سجل مجلس الأمة 2013 السابق إنجازاً تاريخياً بتعديل أحكام قانون المحكمة الدستورية، الذي يقضي بحق الشخص الطبيعي أو الاعتباري في الطعن بدعوى أصلية أمام المحكمة الدستورية، ما يعني فتح المجال أمام المواطنين للطعن على القوانين المعمول بها حالياً، التي يرون أنها مخالفة لمواد وأحكام الدستور، وبهذا ستحفظ حقوق الأقليات في المجتمع، إلى جانب منح الشعب مصدر السلطات الرقابة اللاحقة على التشريعات التي يصدرها مجلس الأمة. إن الوقت بات مناسباً اليوم لإعادة فتح باب التعديلات على قانون المحكمة الدستورية مجدداً، لا سيما على المادة الأولى؛ إذ اقترح تعديله، بحيث لا يجوز للمحكمة تفسير النصوص الدستورية إلا في المنازعات أو في الفصل بالطعون المنظورة أمامها المتعلقة بدستورية القوانين أو المراسيم بقوانين أو اللوائح أو الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم، كما لا يجوز الزيادة أو الخروج عن حدود تفسير النص الدستوري. ووفقاً لهذا التعديل، فإنه لا يجوز أن تجتهد «الدستورية» في تفسير نص قانوني أو دستوري قائم من دون أن يكون محل نزاع، كما أنه سيوقف الاجتهاد القضائي في التزيد بتفسير النصوص وسيغلق الباب أمام إصدار أحكام مثل الأحكام التي صدرت في عام 2008، التي أضافت شرطاً جديداً للترشّح لعضوية مجلس الأمة لم يرد في أي مادة من مواد قانون الانتخاب، وهو شرط «حسن السمعة». أما التعديل الثاني الذي اقترحه لتعديل قانون المحكمة الدستورية فإني أجد من الضروري إعادة النظر في تشكيل المحكمة، بحيث تشكل المحكمة من سبعة أعضاء، يتم ترشيح خمسة من قبل المجلس الأعلى للقضاء، من بينهم رئيس المحكمة ونائبه، بينما يقتصر تمثيل السلطتين التشريعية والتنفيذية على المقعدين المتبقيين لمدة فصل تشريعي واحد أو أربع سنوات غير قابلة للتجديد، كما لا يجوز الجمع بين عضوية مجلسي الأمة والوزراء وعضوية المحكمة. الهدف من هذا التعديل هو إيصال وتوضيح رأي السلطتين في الاعتبارات التي تحيط بوضع القوانين ووجهات النظر في تطبيقها والتي لا تقتصر دائماً على الناحية القانونية وحدها، وإنما تدخل عوامل سياسية وراء إقرارها، كما لا يمكن إغفال مدى تأثير هذه العوامل وأهمية الأخذ بالآراء السياسية، وهو الأمر الذي لا تملكه السلطة القضائية؛ لكونها لا تتدخّل في الشأن السياسي، لمكانتها الرفيعة ولكونها حكماً بين السلطتين. إن المادة 173 من الدستور عهدت المحكمة الدستورية إلى هيئة قضائية ولم تلحقها بالسلطة القضائية، كما تركت المذكرة التفسيرية للدستور مسألة إشراك مجلس الأمة والحكومة في تشكيلها إلى جانب رجال القضاء في الدولة لقانون إنشاء المحكمة، ووفقاً للتعديل المقترح فإن السلطة القضائية تمتلك الأغلبية في إصدار الأحكام الصادرة عن المحكمة ولن يؤثر وجود تمثيل السلطتين التشريعية والتنفيذية فيها. طارق عبدالله العيدان t.aleidan@gmail.com taleidan@
مشاركة :