فيما وصفه مراقبون بأنه تغير في استراتيجية تنظيم «أنصار بيت المقدس» من الهيمنة على الأرض في شبة جزيرة سيناء لفتح خط مواجهة مُباشرة مع السلطات المصرية في مناطق أخرى . كشف تسجيل مصور جديد للتنظيم حمل اسم «مصر» تخلي التنظيم عن مسمى «ولاية سيناء» الذي دأب على استخدامه في إصدارته الخاصة بمصر، مما يوضح أن التنظيم يفكر في الخروج من عباءة سيناء. وقال الخبير الأمني اللواء طلعت مسلم، إن «التنظيم يدشن مرحلة جديدة في الصراع مع السلطات المصرية، ونقل نشاطه في خارج سيناء مؤكدا أنه جاء بعدما فشل في تحقيق أهدافه في سيناء، كنوع من البحث عن بدائل حتى لا يتم ترديد أن الإرهاب فشل في مهامه بمصر». وأكدت دار الإفتاء المصرية أن استخدام مسمى «مصر» من قبل التنظيم يوحي بأن عمليات التنظيم قد تخطت سيناء بحدودها الجغرافية لتشمل كامل مساحات البلاد، خاصة بعد عملية الكنيسة البطرسية في قلب العاصمة القاهرة، والتي مثلت تحولاً كبيرًا في مسارات العمل الإرهابي لـ«داعش مصر». ويعد تنظيم «أنصار بيت المقدس» واحدًا من أقوى التنظيمات الإرهابية التي ظهرت في شبه جزيرة سيناء، وبايعت أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي - المزعوم - في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014. في البداية كان يُطلق عليه «أنصار بيت المقدس»، ثم غير اسمه رسميا إلى «ولاية سيناء» عقب مبايعة «داعش». ونشر تنظيم «داعش سيناء» تسجيلاً مصورًا يهدد فيه المسيحيين بمصر، ويعرض ما قال إنها الرسالة الأخيرة للانتحاري المسؤول عن تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة في ديسمبر (كانون الأول) والذي راح ضحيته العشرات. وظهر في التسجيل المصور أمس، رجل ملثم قيل إنه أبو عبد الله المصري وهو يشجع المسلحين في أنحاء العالم لتحرير الإسلاميين المعتقلين في مصر. وفيما يتعلق بمضمون الإصدار الجديد للتنظيم، أكدت دار الإفتاء، أن هذا المقطع المصور يعمل على توظيف التصريحات المجتزئة والمقتطعة من سياقها للتدليل على عداء المسيحيين للمسلمين وسخريتهم من مقدسات المسلمين وشعائرهم الدينية، وفي المقابل يقوم بالزج ببعض الآيات والأحاديث النبوية الخاصة بسياقات معينة والمرتبطة بأحداث بعينها ليفسرها باعتبارها تحث على قتل غير المسلمين والتنكيل بهم واعتبارهم بمثابة الأعداء الواجب محاربتهم. مضيفة: ليصل في نهاية الأمر إلى إثارة الخوف لدى كل طرف من الآخر ودفع كل معسكر إلى اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لحماية معسكره من المعسكر الآخر، وصولا إلى الوقيعة الكاملة بين طرفي هذا الوطن، ليسهل بذلك دخول التنظيم إلى مصر وإيجاد مواقع سيطرة له في الداخل على غرار ما حدث في سوريا والعراق. وقال أحد جنود «داعش مصر» في التسجيل المصور ومدته 20 دقيقة: «يا أيها الصليبيون في مصر فإن هذه العملية التي ضربتكم في معبدكم لهي الأولى فقط، وبعدها عمليات إن شاء الله... وإنكم لهدفنا الأول وصيدنا المفضل». ويهاجم الفيديو جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور. وينتهي الفيديو بلقطات لتفجير الكنيسة البطرسية وصراخ المصابين. وأعلنت السلطات المصرية، أن منفذ التفجير هو محمود شفيق مصطفى، 22 عاما، والذي كان يعرف بالاسم الحركي «أبو دجانة الكناني»، وتبنى تنظيم داعش الهجوم بعد وقوعه بأيام، وقال إن المنفذ هو عبد الله المصري. من جانبه، قال الخبير الأمني مسلم إن «الشريط المصور هو محاولة من التنظيم للتلويح باستهداف مناطق مؤثرة لتحقيق ضربات ذات (شو إعلامي) عالمي، خاصة في القاهرة مثل حادثة تفجير الكنيسة البطرسية». ولفت دار الإفتاء في تقريرها إلى ضرورة التنبه إلى المسعى الخبيث لـ«داعش» في تصوير الدولة المصرية باعتبارها مساندة للمسيحيين ومناصرة لهم في صراعهم المتصور مع المسلمين، وأنها في الوقت الذي تحمي فيه الكنائس ودور العبادة وتمنع الاعتداء على المواطنين المسيحيين، تقوم بهدم المساجد وحرق المصاحف وقتل المسلمين والتنكيل بنسائهم وأطفالهم، وذلك حسب المشاهد المجتزئة والخبيثة التي ينشرها التنظيم في المقطع المصور، وهو بذلك يسعى ليثير عداء يضاف إلى مسعى العداء المسيحي الإسلامي، وهو عداء المسلمين للدولة المصرية ممثلة في المؤسسات القائمة والحامية من شرطة وجيش وقضاء. ودعا مرصد الإفتاء المصريين إلى التمسك بالوحدة الوطنية وعدم السماح للدعاية الخبيثة والهدامة من الدخول إلى هذا الوطن، والتأكد من أن التنظيمات الإرهابية ما كان لها أن تجد لنفسها موضع قدم في سوريا والعراق لولا أنها نجحت في إثارة الصراعات الطائفية والأهلية في تلك البلدان.
مشاركة :