د. داوود حسن كاظم* السلوك البشري عموماً، نوعان، سلبي وإيجابي، ويظهر ذلك في التصرفات البشرية وفي مختلف الميادين والأوساط، وبين أفراد الشعوب، التي تتشارك مع الكائنات الحية في هذا الكوكب، والذي يهمنا هنا هو السلوك الإيجابي، فماذا يعني لنا هذا السلوك؟ وكيف يعمل به؟. السلوك الإيجابي، يقصد به التفاعل مع الأشياء والمواقف والعادات والتقاليد والقانون والأنظمة واللوائح، بالتزام تام، على مستوى الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات. أما كيف يعمل به؟ فهناك طرق عدة لذلك، منها: الوعي بأهمية الالتزام بكل ما سلف ذكره، وتدخل التربية الأسرية والمدارس والأصدقاء، والتوعية، التي تسهم بها أجهزة الإعلام. ومنها ما يتم إلزام الأفراد بالتعامل الإيجابي، الذي يلعب دوراً في تطبيقه، أجهزة الرقابة وإنفاذ القانون، من قبل السلطات والهيئات المختصة. بعد هذه المقدمة، لا بد من التطرق إلى شواهد حية عن السلوك الإيجابي، تجاه البيئة، من الحياة اليومية.. فقد التزمت منذ سنين عدة، بأن أقوم بفرز النفايات القابلة لإعادة التدوير، عن تلك العضوية والأخرى، وأجمعها وأتولى إيصالها إلى الحاويات المخصصة لكل نوع من أنواعها، مثل: الورقية والبلاستيكية والمعدنية والزجاجية، وعند إيصالها إلى الحاويات التي تتواجد في بعض مراكز التسوق أو المجمعات، مثل: الدراغون مارت، والعربي، وقرية المعرفة، وقرب حديقة الصفا، وبعض محطات البترول، إذ يأتي أفراد من جنسيات عدة، لرمي نفاياتهم، وفي أغلبهم من جنسيات أوروبية، حيث اعتادوا على ذلك، ولا يحبذون أن يمارسوا عكس ما سلكوا عليه في بلدانهم، وأحياناً تكون المعاناة كبيرة نوعاً ما، بسبب بعد هذه المواقع التي تدار من قبل الشركات المتخصصة، عن أماكن سكن المتطوعين، في نقل نفاياتهم المفروزة، والتي جمعت خلال مدة من الزمن، قد تصل إلى أسبوع، كما يحدث معي. ومن شواهد السلوك الإيجابي الأخرى في هذا الجانب، حرص الكثيرين على رمي نفاياتهم في الحاويات المخصصة لها، أو في أكياس بلاستيكية، يضعونها في مركباتهم، وعند امتلائها يرمون الكيس في الحاويات، بدلاً من رميها على الأرض بطريقة عشوائية. ومن المبادرات السلوكية الإيجابية، حمل البعض لأكياس تسوق عند شرائهم احتياجاتهم من المحال، أو من مراكز البيع، عوضاً عن وضع مشترياتهم في الأكياس البلاستيكية، التي تسبب الضرر، وأرى أن من يسلك هذا السلوك، أو يحرص عليه، قلة جداً. أما بخصوص النفايات الخطرة، التي من بينها أجهزة الهاتف والبطاريات، فهناك البعض يتعامل مع الحاويات المخصصة لكل منهما، بالرغم من محدودية أماكن تواجدها. وهناك أشخاص عندما يذهبون إلى أماكن الترفيه والراحة، سواء كانت حدائق أو شواطئ، يكونون حريصين على نظافة المكان، مقتدين بشعار كشافة الإمارات: اترك المكان أنظف مما كان، فيجمعون كل ما تولد من نفايات، ويرمونها في الحاويات المخصصة، أو يأخذونها إلى أقرب حاوية، ويتخلصون منها بشكل سليم وحضاري. ومن السلوكيات الإيجابية أيضاً، أن البعض لا يرمي بعض النفايات، بل يعيد استخدامها أو التبرع بها، عبر إيصالها، إما إلى الحاويات المخصصة لها من قبل الجمعيات الخيرية، أو عبر مراكز هذه الجمعيات، بالاتصال بها، كي ترسل مركباتها لاستلام تلك النفايات، مثل الأثاث، والأجهزة الكهربائية، والإلكترونيات، وبعض لعب الأطفال، والملابس، والحقائب، والأحذية، وما شابه. وهناك أشخاص لديهم سلوك إيجابي تجاه موارد البيئة، من خلال ترشيد استهلاك المياه والطاقة، بأن يكون استهلاكهم منها أقل ما يمكن، من المياه، أو إطفاء الأنوار والأجهزة، عند انتفاء الحاجة منها، تخفيضاً لاستهلاك الطاقة، وقد لا يكون هذا السلوك بائناً للعيان أمام الآخرين، إلا أننا نلمسه من خلال التصرف الفردي عند اللقاء بأمثال هؤلاء، سواء كانوا زملاء عمل، أو عند زيارتنا لهم، في مواقع تواجدهم العامة. وهناك أشخاص يحاولون أن يحافظوا على المساحات الخضراء، بعدم إتلاف المزروعات الموجودة فيها، أو من خلال المساهمة في زيادة المساحات بزراعة الأشجار، سواء كانت تجميلية، أو مثمرة، أو مسطحات خضراء في حدائقهم الخاصة، مع الالتزام بأن يكون سقي المزروعات باستخدام وسائل الري الحديثة، ضمن حدود وأوقات الري المناسبة، مع مراقبة أي تلف، أو تسريب لوسائل الري المستخدمة، حفاظاً على المياه من أي هدر. وهناك سلوك يحمي البيئة ومرافقها الحيوية، مثل صيانة المركبات بشكل دوري، ما يساعد على أن يكون العادم الذي تنفثه المركبة أقل ضرراً على الهواء والغلاف الجوي، أو من خلال استخدام البعض وسائط النقل الجماعي ما أمكن ذلك، ما يسهم في خفض عدد المركبات التي تسير على الطرقات، ما يقلل كمية أكاسيد الكربون، التي تسبب التغير المناخي والاحتباس الحراري. إن هذه السلوكيات، لا بد من الإشارة إليها، والاستشهاد بها، كونها أمثلة حية، تدعم كل حملات التوعية بين الجميع، سواء أكانوا صغاراً أو كباراً. *مدير عام معهد رواق عوشة التعليمي daoudkadhim@rewaqousha.net
مشاركة :