مصر تطلق أول صندوق لإنقاذ المصانع والشركات المتعثرة تسارعت خطوات الحكومة المصرية لمعالجة المشاكل المزمنة للشركات والمصانع المتعثرة، من خلال تدشين أول صندوق استثمار مباشر يهدف إلى إعادة هيكلة تلك الشركات وتوفير سيولة نقدية لتمكينها من العودة للإنتاج مجددا، في أعقاب إحجام البنوك عن تمويلها. العربمحمد حماد [نُشرفي2017/02/21، العدد: 10550، ص(10)] حبل إنقاذ قصير أعلنت الحكومة المصرية أنها ستطلق أول صندوق استثمار مباشر لإنقاذ المصانع المتعثرة بالتعاون مع القطاع الخاص في مارس المقبل، عقب فشل محاولات تدشين صندوق استثمار سيادي تابع للحكومة لإعادة هيكلة الشركات الخاسرة. ومن المقرر أن يدير الصندوق، شركة يونيون كابيتال المتخصصة في إدارة الاستثمارات المباشرة بالتعاون مع مكتب هاني سري الدين رئيس هيئة سوق المال السابق. وسيبدأ الصندوق الذي يقدر رأسماله بنحو 10 ملايين دولار، في مرحله أولى بهيكلة الشركات المتعثرة التابعة للقطاع الخاص، ثم يمتد نطاق عمله ليعمل مع الشركات الخاسرة التابعة لقطاع الأعمال العام. وقال هاني توفيق رئيس يونيون كابيتال لـ“العرب” إنه سيتم اختيار 15 شركة متعثرة من القطاع الخاص في المرحلة الأولى، وسيتم ضخ استثمارات فيها بعد إعادة هيكلتها إداريا. وأوضح أن هناك عددا كبيرا من الشركات المتعثرة جراء سوء الإدارة إلى جانب عدم وجود سيولة مالية كافية لديها لزيادة معدلات الإنتاج، والذي تزامن مع إحجام البنوك عن تمويلها، ما أدى إلى تعثرها وتوقفها عن الإنتاج. وتتضمن معايير واشتراطات الصندوق الجديد لإنقاذ الشركات الخاسرة أن يكون تعثرها نتيجة عمليات هيكلة مالية خاطئة، وليست فنية أو تسويقية، والمصنع كثيف العمالة، وأن يعتمد على الخامات المحلية بشكل رئيسي وليس المستوردة. ويصل عدد الشركات المتعثرة في البلاد إلى نحو 4 آلاف شركة وفق تقديرات اتحاد الصناعات المصرية، فيما أكد مركز تحديث الصناعة أن نحو 1600 شركة منها تحتاج إلى عمليات هيكلة مالية. ويشارك الصندوق الجديد في مجلس إدارة الشركات ويتحكم بشكل رئيسي في التدفقات النقدية لها لضمان أصوله والحفاظ على انتظام تلك التدفقات، وكذلك سلامة المراكز المالية للشركات وحمايتها من الدخول في دائرة التعثر مرة أخرى. وكانت جهود منير فخري عبدالنور وزير الصناعة السابق في تأسيس صندوق لإنقاذ الشركات الحكومية من الخسائر، قد فشلت نتيجة خلل هياكلها المالية وتراكم الديون التي طالت أصولها. ويعتمد الصندوق على استخدام أساليب “الرفعة المالية” والتي من شأنها مضاعفة استثماراته المبدئية خمسين مرة لتصل إلى 500 مليون دولار. هاني توفيق: إحجام البنوك عن تمويل الشركات أدى إلى تعثرها وتوقفها عن الإنتاج وتعاني شركات قطاع الأعمال العام من خسائر قياسية منذ عقود، حيث كشفت وزارة المالية عن أن إجمالي المطلوبات من قطاع الأعمال العام للبنوك وصلت إلى نحو 6 مليارات دولار. وقال أسامة صالح رئيس شركة أيادي إحدى أبرز الجهات التي تمول الصندوق إن “شركات قطاع الأعمال العام تعاني من خلل كبير في منظومة الإدارة، وهو ما أدى إلى تفاقم خسائرها، لعدم استغلال مواردها بطريقة اقتصادية”. ويشير التقرير السنوي لوزارة قطاع الأعمال العام إلى أن عدد العاملين في شركاتها يصل إلى نحو 304 آلاف عامل، كما بلغ عدد الشركات الحكومية التي تم بيعها لمستثمرين رئيسيين وفق برنامج خصخصة الشركات إلى نحو 282 شركة بعد أن عادت 8 شركات مرة أخرى إلى ملكية الدولة وفق أحكام قضائية قضت ببطلان عمليات البيع. وتراجع عدد الشركات القابضة لقطاع الأعمال العام إلى نحو تسعة شركات تضم 146 شركة تابعة، وكان هذا العدد بنحو 27 شركة قابضة تضم 314 شركة تابعة في عام 1993. وأكد صالح لـ“العرب” أن إسناد إدارة هذه الشركات إلى صناديق استثمار مباشر لإدارة أصولها بطريقة اقتصادية هو الحل العملي لتعزز موقفها المالي والإنتاجي، ووقف نزيف الخسائر الذي يطاردها. وأدى عدم استغلال أصول الشركات إلى ضعف موقفها التنافسي في السوق، على الرغم من أنها تمتلك أصولا تقدر بنحو 11 مليار دولار، ممثلة في رصيدها من الأراضي غير المستغلة. وأوضح أن الصندوق الجديدة سيعمل على تطبيق مبادئ وقواعد الحوكمة بما يضمن شفافية كافة المعاملات والقضاء على الفسـاد، من خـلال الفصل بـين الملكيـة والإدارة. وقامت سفارة الصين في القاهرة مؤخراً بالتعاون مع جمعية رجال الأعمال المصريين ومكتب التمثيل التجاري المصري في بكين، بمبادرة لضخ استثمارات جديدة بشركات الغزل والنسيج واستغلال الإمكانيات المتاحة في هذه الشركات، لكن المبادرة لم تلق الترحيب الكافي. وتصل ديون شركات الغزل والنسيج لبنك الاستثمار القومي والبنوك التجارية نحو 564 مليون دولار. ومن المنتظر أن تشهد صناديق الاستثمار المباشر نشاطا كبيرا خلال الفترة المقبلة، لأن النسبة الغالبة من المصانع المتعثرة تتصدر القوائم السلبية في البنوك، وبالتالي ليس أمامها بديلاً للحصول على التمويل إلا من خلال هذه الصناديق وقبول شروطها حتى لو كانت قاسية. ويشارك صندوق تحيا مصر الذي دعا إلى تأسيسه الرئيس عبدالفتاح السيسي، في عام 2014 ليكون وعاء لتبرعات رجال الأعمال والمواطنين بنحو 50 بالمئة من رأسمال الصندوق الجديد إلى جانب وزارتي الصناعة والتخطيط وبنك الاستثمار القومي.
مشاركة :