومع أهم الأوركسترا وأمام وجهاء المجتمعات العربية. قال: إن علاقته مع الإعلام السعودي, بدأت عبر ألحان الفنانين مطلق الذيابي وسامي إحسان, حيث كان للإذاعة السعودية الحكومية السبق في عرض تلك الأغاني بالماضي ليصبح محمد ثروت من أوائل النجوم العرب الذين دخلوا الخليج من أوسع أبوابه, ولتتحول علاقته بالجمهور الخليجي إلى علاقة احترام وتقدير. بينما قال: لست غائباً, عن الإعلام, لكنني احترم جمهوري وأقدم لهم ما يتناسب مع قيمهم عندي, وطوال عام 2016 قدمت لهم أهم الحفلات بين المولد النبوي الشريف والمغرب العربي ودار الأوبرا, وبالتأكيد أحب التواجد ولكن بالأماكن التي تتناسب مع الفن الذي أقدمه, والتي يمكن من خلالها أن أقدم رسالتي كما هي.!, فطوال عشرات السنوات غنيت للأطفال والوطن والحب وكل شيء وتعاونت مع كبار الملحنين والشعراء وما زلت أنظر لرسالتي كما كنت أنظر لها في السابق ولن أتواجد لمجرد التواجد, لافتاً إلى أن الإعلام اليوم أصبح منتشراً بشكل يفوق المفترض, لذلك فهو ينتقي الأماكن التي سيطل عبرها بعناية مع هذا الزخم فالتأثير ليس كالسابق, حيث أصبح النجوم يعتمدون على الغرابة في الظهور بسبب كثرة الوسائل الإعلامية ورغبتهم في لفت الأنظار وإثارة الجدل, وهذا ما أصبح يستغل الإعلام من أجله. منتقداً زملاءه من النجوم ممن يظهرون عبر البرامج لانتقاد غيرهم, قائلاً: لا أحب قول رأيي في غيري لأن النجم يجب أن يظهر في الإعلام للتحدث عن فنه وأعماله فقط وليس للتحدث عن غيره, متسائلاً: ما علاقة الإعلام بالحياة والمواقف الشخصية؟ وهل انتهى كل الكلام الخاص بالثقافة والفن ولم يبق غير أحاديث الطلاق والزواج؟. أما عن صوته الذي لم يفقد بريقه رغم تقدمه في العمر فقال: أنا لا أسهر كثيراً, رغم أن المأخوذ عن الفنانين السهر والغناء حتى الفجر, لكنني رفضت ذلك منذ البداية ولم أرض أن أعيش حياتي بهذا الشكل, ولطالما كنت حريصاً على الأصول التي تربيت عليها وهذا هو الذي ما زال يجعلني في نظركم جميعاً كما أنا. أما عن المشاكل الانتاجية التي يواجهها جميع النجوم الكبار والصغار حالياً فيرى محمد ثروت أن السبب فيها الإنترنت وعدم وجود حقوق ملكية فكرية تفرض على الجمهور شراء الأغاني بما يحفظ للنجوم والشعراء والملحنين وكل الموسيقيين حقهم الذي صرفوه على أغنياتهم, التي تصبح مجاناً بمجرد صدور الألبوم أو الأغنية. كاشفاً أن الدخل الوحيد للأغاني أصبح رنة التلفون, حيث قال: لعدم وجود حقوق ملكية فكرية تحفظ حق الشركات والفنانين فالمقياس الوحيد لنجاح الأغنية اليوم هي رنة التلفون التي تطرحها شركات الاتصال للأغنية وعلى قدر الطلب نستطيع معرفة إن كانت الأغنية نجحت أم لا. مؤكداً أنه لم يعد هناك محافظة على المجهود الذي يبذله النجوم على الأغاني قبل إطلاقها, خاصةً وأن الحفلات لم تعد مربحة كالسابق لأنها انحصرت في مضمار معين تبعاً لرغبة الجمهور الذي يبحث عن الأغنية الشعبية الراقصة, لافتاً إلى أن من يريد تقديم فنه الذي اعتاد عليه فلن يجد من يتحمس له. وعن أسباب حالة الهبوط الفني التي تسود العالم العربي فقال: هناك حالة استهدفت العالم العربي لطمس هويته الثقافية باسم التغريب والعولمة والتقدم والتحرر وحرية الإبداع وغيرها, برغم أن من يكوَّن حرية الإبداع هي السنين, فالمنطقة العربية مصرة على تغريب أدواتها التي جعلتها مميزة ولذلك أصبحت موسيقانا بلا هوية, بخلاف الموسيقى الأجنبية كالهندية والصينية التي نعرفها بمجرد سماعها, وهذا لا يعني أنني ضد أي لون من ألوان الفنون ولكنني ضد أن لا تصبح هناك مساحات للفن العربي. مؤكداً أن من عليه المحافظة على هوية الفن العربي هي المحطات والإذاعات القومية في كل الوطن العربي, حيث تابع قائلاً: دورهم هو المحافظة على شخصية وهوية المجتمع, لأن الغرب ما زال محافظاً على آلاته وموسيقاه. كما استذكر محمد ثروت زيارته للتلفزيون السعودي في جدة قبل 25 عاماً, حيث غنى للأطفال أهم الأغنيات التي اكتسحت كل الوطن العربي وبينهم أناشيد تُدرس في المدارس اليوم كأنشودة بسم الله بسم الله أحلى كلام اتعلمناه, ساخراً من فن اليوم الذي حول الطفل إلى كبير, وتابع قائلاً: أصبح الطفل يقول كلمات مثل اه لو لعبت يا زهر وغيرها, ولم يعد هناك اهتمام بالطفل وما يقدم له من فن خاص به, برغم أن عالم الطفل في الخارج له الأولوية, ولكننا هنا أرغمنا أطفالنا على سماع أغاني الكبار حتى تلك التي يخاف منها الكبير على نفسه. مؤكداً أن تحسين الذائقة الفنية بالوطن العربي مسؤولية الجميع, حيث قال: لم أفقد الأمل بصناع الموسيقى, هم فقط بحاجة لمن يدعم فنونهم التي تروق للبعض وليس للكل, وهذه وظيفة من يريد الحفاظ على التراث والفن القيم وعلى الجمهور المطالبة بهذه الأغاني وهذا الفن, وليس فقط أن نتساءل أين الفن القيم لأننا نحن من يسمع الأغاني الغير قيمة! وإذا أيدنا جميعنا الفن القيم سنجد من ينتجه. وختم محمد ثروت حديثه عن أجمل ذكرياته الفنية, فقال: أجمل ذكرياتي تعاملاتي مع كل ملحني مصر ومعظم ملحني العالم العربي على راسهم عبد الوهاب, الموجي, كمال الطويل, الأبنودي, عبدالوهاب محمد, مرسي عزيز, مأمون الشناوي, حسين السيد, مطلق الذيابي, طلال مداح, سراج عمر, سامي احسان, وعمر كدرس, كما غنيت أمام قيادات الوطن العربي لأنني أعي جيداً أنه على الفنان استيعاب رسالته السامية التي يعبر فيها عن مكنونه الداخلي, وأنني يجب أن أُفيد من بعدي مثلما استفدت ممن قبلي حتى وان كان للحياة مطالب خاصة, فمثلما كان لنا إرث فني يجب أن نورث من بعدنا فن قيم. وعن جديده كشف أنه يحضر لمجموعة أغاني يتعاون فيها مع ملحنين شباب وأسماء جميلة مؤكداً أنه ليس متحفظاً على لون او شكل معين بل سيغني ما يناسبه حتى وإن لم يكن من اللغة اللحنية القديمة والدليل تعاونه مع العديد من الأسماء الشابة المتميزة. مطلق مخلد الذيابي «سمير الوادي»
مشاركة :