حضور ناعم قوي للمنافسة على لقب "أمير الشعراء"

  • 2/22/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أبوظبي – انطلق الثلاثاء برنامج "أمير الشعراء" على قناتي الإمارات وبينونة من مسرح شاطئ الراحة، وتسجل أضخم مسابقة تلفزيونية عربية للشعر الفصيح في نسختها الجديدة اول حضور قوي وملحوظ للشاعرات العربية وفارسات الكلمة. وبإنتاج وتنفيذ من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية. وأربعة قصائد ألقاها شاعران وشاعرتان أمام النقاد أعضاء لجنة التحكيم الذين كانوا حاسمين في النتيجة، ومنحوا المشاركين الدرجات التي وجدوا أنهم يستحقونها. وأعلى الدرجات وهي 28 درجة من أصل 50 كانت من نصيب الشاب القادم من أرض النيل حسن عامر، و24.2 درجة لناصر الغساني ابن سلطنة عمان، و24 درجة لابنة فلسطين آلاء القطراوي، فيما منحوا 23 درجة للطيفة الحساني من الجزائر. ومع تأهل حسن عامر إلى المرحلة الثانية، سيبقى الشعراء الثلاثة أسبوعاً بانتظار نتائج تصويت الجمهور التي ستعلن بداية الحلقة الثانية وستكون من 50 درجة أيضاً، حيث اثنان فقط من أصل ثلاثة سيتأهلان إلى المرحلة التالية. كيف لنا أن ننسى الموعد مع "أمير الشعراء".. أمير الكلمة والمعنى.. فلا شيء يعادل لغتنا العربية الفصحى بما تكتنز من مفردات وصور وتراكيب ومشهدية، وبما تحمل من جمال ورقي وإعجاز ومجاز. والثلاثاء كان ملايين الناطقين بالضاد العاشقين للشعر بانتظار الشعراء العشرين الذين وصلوا إلى "شاطئ الراحة" في أبوظبي مدينة الضوء والحب، ولا شيء يعادل فرحهم بما وصلوا إليه، واعتزازهم باحتفاء لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بهم وفي مقدمتهم رئيس اللجنة اللواء ركن طيار فارس خلف المزروعي الذي حضر وتابع إبداعات الشعراء، وهم الذين انضموا إلى قوافل الشعراء الذين عاشوا تجربة "أمير الشعراء" على مدار ستة مواسم، وها هم شعراؤنا في هذا الموسم يدخلون أجواء التنافس، حيث سيكونون تحت الضوء مُبددين كل ظلمة. عشرة شعراء وعشر شاعرات عليهم خوض المسابقة التي نجحت في تكريس اسمها وأهدافها، وتمكنت من إعادة الحيوية والحماسة إلى الأجواء العامة للشعر وإلى حياة الشعراء، لتبعدهم عن الرتابة والرسمية. أعذب الكلام في حب الإمارات بحضور أعضاء لجنة التحكيم د.علي بن تميم، د.صلاح فضل، ود.عبدالملك مرتاض، وجمهور مسرح "شاطئ الراحة"، تمكّن الإخراج الجديد لـ"أمير الشعراء" من فرض أجواء سحرية، أكملتها بلقيس بافتتاحها موسماً جديداً من مواسم أعذب الكلام، فغنت للإمارات.. تألقت.. واحتفت بكلمات القصيدة التي غنتها. وافتتحت النجمة الشابة بلقيس المسابقة بأغنية وطنية تتغزل بحب الامارات. أما مقدما الموسم المذيع محمد الجنيبي، والإعلامية والشاعرة د. نادين الأسعد، فقد تألقا على المسرح وأضافا المزيد من البهاء إليه حين أعلنا عن الشعراء العشرين الذين يمثلون اثني عشر دولة، وهم: علي عبدان الشامسي من الإمارات، وناصر الغساني من سلطنة عُمان، ومن الأردن عبلة غسان جابر، قيس طه محمد قوقزة، وردة سعيد يوسف، ومن تونس هندة بنت حسين محمد، ومن الجزائر آمنة حزمون، ولطيفة حساني، ومن سوريا إباء مصطفى الخطيب، ومرام دريد النسر، وسيكون في المنافسة كذلك عمر عناز وأفياء الأسدي من العراق، ومن فلسطين آلاء القطراوي. كما تأهل من مصر حسن عامر، وليد الخولي، وهاجر عمر، ومن السعودية طارق صميلي، وإياد أبو شملة حكمي، بالإضافة إلى نوفل سعيد عبدالرزاق السعيدي من المغرب، وشيخنا حيدرا من موريتانيا، والفائز بينهم سينال لقب "أمير الشعراء" وبردة الشعر وخاتمها، وشهادة ووساماً، بالإضافة إلى ديوان مطبوع ومسموع، ومليون درهم. عشر شاعرات في الموعد وقبل إلقاء الشعراء الأربعة قصائدهم، قال د. علي بن تميم إن ما يميز الموسم السابع أنه بدأ مع موسم هطول المطر على أبوظبي، عساه يجلب الدفء إلى القلوب والبيوت، أما حضور عشر شاعرات في هذا الموسم فهو أمر يمثل لحظة فارقة فيه، بعد مرور عشرة أعوام من انطلاق البرنامج. واعرب عن أمله بجيل الشعراء الشباب الذين يحصلون على تشجيع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، من خلال مسابقة عربية ذائعة الصيت تؤسس لفعل ثقافي مختلف. وتمنى فضل التوفيق للشاعرات وفوز إحداهن باللقب، واعتبر أن كفة المشاركة متعادلة بين الشعراء والشاعرات، لكن الأمر يتوقف على إلهامهن، وعلى تمثيل المرأة شعرياً بشكل حقيقي. فلسطين قلب المعنى آلاء قطراوي كانت الأولى التي ألقت شعرها على مسامع جمهور شغوف بالثقافة، وقبل نص المسابقة قالت: نموتُ فتولَدُ عنقاءُ صبرٍ وحين نشَيَّعُ نزدادُ عزّا وحين نضمُّ رضيعاً شهيداً نرى في الرصاصِ ارتجافاً وعَجْزَا وحينَ نحبُّ نحاصِرُ حرباً ونملأ متنَ المحبّينَ غمزْا ثم أنشدت "يتحسسُ المعنى بقلبه".. نص التفعيلة الذي تجاوز المألوف شكلاً، وقالت في مطلعه: قُطِعَتْ يداهُ ولم يزل يتحسسُ المعنى بقلبِهْ لا شيءَ يرسلُ نورهُ حتّى يرى، لا فتحةُ الشباكِ ظاهرةٌ ولا وَلَهُ الشموعِ يثيرُ أيَّ رصاصةٍ كي تسْكتا قُطِعَتْ يداه ولم يزل يتحسسُ المعنى بقلبهِ إذ حاولَ الإمساكَ بالدرج المعلق لم يجد يدهُ، وأسقطهُ الفراغُ بقوةٍ كتصدعِ الجبل الذي لم يحتملْ موتَ الذين يحبهم في كهفهِ د. صلاح فضل رأى أن آلاء واحدة من بنات هذا الجيل اللائي يحملن على أكتافهن عبء المأساة الثقيل، وهي التي عرفت كيف تجسد فلسطين التي يكاد يهجرها العالم عبر أيقونة شعرية، فالشعر وحده يضخ الدم حاراً في عروق تلك القضية بوجود آلاء وأمثالها، وفي النص قدمت الشاعرة رؤية للإصرار التاريخي العنيد وجسدت المأساة عبر روح الفن والإبداع، وبالقدرة على التمثيل الجمالي، لتنتهي بإيقاع الحب الذي سيحفظ جوهرة فلسطين. وقال د. علي بن تميم إن آلاء مبدعة حين رسمت في القصيدة فتى يواجه ظلماً وتجربة قاسية في وجه المحتل، مضيفاً أن الحديث عن الفتاة من منظور الفتى إشكالي، والحديث عن الفتى من منظور الفتاة أيضاً، حيث تتضخم نظرة أحدهما إلى الآخر. الا انه اعتبر ان الشاعرة متأثرة بمحمود درويش شكلاً ومضموناً، وغلّبت العاطفي على الشعري في نصها الذي يشكو قلة في الاتساق. فيما رأى د. عبدالملك مرتاض أن من عادة الشعراء الجدد أن يضعوا عنواناً من خارج نصوصهم، وهو ما لم تفعله آلاء، كما أشار إلى أن اللازمة والتكرار أساءا للنص الجميل الذي يحمل قيمة فنية وذاتية كثيرة، ناقداً وصفها أنها تعبت من وطنها. تيه الأسئلة ناصر الغساني وبلغته الشعرية الراقية، بدأ بأبيات ثلاثة مفتتحاً مشاركته: ومُذْ غِبْتُ في طُورِي وروحي وحِيدَةٌ كَنَهْرٍ على جَدْبِ السؤالِ تَسِيلُ بلا قَبَسٍ قَدْ تُهْتُ يا ربُّ دُلَّنِي فَمَا لاحَ في هذا الظَّلامِ سَبِيلُ أُطَارِدُ في المعنى سَرَابًا وكُلَّمَا لَمَحْتُ هُدَىً دَرْبِي أَرَاهُ يَطُولُ ثم ألقى "سفر في التيه"، وعن العنوان قال د. مرتاض إنه سريالي جميل، وشعر بذاته، فالشخصية تسافر في عالم مجهول لتنتهي إليه.. مستعرضاً بعض أبيات القصيدة التي تحمل صوراً فنية عميقة ورشيقة. واعتبر ان القصيدة بمجملها مشغولة بالحيرة والقلق والاضطراب، وتحمل بعداً فلسفياً صاغه ناصر شعرياً بشكل جميل. ومما جاء فيه: رَفَعْتُ كأسَ اصْطِبَارِي نخبَ ما تَرَكَتْ في الروحِ دُنْيَايَ من حُبٍّ وسَوْءاتِ ما زلتُ أَحْمِلُ عُمْرِي مَحْضَ أُغْنِيَةٍ مَصْلُوبَةِ اللحنِ في كُلِّ المَقَامَاتِ ما آنَسَ الجُرْحُ في هذا الطريقِ سوى نَجْمٍ بعيدٍ ويُفْضِي للمفازاتِ يا رَبُّ خُذْنِي مَسِيحاً هذهِ رِيَبٌ أَخَافُ أَغْرَقُ في بحرِ الغِواياتِ د. بن تميم رأى أن أجمل ما في القصيدة "النزارية" الأسئلة، والتيه في صحرائها، فهي تكشف عن أسئلة في الغياب وتبحث عن الذات، وصور الشاعرً صبره كصبر الأنبياء، متماهياً في لحظة مثقلة بالمعاناة مع المسيح. أما د. فضل فقد اختلف مع د. بن تميم، ورأى أن النص خيّاميّ بامتياز، وفيه شجاعة شعرية وبلاغة، وربما هو تعبير عن تجربة شخصية، لكنه توقع أن يستخدم ناصر الرباعايات لأنها الأنسب للنص الذي يبدأ بالشك، ثم يذهب إلى لغة صوفية. فراشة وفلسفة مع أبياتها الثلاثة قدمت لطيفة حساني لحضورها، إذ قالت: من قبل ميلاد أغاني الهوى غنى مواويلي شموخ النخيلْ لي حكمة الأمواه في كنهها سرٌ سماويٌ من المستحيل مريمُ تسمو بي إلى ظلها حيث اتحدنا في الخلود النبيل أتبعتهم بنصها "فلسفة الفراشة" الذي ختمته بأبياتها: ريح تدون سيرة الناي اليتيم وسُكـٌر الذكرى يجسٌ المعنى وأذوب فيك كما تذوب سمات تيريزا ابتساماتٍ بوجه فيٍـينَّا ألفيتُ فلسفة الفراشة رقصة لا تدخل الأسرار حتى تفنى د. مرتاض أكد أن الإلقاء فن مهم كالشعر لكن لطيفة لم تبرع به، في حين مان العنوان جميلاً جداً، كون الفلسفة تنتقل إلى الفراشة، وتلك لفتة خيالية، كما تمنى لو أن لطيفة لم تكن ذاتية كثيراً في نصها، واختارت بحراً لا يجعل قوافيها قلقة. فيما طلب د. فضل من لطيفة أن تدخل الشعر من مداخل أيسر، ومع أنها من جيل التعريب في الجزائر ولم تدخل المدرسة إلا قليلاً، لكنها تمكنت من كتابة نص قوي، ونصحها بألا تحاول بناء الصور بكثير من التعسف، فليس كل مَجاز قادر على بناء صورة شعرية. ومع أن القصيدة حاولت رسم عالم افتراضي، إلا أن ثمة لمحات جميلة ظهرت فيها، وهو ما أشار إليه د. بن تميم، إلى جانب وجود شخصيتين، بلقيس التي ألمحت إليها لطيفة بشكل مضمر ورائع ربطته بما جاء في القرآن، والملكة تيريزا المقحمة والتي تتعارض مع رومانسية القصيدة. للنيل رواية قبل إلقائه "فيما رواه النيل" قدم حسن عامر ثلاثة أبيات جاء فيها: لي أن أطلَّ من القصيدةِ مُلْقياً للمنكرينَ نبوءتي ألواحي كفايَ سنبلتانِ أخبزُ ضحكتي للذائبين أسىً وأسكبُ راحي قبلَ اعتلاء النجمِ عرشَ ضيائه علَّقتُ في سقفِ السما مصباحي ثم تلا نص المسابقة، ومما جاء فيه: كيف نما ذئبُ الحرائقِ حتى صارَ أسطولا وحدي أطلُّ على التاريخِ مُنْفَطِرًا ولم يزلْ يعتلي قابيلُ هابيلا ولم أزلْ مُمْسِكًا بالنايِ رُبَّ غدٍ يعيدُ في صاحبي الإنسانِ ما اغتيلا من عذوبة النيل وتدفقه الحاني أبدع حسن آيات بليغة كما قال د. فضل، فكاد ينشئ صورة النيل بمواويل وخلاخيل، ويقف وقفة جميلة جداً تميزه عن سواه ممن تغنى بالنيل، ولهذا جاء شعره قنديل حضارة، ولغته مجنحة تطرد روح الشر. د. بن تميم قال إن حسن سكب أنخاب الراح فأدارها وأسكرنا، ومع أن العنوان ملتبس، إلا أن النص رومانسي يبحث عن الصفاء وذهب الزمن الجميل، كما فعل جبران. فالنص راوح بين البساطة بلغتة الرشيقة والأخيلة، وبين تبسيط الأسئلة التي عطلت الشاعر عن استدعاء القصائد التي كتبت عن النيل الذي لم يغص فيه. فيما وجد د. فضل في النص لغة طافحة بالشعرية، وإيقاعاً رصيناً، وسكوناً متموجاً، فبعيداً عن دموية الإنسان، نحن بحاجة إلى شعر يتغنى بالتسامح والحب وقبول الآخر. وختم د. مرتاض بأن الشاعر أروى شعره بماء النيل، وقدم صوراً شعرية رائعة كنصه الذي يذكّر السامع بأحمد شوقي. نجوم وشعر واستضاف البرنامج نجمين من الموسم السادس لمجاراة بعضهما بقصيدة عن أبوظبي، مصعب بيروتية من "أمير الشعراء"، وعبدالمجيد الذيابي من "شاعر المليون". كما عرض البرنامج عدة تقارير مصورة، لكل من أعضاء لجنة التحكيم الذين تحدثوا عن الشعر والشعراء و"أمير الشعراء" الذي يقترح رؤية جديدة في تقديم الشعر العربي الفصيح، وللشعراء العشرين أثناء زيارتهم مدينة مصدر، وللمشاركين في حلقة ليلة أمس كذلك.

مشاركة :